الجمعة 26-04-2024

نضال الأسير الفلسطيني داخل السجون الصهيونية

×

رسالة الخطأ

محمد محفوظ جابر

نضال الأسير الفلسطيني داخل السجون الصهيونية

محمد محفوظ جابر

في زمن "الخريف العربي" المظلم...

في زمن الصراع الطائفي داخل الوطن العربي...

وانشغال الأمة العربية في صراعات داخلية...

بعد حرفها بوصلتها عن القضية المركزية "قضية فلسطين"، نرى بصيص ضوء فلسطيني يخرج من أقبية السجون الصهيونية المظلمة ليعيد للقضية بريقها، عبر إضراب الاسرى والاسيرات في سجون الاحتلال الصهيوني.

إن الاسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال هم امتداد لحركة المقاومة الفلسطينية خارج السجون وإن نضالهم هو امتداد للمقاومة وهو نضال مستمر رغم قيود السجن وقساوته.

تاريخياً، لم يتوقف نضال الاسير الفلسطيني على ابواب السجون بل استمر واخترق الابواب وجسد بطولات يضرب فيها المثل بالصمود في التحقيق ومقاومة التعذيب وتقديم التضحيات في مواجهة العدو الصهيوني.

فهناك أكثر من مائتي شهيد من الحركة الأسيرة استشهدوا أثناء التحقيق أو الاضرابات أو بسبب الاهمال الصحي.

إن الإضراب عن الطعام هو أحد الوسائل النضالية للأسرى ضد السجان الصهيوني وهي وسيلة تستخدم في كافة سجون العالم، وكان يضرب المثل بالايرلنديين أنهم اصحاب أطول إضراب في التاريخ.

إلا أن الأسرى الفلسطينيين تجاوزوا الإيرلنديين وأصبح يشار لهم بأنهم اصحاب أطول إضراب عن الطعام في السجون.

هذه الإضرابات أوقفت الكثير الكثير من الممارسات السلبية ضد الأسرى كما أنها حققت الكثير من المطالب في تحسين شروط المعيشة داخل السجون.

وهناك ملفات عديدة لقضايا الاسرى في سجون الاحتلال الصهيوني ومنها:

1_ ملف القانون الدولي:

ويضم هذا الملف قرار الجمعية العامة للامم المتحدة سنة (1973) والذي ينص على:

" إن المقاتلين ضد السيطرة الإستعمارية والأجنبية ونظم الحكم العنصري الذين يقعون في الأسر، يلزم منحهم وضع أسرى الحرب ويراعى أن تتم معاملتهم وفق معاهدة جنيف الخاصة بمعاملة اسرى الحرب الموقعة عام (1949م).

وهناك أيضاً المؤتمر الديبلوماسي المنعقد في جنيف (1977) حول حقوق الإنسان قرر ما يلي:

"اعتبار رجال حرب العصابات وحركات الأنصار الذين ألقي القبض عليهم، جنوداً في قوات مسلحة نظامية ويتم تمتعهم بالحماية التي يتمتع بها هؤلاء الجنود وعدم اعتبارهم إرهابيين أو خارجين عن القانون".

وبناء على ذلك يعامل رجال حرب العصابات معاملة أسرى الحرب.

هذا الملف رغم أهميته في حياة الأسرى داخل السجون الصهيونية إلا أنه لا أحد يهتم به ليفرض على الاحتلال التعامل معهم بصفتهم أسرى حرب ونيل حقوقهم استناداً لذلك.

2_ ملف التعذيب:

إذا أردتهم أن تعرفوا ما هو الإرهاب، عليكم زيارة الأسرى في سجون الإحتلال الصهيوني الذين يتعرضون يومياً للإرهاب وكذلك الشعب الفلسطيني داخل السجن الكبير في الوطن المحتل.

وهناك نوعان من التعذيب:

* التعذيب النفسي.                 * التعذيب الجسدي.

وقد قدمت الحركة الأسيرة أكثر من سبعين شهيداً أثناء التعذيب.

إن المجتمع الصهيوني هو مجتمع عسكري وليس مدني ونعرف جميعاً أن كل فرد في هذا المجتمع هو عسكري، وأيضاً كل فرد في هذا المجتمع العسكري هو مشارك في عمليات التعذيب ضد الأسرى الفلسطينيين ولذلك هو مطلوب للعدالة الثورية ومحكمة الشعب الفلسطيني، فرغم المطالبات الدولية بوقف التعذيب إلا أن "الجمعية الطبية الإسرائيلية" تساند الأجهزة الأمنية في عمليات التعذيب ويشارك بعض الأطباء أيضاً في أوقات التحقيق، ويقدمون تقارير كاذبة ضاربين بعرض الحائط "القسم الطبي" الإنساني الذي أقسموه.

والغريب أن د. يورام بلوخر أصبح رئيس الإتحاد الطبي العالمي رغم أن ملفه مليء بالإتهامات ضده بسبب موقف الجمعية الطبية الإسرائلية التي يرأسها من تأييد لإستخدام اسلوب "الضغط الجسدي المعتدل" ضد الأسرى الفلسطينيين كما أن الأطباء الإسرائيليين يعاملون الأسرى معاملة لا إنسانية واحياناً لا يعالجون المرضى بادعاء أنهم كذابون، والجدير بالذكر أن الحركة الأسيرة قدمت أكثر من خمسين شهيداً بسبب الاهمال الطبي.

ولا بد من الاشارة هنا إلى تورط النظام القضائي في جريمة التعذيب أيضاً:

* فهو الذي يشرع قوانين التعذيب.

* والقضاة هم الذين يصدرون أوامرهم بتمديد فترة التحقيق والتعذيب بينما يشاهدون آثار التعذيب على جسد الأسير ويلتزمون الصمت.

* وهم يصدرون احكاماً عالية ضد الأسير الفلسطيني أحياناً بسبب الأوضاع السياسية والأمنية دون أي علاقة بين الأحكام وبين التهم الموجهة له.

* وهل هناك عدالة في محكمة الأطفال بأنهم ارهابيون؟

وهناك أيضاً تورط شركات تجارية وصناعية في جريمة التعذيب حيث تقوم بتسويق أدوات التعذيب للأجهزة الأمنية ومنها شركات أجنبية مثل (G4S)+(BLACK WATER) تقوم بذلك. وهنا يبرز السؤال التالي:

ألا يعاقب القانون الشخص الذي عرف معلومات عن جريمة ولم يبلغ عنها، لماذا لا تعاقب تلك الشركات وهي تعلم عن الجريمة التي ترتكب بواسطة أدواتهم؟

* الغرامات التي يدفعها الأسرى: هي جريمة أخرى وهي ليست أقل من (15) مليون شيكل سنوياً. يفرضها القضاة على الأسرى.

كما أن المحاكمات تتم في محاكم عسكرية ولأن القضاة  عسكريون فهم منحازون للجيش وليس للعدالة، إنهم ليسوا مستقلون بل مرتبطون برتبهم العسكرية.

ولا بد أن نشير أيضاً إلى تورط العاملين الإجتماعيين في جريمة التعذيب فهم الذين يؤكدون على تجديد العزل للأسير لأن وضعه يتحمل العزل.

3_ ملف الاعتقال الاداري:

يستند الإعتقال الإداري إلى قانون الطوارئ لعام (1945) الذي استخدمته بريطانيا في زمن الإنتداب على فلسطين، وذلك حسب المادة (111) من هذا القانون والتي تنص على:

"يجوز لأي قائد عسكري بأمر يصدره أن يأمر بإعتقال أي شخص يسميه في الامر لمدة لا تزيد عن سنة واحدة في أي مكان اعتقال يعينه في ذلك الأمر".

يطبق هذا القانون العسكري البريطاني الصادر عام (1945) الآن رغم أن العصابات الصهيونية وقفت ضد هذا القانون وتطبيقه قبل إنشاء الكيان الصهيوني.

والآن إذا فشل الجلاد في التحقيق أن يصل إلى إعتراف من الأسير يحوله إلى الإعتقال الإداري ولكن ليس لمدة سنة بل تم رفع الفترة الزمنية إلى ثلاث سنوات ثم طبقت في حالة نادرة مدة خمس سنوات، والأسير في هذه الحالة لا يقدم إلى المحاكمة، لعدم توفر الأدلة لإدانته.

هذا الإعتقال يعتبر نقطة ضعف في بلد يدعى أنه واحة للديقراطية وأكاد اجزم لو تم التركيز عليه فإن العدو الصهيوني سوف يتوقف عن إستخدامه، ولكن ذلك يحتاج إلى حملة قانونية وسياسية دولية.

4_ ملف عمليات تبادل الأسرى:

إن العدو الصهيوني عدو وشرس ولا يفهم لغة الحوار وثبت عملياً أن لغة العنف الثوري هي اللغة المجدية في التعامل معه.

وإنطلاقاً من هذه الأرضية كانت عمليات الاختطاف وتبادل الاسرى هي الأسلوب الفعلي في تحرير الأسرى من السجون الصهيونية.

وكانت المبادرة الأولى للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين حيث نفذت أول عملية تبادل للأسرى في (23/7/1968) فاتحة الطريق أمام الفصائل للقيام بعمليات تبادل أخرى وقد تمت عملية التبادل الأولى إثر اختطاف المناضلة ليلى خالد ويوسف الرضيع طائرة "العال" الصهيونية إلى الجزائر وتم تحرير (37) أسيراً على أثرها.

بعد ذلك تمت الصفقات التالية:

(1971): قامت حركة فتح بتبديل جندي صهيوني روزنفاسر بالاسير الأول لحركة فتح محمود حجازي.

(1979): نفذت الجبهة الشعبية _ القيادة العامة عملية النورس حيث تم تحرير (76) أسيراً.

(1983): تم اخلاء معسكر انصار اضافة إلى (65) أسيراً من السجون الصهيونية مقابل ستة جنود اسرائيليين.

(1985): تمت عملية الجليل التي تحرر فيها (1155) أسيراً مقابل ثلاثة جنود صهاينة.

(1991) بدلت الجبهة الديمقراطية جثة جندي صهيوني مقابل عودة المبعد على ابو هلال إلى القدس.

(1991): أفرجت حركة الجهاد الاسلامي الفلسطينية عن استاذ الرياضيات في الجامعة الأمريكية في بيروت (جيسي تيرنر) في مقابل الافراج عن (15) معتقلاً لبنانياً بينهم (14) من سجن الخيام.

(1996): أطلق حزب الله اللبناني سراح (17) جندياً من جيش لبنان الجنوبي مقابل اطلاق سراح (45) معتقلاً من منظمة حزب الله من معتقل الخيام وذلك بوساطة المانيا.

(1997): أطلقت الحكومة الأردنية سراح عملاء الموساد الذين فشلوا في محاولة اغتيال خالد مشعل مقابل اطلاق سراح الشيخ احمد ياسين.

(2004): صفقة تبادل ما بين حزب الله وحكومة الكيان الصهيوني عبر الوسيط الالماني أفرج بموجبها عن (462) أسيراً فلسطينياً ولبنانياً مقابل ضابط صهيوني ورفات ثلاث جنود.

(2008): أعاد حزب الله جثتي جنديين وسلم تقريراً حول الطيار المفقود رون أراد مقابل إطلاق سراح سمير قنطار واربعة آخرين من حزب الله وتسليم جثث شهداء ورفات مقاتلين فلسطينيين.

(2011): تمت صفقة تبادل بين حماس والكيان الصهيوني وعرفت بصفقة شاليط وتم الافراج عن (1027) أسير فلسطيني مقابل شاليط.

5_ ملف شهداء الحركة الأسيرة:

قدمت الحركة الأسيرة تضحيات جسام في نضالها فهي فاقدة لحريتها نتيجة وجودها في السجون وهي فاقدة لشبابها نتيجة لقضاء زهرة شبابها من السنين داخل المعتقلات والسجون.

ولكنها أيضاً قدمت أرواحها ثمناً للحرية والإستقلال فقد استشهد منذ عام (1967) وحتى الآن (202) مناضلاً اسيراً منهم:

(70) شهيداً تحت التعذيب.

(74) شهيداً تم اعدامهم بعد الاعتقال وأكبر مثال على ذلك أبطال عملية باص (300).

(51) شهيداً بسبب الاهمال الطبي.

(07) شهداء نتيجة اقتحام السجون واستخدام القوة.

أمام هذا الواقع المأساوي للأسرى في السجون الصهيونية ما العمل؟

أولاً: حملة اعلامية وسياسية حول التعامل مع المعتقل الفلسطيني أسير حرب وليس سجين.

ثانياً: حملة اعلامية وسياسية ضد الاعتقال الإداري والمطالبة بوقف استخدامه.

ثالثاُ: العمل على أن تصبح قضية الأسرى قضية دولية والمطالبة بالافراج عن جميع الأسرى.

رابعاً: الاستمرار في عمليات خطف الجنود واجراء عمليات التبادل.

   

                                                                                                                            

انشر المقال على: