الثلاثاء 14-05-2024

نيويورك تايمز: إسرائيل تقف وراء اغتيال كبير علماء الذرة الإيرانيين محسن فخري زادة

×

رسالة الخطأ

موقع الضفة الفلسطينية


نيويورك تايمز: إسرائيل تقف وراء اغتيال كبير علماء الذرة الإيرانيين محسن فخري زادة

ثلاثة من مسؤولي المخابرات يقولون للصحيفة إن القدس مسؤولة عن اغتيال محسن فخري زاده وإيران تتوعد "بالانتقام الشديد" لاغتياله


أفادت صحيفة “نيويورك تايمز” نقلا عن ثلاثة مسؤولين استخباراتيين لم تذكر أسماءهم أن إسرائيل هي المسؤولة عن اغتيال العالم النووي الإيراني محسن فخري زادة يوم الجمعة.

جاء التقرير بعد أن وجه عدد من المسؤولين الإيرانيين أصابع الاتهام إلى اسرائيل في اغتيال عالم الذرة الذي حددته إسرائيل ومسؤولو مخابرات غربية باعتباره الشخصية الرئيسية في برنامج الأسلحة النووية الإيرانية.

وذكر تقرير “نيويورك تايمز” أنه لم يتضح مدى معرفة واشنطن بالهجوم، إلا أنه أنه أشار إلى أن إسرائيل والولايات المتحدة تعملان معا عن كثب بشأن القضايا المتعلقة بإيران.

إيران لم تعترف قط بامتلاكها برنامج أسلحة نووية، رغم أن إسرائيل والدول الغربية ترفض مثل هذا النفي. على الرغم من أن إيران جمدت ظاهريا جميع عمليات التطوير النووي كجزء من اتفاقها لعام 2015 مع القوى العالمية، إلا أن إسرائيل قالت إن فخري زادة واصل سرا العمل على تطوير الأسلحة وكان سيكون شخصية رئيسية في أي مسعى إيراني للقنبلة.وقال مسؤول إسرائيلي لم يذكر اسمه لهيئة البث الإسرائيلية “كان” يوم الجمعة إنه “بدون فخري زادة سيكون من الصعب للغاية على إيران أن تتقدم في برنامجها النووي العسكري”.


تظهر هذه الصورة التي نشرتها وكالة أنباء فارس شبه الرسمية موقع مقتل محسن فخري زاده في مدينة أبسرد الصغيرة شرقي العاصمة طهران، 27 نوفمبر، 2020. تم تشويش أجزاء من الصورة لأنها قد تكون تضم مشاهد صعبة. (Fars News Agency via AP)

مقتل فخري زادة هو الأحدث في سلسلة اغتيالات لعلماء نوويين في إيران، وفي السنوات الأخيرة ألقت الجمهورية الإسلامية باللوم فيها على إسرائيل. وأشارت التغطية التلفزيونية الإسرائيلية إلى أن اغتيال يوم الجمعة كان أكثر تعقيدا من الحوادث السابقة.

في واشنطن، قال مسؤول لشبكة CNN إن الإدارة الأمريكية تتابع عن كثب عملية الاغتيال، التي “ستكون أمرا جللا”.

في مقابلة مع شبكة “فوكس نيوز” في وقت سابق من هذا الأسبوع، أشار وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو إلى أن “الأدوات الحقيقية لصنع سلاح نووي هي القدرات والأشخاص الأذكياء والمال. هذه هي الأشياء التي تساعدك على بناء برنامج أسلحة نووية”.

وذكرت تقارير أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد درس في وقت سابق من هذا الشهر  استهداف البرنامج النووي الإيراني، لكن ورد أنه أُقنع بالعدول عن مثل هذه الخطوة، إلا أن تقريرا نُشر في وقت سابق من هذا الأسبوع قال إن الجيش الإسرائيلي كان يستعد لاحتمال أن يأمر ترامب بمهاجمة إيران قبل ترك منصبه في يناير.


وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو يستمع لوزير الخارجية غابي أشكنازي (لا يظهر في الصورة) بعد إحاطة أمنية حول جبل بنتال في مرتفعات الجولان، 19 نوفمبر، 2020. (AP Photo / Patrick Semansky، Pool)

وقال نائب مساعد وزير الدفاع الأمريكي السابق للشرق الأوسط، باتريك مولروي، لصحيفة “نيويورك تايمز” إن فخري زادة كان “أكبر العلماء النوويين لديهم ويُعتقد أنه مسؤول عن برنامج إيران النووي السري”.

كما أنه كان ضابطا كبيرا في الحرس الثوري الإيراني، وسيزيد ذلك من رغبة إيران في الرد بقوة.

في عام 2008، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على فخري زادة  بسبب “الانخراط في أنشطة ومعاملات ساهمت في تطوير البرنامج النووي الإيراني”، وقد وصفه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بأنه أبو برنامج الأسلحة النووية الإيراني.

وامتنعت إسرائيل عن التعليق على الفور على مقتل فخري زادة، الذي خصه نتنياهو بالذكر ذات مرة خلال مؤتمر صحفي حول برنامج الأسلحة النووية الإيراني، قائلا: “تذكروا هذا الاسم”.

وبحسب القناة 12، لم يكن فخري زادة “أبي برنامج الأسلحة النووية الإيراني” فحسب، بل كان الرجل مصمما على ضمان “تسليم القنبلة” لنظام آيات الله، وأضافت أنه كان أيضا خبيرا في الصواريخ الباليستية، وشارك عن كثب في تطوير الصواريخ الإيرانية.

ووقعت عملية الاغتيال في أبسرد، وهي قرية تقع شرقي العاصمة وتُعتبر منتجعا للنخبة الإيرانية. وقال التلفزيون الرسمي الإيراني إن شاحنة قديمة كانت بها متفجرات مخبأة تحت حمولة من الخشب انفجرت بالقرب من سيارة أقلت فخري زادة.

وقالت وكالة “تسنيم” شبه الرسمية للأنباء أنه مع توقف سيارة فخري زادة ظهر خمسة مسلحين على الأقل وهاجموا السيارة بإطلاق نار سريع. وذكرت تقارير تلفزيونية إسرائيلية ليلة الجمعة أن المسلحين أصابوا فخري زادة بجروح قاتلة وقتلوا بالرصاص ثلاثة من حراسه الشخصيين قبل الفرار من المكان.

وتم نقل فخري زاده بطائرة مروحية وتوفي في المستشفى بعد أن عجز الأطباء والمسعفون عن إنقاذه.


تظهر هذه الصورة التي نشرتها وكالة أنباء فارس شبه الرسمية موقع مقتل محسن فخري زاده في مدينة أبسرد الصغيرة شرقي العاصمة طهران، 27 نوفمبر، 2020. (Fars News Agency via AP)

وأظهرت صور ومقاطع فيديو تمت مشاركتها عبر الإنترنت سيارة من طراز “نيسان” تظهر ثقوب الرصاص على زجاجها الأمامي والدماء متجمعة على الطريق.

وأشار مسؤولون إيرانيون كبار في وقت سابق إلى إسرائيل باعتبارها الجاني المحتمل.

وزعم وزير الخارجية محمد جواد ظريف أن هناك “مؤشرات جدية على دور إسرائيلي” في الاغتيال.

وكتب ظريف على “تويتر”، “قتل إرهابيون عالما إيرانيا بارزا اليوم. هذا العمل الجبان – مع مؤشرات جدية لدور إسرائيلي – يظهر نوايا عدوانية يائسة لدى المنفذين”، ودعا المجتمع الدولي “إلى الكف عن معاييره المزدوجة المعيبة وإدانة عمل إرهاب الدولة هذا”.

ووجه حسين دهقان، مستشار المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي والمرشح الرئاسي في انتخابات إيران 2021، تحذيرا عبر “تويتر”.


وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف يتحدث في اليوم الثاني من مؤتمر ميونيخ للأمن في ميونيخ، ألمانيا، 15 فبراير، 2020. (AP Photo / Jens Meyer)

وكتب دهقان، مشيرا على ما يبدو إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، “في الأيام الأخيرة من الحياة السياسية لحليفهم المقامر، يسعى الصهاينة إلى تكثيف وزيادة الضغط على إيران لشن حرب شاملة”، وأضاف “سننزل كالبرق على قتلة هذا الشهيد المظلوم ونجعلهم يندمون على أفعالهم!”

ووصف التلفزيون الحكومي فخري زادة بأنه “أحد علماء الذرة في بلادنا” وقال إنه كان لدى إسرائيل “عداوة قديمة وعميقة تجاهه”.

ووصف رئيس أركان القوات المسلحة الإيرانية اللواء محمد باقري مقتل فخري زادة بأنه “ضربة مريرة وثقيلة لمنظومة الدفاع في البلاد” وحذر بأنه سيكون هناك “انتقام شديد” ممن يقفون وراءه عملية الاغتيال، متهما “الكيان الصهيوني الخبيث بارتكاب العمل الوحشي”.

وكتب باقري على “تويتر”، “نؤكد [للإيرانيين] بأننا لن نرتاح حتى نطارد ونعاقب” المتورطين.

وبعث القيادي في منظمة “حزب الله” قاسم نعيم تعازيه إلى إيران، وقال إن “الرد على هذه الجريمة بيد إيران. إنها مسألة شرف”.

وأضاف: “هذا العمل جزء من الحرب على إيران والمنطقة وعلى فلسطين”.

ويأتي اغتيال فخري زادة قبل أقل من شهرين من تولي جو بايدن منصبه كرئيس للولايات المتحدة. وكان بايدن قد وعد بالعودة إلى الدبلوماسية مع إيران بعد أربع سنوات شهدت سياسة صقورية في عهد ترامب، الذي انسحب من الاتفاق النووي الذي أبرم مع إيران في 2015 وبدأ في إعادة فرض عقوبات شديدة على طهران.

وقال ترامب في ذلك الوقت إن الاتفاق، المعروف رسميا باسم “خطة العمل الشاملة المشتركة”، لا يقدم ضمانات كافية لمنع طهران من الحصول على قنبلة ذرية. ولطالما نفت إيران أنها تريد مثل هذا السلاح.

في يناير، اغتالت الولايات المتحدة قاسم سليماني، القائد القوي ل”فيلق القدس” الإيراني، في غارة جوية على مطار بغداد الدولي، كادت أن تؤدي إلى نشوب صراع أكبر بين البلدين.


أشخاص يحملون نعش القائد الإيراني قاسم سليماني عند وصوله إلى مطار الأهواز الدولي في طهران، 5 يناير، 2020. (HOSSEIN MERSADI / Fars news / AFP)

يوم الجمعة، أعاد ترامب نشر تغريدة نشرها الصحفي الإسرائيلي يوسي ميلمان، الخبير في جهاز المخابرات الإسرائيلي “الموساد”، حول عملية الاغتيال. ووصفت تغريدة ميلمان الاغتيال بأنه “ضربة نفسية ومهنية كبيرة لإيران”.

وقالت إيلي جيرانمايه من المجلس الأوروبي للعلاقات الدولية على “تويتر” إن “الهدف من عملية القتل لم يكن إعاقة البرنامج النووي [الإيراني] بل تقويض الدبلوماسية”.

وأشارت إلى أن الزيارات الرفيعة المستوى التي قام بها مسؤولون أمريكيون لإسرائيل والمملكة العربية السعودية “رفعت أعلاما عن شيء يتم طهيه” من أجل “استفزاز إيران وتعقيد جهود بايدن الدبلوماسية”.

في وقت سابق من شهر نوفمبر، ذكرت صحيفة “نيويورك تايمز”  أن الرجل الثاني في تنظيم “القاعدة” اغتيل سرا في طهران بعد أن أطلق عملاء إسرائيليون على دراجة نارية النار عليه بطلب من واشنطن.

وقُتل عبد الله أحمد عبد الله، المعروف باسمه الحركي محمد المصري، مع ابنته، مريم، أرملة نجل أسامه بن لادن، حمزة، في شهر أغسطس، بحسب “نيويورك تايمز”، نقلا عن مصادر استخباراتية.

وقالت إيران إن التقرير استند على”معلومات ملفقة” وأكدت من جديد نفيها لوجود أي من أعضاء التنظيم في الجمهورية الإسلامية.

وأشارت وكالتا “إيرنا” و”مهر” للأنباء الرسميتان الإيرانيتان في ذلك الوقت إلى حادث مماثل وقالتا إن الضحيتين هما حبيب داوود، وهو أستاذ تاريخ لبناني يبلغ من العمر 58 عاما، وابنته مريم (27 عاما)، دون إعطاء مزيد من التفاصيل.

وتأتي عملية الاغتيال قبل أيام فقط من الذكرى العاشرة لمقتل العالم النووي الإيراني مجيد شهرياري، الذي وجهت طهران فيه بأصابع الاتهام إلى إسرائيل. جاءت عمليات القتل المستهدف هذه إلى جانب ما يسمى بفيروس “ستوكسنت” (Stuxnet)، الذي يُعتقد أنه من صنع إسرائيلي-وأمريكي ودمر أجهزة الطرد المركزي الإيرانية.

وقاد فخري زادة ما يسمى ببرنامج “آماد” أو “الأمل” الإيراني. وزعم إسرائيل والغرب أن البرنامج هو عملية عسكرية تبحث في جدوى بناء سلاح نووي في إيران. ولطالما أكدت طهران أن برنامجها النووي سلمي.


رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يقف أمام صورة محسن فخري زاده ، الذي قال إنه رئيس برنامج الأسلحة النووية الإيراني، 30 أبريل، 2018. (YouTube screenshot)

وتقول الوكالة الدولية للطاقة الذرية إن إيران “نفذت أنشطة ذات صلة بتطوير جهاز متفجر نووي” في “برنامج منظم” حتى نهاية عام 2003. كان هذا هو برنامج “أماد”، الذي تضمن العمل على متفجرات شديدة الانفجار يتم توقيتها بعناية اللازمة لتفجير قنبلة نووية.

وقالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إن إيران أيضا “أجرت نمذجة حاسوبية لجهاز متفجر نووي” قبل عام 2005 وبين عامي 2005-2009. وأضافت الوكالة، مع ذلك، أن هذه الحسابات كانت “غير مكتملة ومجزأة”.

وبحسب القناة 12، سعت الوكالة الدولية للطاقة الذرية منذ سنوات للقاء فخري زادة لاستجوابه بشأن أنشطته، لكن طهران رفضت ذلك مرارا وتكرارا.

في عام 2018، أكد نتنياهو على أن فخري زادة واصل قيادة جهود الأسلحة النووية الإيرانية، على الرغم من الاتفاق النووي الذي تم التوصل إليه في عام 2015 ويهدف إلى منع طهران من تصنيع مثل هذه الأسلحة.

 

وزعم تقرير تلفزيوني إسرائيلي في مايو 2018 أن إسرائيل ربما قررت عدم اغتيال فخري زادة في الماضي لأنها فضلت إبقائه على قيد الحياة ومراقبة ما كان ينوي القيام به.

وقالت القناة 12 يوم الجمعة إن فخري زاده كان “أحد أكثر الأشخاص الذين يحظون بحماية مشددة”، وهو محاط باستمرار بالحراس الشخصيين.

وأفادت القناة أنه على الرغم من التهديدات برد إيراني، لم يتم وضع الجيش الإسرائيلي حتى الآن في حالة تأهب قصوى في أعقاب عملية الاغتيال.

 

انشر المقال على: