الأربعاء 15-05-2024

لا صَوتَ يعلو صَوتَ الإنتفاضة ..

×

رسالة الخطأ

أبو أسعد كناعنة

لا صَوتَ يعلو صَوتَ الإنتفاضة ..
11 ديسمبر, 2014
أبو أسعد كناعنة
التاسع من ديسمبر / كانون أول... هو تاريخٌ مَجيدٌ في مسيرة شعبنا الفلسطيني ونضالهِ المُستَمر على مدارِ أكثَرِ من قرنٍ من الزمان، في هذا اليوم من العام 1987 إندلعت شرارة ألإنتفاضة الأولى في تاريخ الثَورة الفلسطينية المُعاصرة، إذا جازَ التعبير، وجاءت هذه ألإنتفاضة بعدَ أحدَ عشرَ عاماً من إنتفاضةِ يوم الأرض الخالد في الثلاثين من آذار عام 1976 والتي كانت بداية لشرارة إعادة الإعتبار لِوحدةِ الشعب الفلسطيني نضالياً شعبياً، ومحطة تاريخية في مسيرة هذا الشعب خاصة في كسرِ حاجز الخَوفِ الناجمِ بعدَ النكبة عام 1948 بينَ أبناءِ الداخلِ الفلسطيني، ورغمَ إختلافِ الأسباب المُباشرة لكلا ألإنتفاضتين يبقى ألإحتلال هو المشترك في الجانب الآخر من المتراس، فقد كانت إنتفاضة يوم الأرض الخالد معركة حولَ البقاء والوجود لفلسطينيي الداخل في الجليل والمثلث والنقب والساحل، وسرعانَ ما تحولَ الصراع إلى صراع وجود شامل، ولم يقتصر يوم الأرض على الداخل رغمَ محدودية المشاركة فيما بعد بأفعال إنتفاضة يوم الأرض إلاّ أنَّ المشاركة بهِ من قبلِ كل أبناء الشعب الفلسطيني في مختلفِ أماكن تواجدهم - الداخل غزة والضفة القدس الشتات وفي كل أصقاع المعمورة حيثُ يتواجد فلسطيني أو مناصرين لفلسطين، لِيتحول يوم الأرض يَوماً نضالياً في مسيرة الحرية، وهكذا جاءَ التاسع من كانون أول ديسمبر ليجعلَ من إنتفاضة الحجر رافعة للحرّية والإستقلال، فكانَ شعاراً واضحاً، إنتفاضة الإستقلال، وكانت من مزايا هذه ألإنتفاضة بأنَّها، قيادة وطنية موَّحَّدة، شملت في أفعالها كل اطياف الشعب الفلسطيني، وحملت معاني جديدة ثَورية في حياة الناس تحتَ نير الإحتلال، كان التكافل الإجتماعي والتعاضد الأسَري وإضراب التجار والتجارة والطلاب والفلاحين والمدارس والجامعات وخروجِ النساء إلى الشوارع، وكُنَّ أول من حملَ الحجر أو جلَبهُ للشباب والصبايا للأطفال وأولاد المدارس الصغار لِيقارعوا بهِ ألإحتلال، هي معاني كثيرة غابت عن ساحةِ المواجهة.
ألإنتفاضة الأولى حملت في طياتها الكثير من المعاني الأخلاقية النضالية، ساهمت في بناء الشخصية الفلسطينية المقاتلة على متاريس الحرّية والإستقلال، الخلافات الداخلية كانت تُحل من قبلِ أللجان الشعبية ألإحتراب الداخلي كانَ مُحرّماً، العُملاء كَالفِئرانِ يختَبأون - واليَوم "كَالأسودِ" يتبختَرون - .. في هذا اليَوم وقفَ العالم شَعبياً إجلالاً وإكباراً لِحجرِ المقاومةِ ولِشعبٍ يستبسلُ في سبيلِ حُرّيتهِ، فَأينَ نحنُ اليَوم من هذا الذي كان، تَمُرُّ هذه الذكرى مرورَ الكرامِ كَأنَّها لَم تَكًن، وهي الذكرى الأَهَم في هذه المسيرة المُعَمَّدة بالتضحيات الجِسام، حتماً في هذه الأيام تشتاق الناس للنسرِ الأحمَر والفَهد الأسود، للترانزستور في البراري للمُقاتل الشَريف الذي يحمي الشَعب فَيحميه، للمُنتَفض الغاضب على الإحتلال، لِقادة كبار حملوا همَّ الإنتفاضة وشعبها، لأبو جهاد الوزير لأبو علي والحكيم للقاسم عُمر، لِحكايا كانت من الأساطير في إخفاء الشباب وإختفاءهم، للمُطاردين ورائحةُ المسكِ من الشُهداء، أبو عرب ورفاقهِ والسوري والرزة ، لِبيوتٍ أوت الرموز والخبايا والفهودِ والنسور، للصبايا على خطِ النار تُقاتل بالحجر والمقلاع، بالكلمة والصرخة، بالمنديل، والرصاصة لم تكُ للتباهي، وكَم أردَت من عكاكيز الإحتلالِ وفي عزّ النهار.
كم نحنُ بحاجة للمعاني السامية وأهدافٌ لا تَشيخ في فكرة الثَورة وإنتفاضة الحجرِ، كم نشتاقُ لِفكرةٍ غابت في أدبياتِ العمل والفعل اليَومي، وكم نشتاقُ لأصالةِ الفكرة، هي الثَورة ما نحتاج أن نستعيدها في هذه الذكرى، ثَورة سُرقت في وضَحِ النهار ومن دونِ وازعٍ أو خَجل، إسألوا أزقَّةِ الحارة الشرقية في جنين وممرات السوق في نابلس جبل النار، إسألوا رمالَ غَزة العزة، وأحراشِ يعبد ونخيل أريحا، إسألوا أحمد التبوك قد يكون عندهُ جزءٌ من جواب.
معاً على الدرب

انشر المقال على: