نحو 800 ألف مهاجر صهيوني يرحلون بحثا عن استقرار وانتعاش اقتصادي…
كشفت القناة العبرية العاشرة الليلة قبل الماضية أن هجرة "الإسرائيليين" الشباب للعالم تتزايد نتيجة عدة اعتبارات أهمها البحث عن أفق اقتصادي جديد وعن مكان لا يسمعون فيه صافرات الإنذار.
وكشفت القناة العاشرة استنادا لمصادر رسمية أن هناك نحو 800 ألف "إسرائيلي" غادروا ووجدوا لهم مأوى دائما في دول العالم معظمهم من الشباب والعلمانيين.
وقدمت القناة العاشرة، في اطار تقريرها، فرقة موسيقية أسسها مهاجرون "إسرائيليون" تدعى «شمامل» ووضعت أغنية راب عنوانها «برلين» تم تصوير مشاهدها في أربع قارات. وكلمات الأغنية كافية لتعكس المزاج السائد في أوساط الشباب "الإسرائيلي" وتلقي الضوء على دوافع تركهم للبلاد غير آبهين بالصهيونية.
وبخلاف الماضي، يجاهر هؤلاء الشباب بذلك دون خجل. وتقول الأغنية بالعبرية ما معناه: «لأجل ماذا نبقى هنا .. يسألون في كل مكان.. يمكننا استقلال أول طائرة وتنفس الصعداء، الجواب قاسيا وليس سهلا.. الجارة تقطن في لوس انجليس منذ 15 سنة وتمتدح الذهاب وبدون ندم .. كل عائد من خلف البحار يحدثني كم هو جميل هناك .. برلين برلين وإن نسيت يدي اليوم سآتي اليك يا من تنتظرين، رائحة اليورو والسلام والنور… جدي وجدتي لم يأتيا لـ"إسرائيل" بحثا عن الصهيونية فقط.. بل هربا من الموت والآن فهما بأنها ليست حياة.. يفضلوننا بعيدين على البقاء فقراء… لا هذا هروب أدمغة وليس هروبا مريحا.. هذا هروب مع الأرجل، كي يبقى رأسنا مرفوعا فوق وجه الماء، وحتى أبونا يعقوب هرب لمصر حيث أجرة المسكن أقل بثلثين والراتب ضعفان..».
والأغنية التي تم تسجيلها وتصويرها في برلين، ونيويورك وسدني ولندن من تأليف درور فايدمان، الذي يوضح أنه أنجزها في تشرين الثاني/نوفمبر 2013 لكنه أعاد توزيعها وبثها باليوتيوب حازت على عشرات آلاف «اللايكات» في غضون يومين. ويقول إنه اعتبر فترة ما بعد الجرف الصامد» وهو الاسم الذي تطلقه دولة الاحتلال على عدوانها الأخير على قطاع غزة الذي خلف اكثر من 2200 شهيد وما يزيد عن 11 الف جريح، وقتا مناسبا لإعادة بثّها بعدما لاحظ عيش "الاسرائيليين" حالة ذعر وتوتر وفقدان الكثيرين الأمل والحلم الذي كنا جميعنا نحلم به في «أرض الميعاد» فأراد الكثير منا الخوض في تجربة العيش مغتربين ودون سماع صفارات الانذار ودون التعرض للخطر الدائم.
وردا على سؤال موقع «واللا» الإخباري العبري يشير فايدمان أن الأغنية ولدت على خلفية تزايد الحديث في "إسرائيل" عن الهجرة لافتا إلى سماعه الكثير من قصص المهاجرين قبيل اتخاذه القرار بترك "إسرائيل" ويضيف «حدثني صديق عاد من كاليفورنيا وقال: هناك يعيشون جيدا وفكرت باصطحاب بناتي والسفر لفترة وبعدها سمعت جارتي العائدة من الولايات المتحدة بعد مدة طويلة تقول: أنا فاتني القطار أما أنتم الشباب فلا أولاد لديكم فماذا تفعلون هنا؟.. طيروا للولايات المتحدة. وتكررت هذه القصص حتى خلت أنني الوحيد الباقي هنا في البلاد. وبالبداية أضحكني التفكير بأن برلين تحولت إلى القدس المعكوسة التي صار "الإسرائيليون" يحلمون بها.
