الثلاثاء 30-04-2024

ليلة القبض على سلام فياض ..!

×

رسالة الخطأ

أكرم عطا الله / نبـأ برس ||

ليلة القبض على سلام فياض ..!
أكرم عطا الله / نبـأ برس ||
ببساطة هل يمكن أن تنطبق تهمة تبييض الأموال على رئيس الوزراء السابق سلام فياض؟ ، تبدو التهمة مجرد نكتة حتى بالنسبة لخصوم الرجل للذين لم يتوقفوا عن مهاجمته طوال السنوات الست التي أشغل فيها موقع رئيس الحكومة، فقد مارس الرجل وظيفته بشفافية قدمت نموذجاً تفوق على نظرائه في المنطقة العربية بشهادة دولية كانت تراقب كل صغيرة وكبيرة في موازنة السلطة التي جعل فياض من كل مواطن رقيباً عليها متى شاء حين وضع أرقام المدخولات والمصروفات أمام الجميع على الانترنت. لكن الأمر ليس كذلك ومن الصعب على رجل احترف تخصص في الأرقام أن يقع ضحيتها أمام القانون كما يشاع، فقد تم التحقيق معه وليس هناك غرابة في الأمر من رئيس وزراء إلى متهم ولا تعكس هذه الحالة سوى أزمة العلاقات البينية بين الفلسطينيين وحالة التربص السائدة وتعكس مستوانا حتى في الاختلاف بل القصة أن حركة فتح بدأت تشعر في الآونة الأخيرة كما قال أحد أعضاء المجلس الثوري بأن فياض يسحب البساط من تحت أقدامها وبالتالي وجب تحجيمه . لقد أنهى الرجل دوره كرجل تنفيذي أول تحمل ما تحمل من انتقادات من كل الأطراف وقدم نموذج رجل المؤسسة فالسنوات الستة التي قاد فيها الحكومة انتقلت خلالها الضفة الغربية من مرحلة الانفلات والفوضى التي سادت غزة قبل الانقسام إلى مرحلة المؤسسة التي يعتد بها، وبدأت شعبيته تتنامى ما شكل تهديداً حتى لحلفائه الأقرب ممثلين بحركة فتح التي بدأت ترى أن الرجل يشكل بات تهديداً على حضورها الآخذ بالتراجع لأسباب ليس لها علاقة بالمنافسين بقدر ما يتعلق الأمر بحركة فتح نفسها . بعد أن غادر الحكومة بدأ الرجل يعمل على مشروعه السياسي الذي بدأه عام 2006 في الانتخابات الأخيرة وهو مشروع ليس خفياً وهذا حقه وحق كل فلسطيني أن يرى في نفسه الكفاءة للعمل السياسي ومن يعمل في السياسة يضع طموحه أن يصل إلى الأغلبية والحكم هذا طبيعي فقام بتأسيس مؤسسة فلسطين الغد مبتعداً عن مسألة المساعدات الإنسانية متعمداً حتى لا يتهم بمزاحمة فصائل قائمة ومنها حركة فتح لكن ذلك تسبب بإغضاب كثير من كوادر الحركة التي جعلت أولويتها الحد من الطموح الطبيعي للرجل . لقد اتُّهِم فياض من قبل كوادر في الحركة بأنه يهمش ويقصي ويتآمر على فتح دون أن يتوقفوا أمام ذاتهم وحركتهم ودراسة أسباب تراجعها في العقد والنصف الأخيرين، فمن يهمش فتح هي حركة فتح نفسها ومن يُقصي فتح هي فتح نفسها ومن يتآمر على فتح هي حركة فتح التي شاب عملها في العقدين الأخيرين كثير من الأخطاء أدت إلى تلك الخسارات، فهل يمكن أن يتهم فياض بأنه السبب وراء خسارة فتح لانتخابات بيرزيت مثلا ؟ هذه الخسارة الأخيرة التي لم تستوقف الحركة وكان قد سبقها سلسلة من الخسارات التي كانت واحدة منها كافية لإضاءة كل الإشارات الحمراء في مطبخ الحركة . لقد خسرت فتح البلديات قبل عشر سنوات ثم خسرت انتخابات المجلس التشريعي ثم خسرت غزة ثم بلديات الضفة ثم بيرزيت لم يكن لا فياض ولا غيره سبباً بكل تلك الخسارات وعلى فتح أن تبحث عن الأسباب الداخلية لأن محاولة إلقاء التهمة على الآخرين تشبه عملية إعطاء جرعة من العلاج الخاطئ للمرض، لقد عمل الرجل لسنوات إلى جانب الرئيس حاملاً مشروعه وأميناً في تنفيذه وكانت مرجعيته منظمة التحرير الفلسطينية وبرنامجها السياسي قالها مراراً ولكن أثناء عمله لم يكن على وفاق تام مع قيادات في الحركة التي انتظرت اللحظة المناسبة للانقضاض عليه، فكثرت إضرابات الموظفين في آخر عهده لشل حكومته لكن رأينا ما حصل لرئيس نقابة الموظفين وعضو المجلس الثوري بسام زكارنة الذي اختفى عن المشهد عندما فكر بالإضراب ضد الحكومة الجديدة . قبيل المؤتمر الأخير لحركة فتح قدمت كثير من النصائح بعضها أن تنفتح الحركة أكثر وتضم قيادات وطنية من المستقلين وأن تأخذ فياض للجنة المركزية لكن التنافس الحاد على الأماكن المحدودة جعل من هكذا اقتراحات بعيدة عن المنطق وهكذا تحول فياض من حليف للحركة إلى خصم ومنافس وجب إضعافه وتجفيفه وأصبح مدعاة للخوف يجب أن يغادر الحلبة السياسية ويعود من حيث أتى والأخطر أن هناك رائحة إماراتية للأموال التي تعمل بها مؤسسة فلسطين الغد وفي ظل رهاب الإمارات الذي تعانيه الحركة أصبح للأمر بعداً داخلياً يثير كثير من الحساسية داخل الحركة في الآونة الأخيرة، وهناك شك بأن فياض اقترب لهذه المنطقة الحمراء ولا يسمح لنفسه بالتدخل في نزاع داخل فتح وخاصة بعد أن أصبح له مشروعاً سياسياً خاصاً يرى نفسه قائداً له و من حقه أن يعمل عليه وفقاً للقانون الذي لم يتجاوزه بلا أدنى شك. في اليوم التالي لمغادرته رئاسة الحكومة تلقى كُتّاب الرأي ومنهم أنا مكالمة رقيقة من الدكتور فياض يعرب فيها عن شكره لكل جهد وكل كلمة كتبت وشكلت نصيحة استفاد منها في إدارته للحكومة، وفي الصراع ضد (إسرائيل) كانت تلك تعكس احترام الرجل للآخرين وفهمه لتكامل مكونات المجتمع والسياسة، لذا فإن شعورنا بمغادرة أو تحجيم شخصية بهذا الوزن هي خسارة وطنية وخسارة للمؤسسة يجب ألا تحدث، وحتى لا يكون قدر الحالة الوطنية مزيداً من الخسارات فقد بدت في الآونة الأخيرة كالنار التي لا تجد ما تأكله فتأكل نفسها ...!

انشر المقال على: