الجمعة 03-05-2024

مصير مجمع المهن الحرفية في القدس القديمة ؟

×

رسالة الخطأ

محمد خضر قرش – القدس

مصير مجمع المهن الحرفية في القدس القديمة ؟
محمد خضر قرش – القدس
منذ ما يزيد على الثلاث سنوات نشر في هذه الزاوية (الصفحة الاقتصادية) مقالا حول النية لتحويل البازار التجاري في القدس القديمة والمملوك لعائلة مقدسية عريقة إلى مطاعم حيث بيًنا بأنه خاسر ماليا ومضر وطنيا وغير مجدي اقتصاديا، وبفعل الضغوط الواسعة والمستنكرة والحملة في الشارع المقدسي والتي بلغت مسامع البنك الإسلامي للتنمية والذي كان سيساهم في عملية التمويل(الصيانة والترميم) تم إلغاء فكرة تحويله إلى مطاعم لكون أن معظم روادها سيكونون من غير الفلسطينيين. وقد اضطرت الشركة المستأجرة للمكان بوقف المشروع وخاصة بعد أن طرح اقتراحا مجديا اقتصاديا ومن شانه إنعاش اقتصاد البلدة القديمة ويتمثل بإنشاء مجمع للمهن الحرفية في عين المكان نظرا لأن مساحة البازار تقدر ب750 مترا مربعا. وقد استجابت الشركة لمضمون ما جاء في المقال ثم أتبعناه بمقال ثانِ شكرنا فيه الشركة على استجابتها للضرورات الاقتصادية وتقديرها لأوضاع البلدة القديمة. وبعد ذلك تم عقد لقاءات مع بعض أعضاء مجلس إدارة الشركة المعنية في كل من القدس ورام الله وقدمنا لهم دراسة حول واقع المهن الحرفية فيها وسبل حمايتها والتي سبق وأعدت لمعهد ماس في النصف الثاني من العام 2012. ومنذ ذلك الوقت والمقدسيون ينتظرون بفارغ الصبر مشاهدة خطوات وإجراءات ميدانية وعملية للمباشرة لكن دون جدوى.كما تمت مناقشة الفكرة في المؤتمر السياحي الذي عقد في القدس عام 2014 وحضرته وفود عربية من الخارج لكن ذلك لم يؤدِ إلى تحريك الموضوع.وكان وفقا للمخطط أن يعقد مؤتمرا ثانيا في العام التالي له (2015) لكنه لم يعقد ولم تذكر الحيثيات أو الأسباب المبررة لعدم انعقاده كما هي العادة لدينا هنا في فلسطين.وقد حصل لاحقا تعارفا بين كاتب هذه السطور ومؤسسة غير ربحية يطلق عليها أسم "التجمع السياحي المقدسي" وتم عقد أكثر من اجتماع مع المعني بمتابعة الموضوع والاستفسار عن أسباب تأخير المباشرة. ومن خلال المعلومات التي توفرت سواء من قبل الشركاء أو مصادر قريبة جدا من المالكين تبين ما يلي:
1- أن الشركة المستأجرة للبازار قامت بتأسيس شركة بعنوان "جراند بازار" مملوكة مناصفة بينها وبين صندوق الاستثمار الفلسطيني.
2- صندوق الاستثمار المملوك للشعب الفلسطيني يملك الحصص المؤثرة والمسيطرة على كلا الشركتين (القابضة وجراند بازار) وهذا سبب مناقشتنا وتدخلنا في الموضوع ،لأن عدة ملايين من أموال الشعب الفلسطيني مستثمرة في المشروع بما فيها تأسيس الشركات المشار إليها.وعليه فمن حق كل فلسطيني وفقا لذلك أن يبدي اهتمامه وقلقه مما يحدث في البازار وخاصة أن مشروع الإسكان الذي تتولي القابضة الإشراف عليه متعثر ويواجه صعوبات جمة سواء في التسويق أو في استكمال التمويل اللازم بعد أن استنزفت عملية شراء الأرض في منطقة الشياح وما تبعها من مصاريف تسجيل كبيرة ، معظم رأس المال المدفوع.
3- الاستثمار الذي أقدمت عليه الشركة القابضة عبر استئجار فندق قديم وتجديده استهلك ملايين الدولارات أيضا وما زال يحقق خسائر جمة حيث تبين أن نقطة التعادل للفندق وفقا لأحد أعضاء مجلس الإدارة تصل إلى 50% من نسبة التشغيل.
4- الشركة القابضة استأجرت البازار بمبلغ 20 ألف دولار سنويا من المالكين المقدسيين وستؤجره إلى التجمع السياحي المقدسي بمبلغ 80 ألف دولار وهذا بحد ذاته إحدى أسباب تأخر المباشرة في المشروع.