ويتابع القول «قبلت مقترحا بمرافقة عشرين شابا "إسرائيليا" قرروا الرحيل إلى برلين بشكل جماعي لتسهيل الانتقال ولكن عندها أدركت أنه طبيعي جدا أن يبدل المرء شقته ويغير دولة بحثا عن حياة أفضل لهم ولأولادهم وهناك من ينتقل من "تل أبيب" إلى حيفا وهناك من يرحل الى امستردام أو لندن. المهاجرون "إسرائيليون" لكنهم يقيمون بمكان آخر».
ويعبر فايدمان (31 عاما) عن خيبة أمل أوساط شبابية كبيرة في "إسرائيل" خرجت للشوارع في 2011 مطالبة بخفض مستوى المعيشة وبإجراء إصلاحات اقتصادية- اجتماعية وكانت تنتظر من حزب الطبقة الوسطى يش عتيد ( يوجد مستقبل) أن يفي بوعوده الانتخابية لكن دون جدوى رغم مرور عام ونصف على الانتخابات.
ويتابع «تنبهت الى أنني وأصدقائي عاجزون عن اقتناء شقة واستهوتنا الحياة في برلين، و"الإسرائيلي" المهاجر لألمانيا لا يختلف عن الإيطالي المهاجر لبريطانيا فالهجرة الاقتصادية تطال كل العالم وينبغي قبولها». ويوضح أنه كتب أغنيته «برلين» ولحنها وأن عددا كبيرا من "الإسرائيليين" رغبوا بالمشاركة بها لافتا الى أنه أجرى محادثات كثيرة معهم وسمع منهم شروحات حول دوافع هجرتهم. وأضاف «ما يجمعهم هو أنهم "إسرائيليون" لكنهم يقيمون في دولة أخرى وهذا ليس شأن يسار أو يمين أو دين إنما حدس إنساني بمعرفة المكان الأفضل للحياة مكان يكفيك راتبك حتى نهاية الشهر».
وهذا ما قاله ايضا للقناة العاشرة شاب "إسرائيلي" غادر الى لندن حيث يقيم اليوم نحو 80 ألف "إسرائيلي" لافتا لانحسار رفض الفكرة واتساع عدد المستعدين لتقديم المساعدة للمهاجرين.
وذكرت القناة العاشرة التي قدمت التقرير للتحذير من خطر تنامي الهجرة، أن الظاهرة باتت واسعة وشرعية وتتم علانية دون خجل بخلاف الماضي.
يشار الى أن هناك موقعا عبريا ضخما على الشبكة عنوانه غادر إسرائيل «leaveisrael»، يشكل منبرا ودليلا للمهاجرين "الإسرائيليين" وللتعاون في ما بينهم وفيه يستخلص من قراءة شهاداتهم أن أوساطا منهم غادرت هربا من الفرض الديني وغلاء المعيشة والتوترات الأمنية
وتختتم القناة العاشرة بالقول أن رئيس الحكومة الراحل "اسحق رابين" نعت المهاجرين بـ «ضعفاء النفوس» .. من الصعب والمؤسف مشاهدة "إسرائيليين" يتركون البلاد».
في المقابل تسبب العدوان "الاسرائيلي" على غزة بأوجاع رأس للـ"إسرائيليين" في أوروبا يرجح أن تحتاج لشهور وأكثر حتى تنتهي في ظل ازدياد النظرة السلبية لهم من قبل المحليين.
وتقول ياسمين دروكر، صحافية "إسرائيلية"، على صفحتها على الفيسبوك إنها عادت للتو من برلين بعد زيارة ابنها الطالب الجامعي ولاحظت أن الألمان غاضبون جدا من "إسرائيل" على زرعها دمارا مهولا في غزة منوهة لتصاعد التوتر بينهم وبين إسرائيليين مغتربين بل لدى اليهود أنفسهم بين مؤيد ومعارض للحرب. وتتابع «روى لي أصدقاء كثر أنهم أوقفوا روابط اجتماعية على خلفية هذه التوترات».