5- الشركة القابضة والتي يملك فيها صندوق الاستثمار النسبة المؤثرة فيها لن تتدخل في إقامة وبناء المشروع لكنها ستحصل على ال 60 ألف دولار من خلال شركة جراند بازار.
6- الذي سيتولى الإنفاق على المشروع وإقامته - هذا إن بوشر به- هو التجمع السياحي المقدسي الذي سيقوم من خلال مصادره وعلاقاته بتأمين التمويل اللازم للمشروع من جهات عربية ودولية على الأغلب.
7- لم يجر أي تغيير أو تبديل على مجلس إدارة الشركة القابضة منذ تأسيسها حتى تاريخه، ولا يمكن تبرير أو الدفع بعدم التغيير والتبديل ، كونها شركة خاصة . لأن صندوق الاستثمار المملوك للشعب الفلسطيني هو صاحب الحصص المسيطرة والمؤثرة فلا يجوز طبقا لذلك بقاء تركيبة مجلس الإدارة كما وإدارة العمل كما هو دون تغيير.
8- من غير المعقول لأشخاص يملكون شركات ومشاريع خاصة بهم وبعائلاتهم أن يستمروا في إدارة شركات يساهم فيها صندوق الاستثمار وهو الممول الرئيس للقابضة وجراند وغيرهما وذلك للحفاظ على النزاهة والشفافية والمساءلة المطلوبة بمثل هذه المشاريع والفصل بين الأملاك الخاصة والعامة.
9- لقد آن الأوان لإعادة النظر بأسلوب ومنهجية الاستثمار في القدس وعدم حصره في أشخاص محددين بعينهم وخاصة أن المقدسيين لم يلمسوا تغييرات ذات دلالة على الاستثمار في القدس، وهنا تأتي مسؤولية ودور صندوق الاستثمار الفلسطيني بما في ذلك المجلس التشريعي المعطل واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير. فصندوق الاستثمار المملوك للشعب الفلسطيني هو دون غيره من يملك الصلاحيات لتقرير من يكون رئيسا للشركة القابضة والجراند بازار بفعل الحصة المؤثرة التي يملكها.
وحتى لا نطيل أو نسهب أكثر مما يجب ،فإن ما يهم القدس بالدرجة الأولى أن ترى المشروع وقد اخذ طريقه للتنفيذ لإنعاش اقتصاد البلدة القديمة تحديدا والقدس عامة ،وهذا لن يتم أو يتأتي في ظل الإدارة الحالية وأسلوب عملها الذي مضى عليه نحو عشرة أعوام .بالنسبة للفلسطينيين والمقدسيين خاصة فإن صندوق الاستثمار هو المسؤول عن تأخر إقامة مشروع مجمع المهن الحرفية الذي يجب أن يباشر فيه بالأمس قبل اليوم واليوم قبل الغد، فالتأخير غير مبرر وغير مفهوم.فحتى الآن لم يتم توقيع عقد التأجير بين شركة جراند بازار والتجمع السياحي المقدسي سواء فيما يتعلق بعقد الإيجار المرتفع جدا مقارنة بالإيجار الفعلي الذي تدفعه القابضة للمالكين أو لاعتبارات فنية أو غيرها. ما يهم المقدسيون هو المباشرة في المشروع والبدء بتغيير أسلوب التعامل أو التعاطي مع قضية الاستثمار في القدس وفي مقدمتها إدارة الاستثمار نفسها.النزاهة والشفافية والمهنية والموضوعية والفصل الكامل بالمسؤوليات يجب أن يكون محل اهتمام صندوق الاستثمار الفلسطيني بالدرجة الأولى ،لأن كل دينار يستثمر أو ينفق هناك أكثر من 50% منه مملوكا لشعب فلسطين والتمويل المجاني الذي سيتم الحصول عليه من البنك الإسلامي للتنمية يأتي باسم فلسطين ولا يجوز أن يضاف إلى حصص الشركاء الآخرين أبدا .فهذا ليس من حقهم. نتمنى أن تجد هذه العبارات طريقها للمتابعة وخاصة من قبل منظمة التحرير وصندوق الاستثمار. فإضافة أصول نقدية إلى القابضة وجراند بازار من البنك الإسلامي للتنمية ليست من حق الشركاء ورجال الأعمال الفلسطينيين المساهمين في القدس القابضة ،فهذا يجب إضافته فقط إلى حصة صندوق الاستثمار بما في ذلك العائد المتأتي منه.

انشر المقال على: