الثلاثاء 07-05-2024

قراءة في وثيقة مبادئ توجيهية لإستراتيجية الأمن الوطني "الإسرائيلية"

×

رسالة الخطأ

أحمد مصطفى جابر

قراءة في وثيقة مبادئ توجيهية لإستراتيجية الأمن الوطني "الإسرائيلية"

الإثنين 14 أكتوبر 2019 | 11:20 ص

بوابة الهدف - أحمد مصطفى جابر
صدرت في هذا الشهر، عن معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى وبالتعاون مع مركز دراسات الأمن القومي الصهيوني دراسة -وثيقة- إستراتيجية، تتناول موضوعًا مهمًا في الكيان، هو إستراتيجية الأمن القومي، وتحليل جوانبها المختلفة وثغراتها وطبقاتها المتعددة.

يكتسب الموضوع أهميته من طبيعته بالذات ومن كتابه على وجه الخصوص، وخصوصًا أحدهما غادي أيزنكوت الذي غادر منذ فترة قريبة موقعه كرئيس لهيئة أركان الجيش "الإسرائيلي" وشغل المنصب من 2014 حتى 2019. وهو حاليًا زميل عسكري في معهد واشنطن، وزميله في الكتابة وهو عسكري آخر، غابي سيبوني، الذي يحمل رتبة عقيد "متقاعد" وهو كبير زملاء معهد دراسات الأمن القومي في الكيان، وهو موجه البرامج العسكرية والإستراتيجية وبرامج الشؤون والأمن السيبراني، وهو أيضًا مؤسس ورئيس تحرير مجلة سايبر : المخابرات والأمن. هنا مراجعة مكثفة لهذه الوثيقة وأبرز ما احتوت عليه بالاعتماد على النص باللغة الإنكليزية.

وكما قال الكاتبان في نص البحث فإن "هذه الوثيقة يمكن أن تشكل مقترحًا لمداولات في الحكومة، جهاز الأمن والكنيست حول بلورة مفهوم أمني متفق عليه، وبالاستناد إلى الوثيقة بإمكان الحكومة بلورة سياستها في مجال الأمن القومي".

وفي إشارتهما إلى ثبات نظرية الأمن التي وضعها ديفيد بن غوريون، فإن الكاتبان في الواقع لا يضيفان جديدًا، ويستمران في الدوران في فلك الإجماع القومي الصهيوني، فلا يغادران مربع نظرية القوة وإخضاع الآخرين سواء "أعداء أو منافسين" والتمسك بالأفكار المتطرفة ذاتها التي حكمت الكيان الصهيوني عبر تبرير أمني للاحتلال وتخليده، ورفض الانسحاب والاعتراف بالحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، والتعامل معه كخطر أمني دائم يستلزم مواصلة السيطرة عليه بالقوة العسكرية.

تشير الوثيقة في مقدمتها إلى المبادئ الرئيسية للأمن القومي "الإسرائيلي" والتي حددها ديفيد بن غوريون، أول رئيس حكومة في الكيان مشيرة إلى مواجهة الدولة العديد من التحديات الأمنية المعقدة، والتي تطلبت من قادتها صياغة مبادئ الأمن القومي الأساسية وصياغة ردود على أساس إستراتيجية الأمن القومي التي حددها بن غوريون. وتلاحظ أن مبادئ بن غوريون صمدت لاختبار الزمن مع التكييفات التي طرأت عليها حتى عام 1973 على الأقل.

والبارز في هذه الوثيقة توضيح التحديات الأساسية التي تواجه الأمن "الإسرائيلي" والتي ترى أنها تنبع مما تزعم أنه تطلعات إيران للهيمنة الإقليمية، والقدرة العسكرية النووية، والمتصلة بمجال النفوذ عبر العراق و اليمن وسوريا ولبنان وقطاع غزة.

مع هذه التحديات تبرز أيضًا تحديات داخلية متعلقة بمسائل نمو السكان والقوة الاقتصادية والعلمية والتكنولوجية للبلاد. و تطور الفجوات المزعجة في المجتمع الإسرائيلي.

تعترف الوثيقة أن الجغرافيا أو الوضع الجغرافي للكيان أساسًا يشكل عاملاً مهيمنًا في الأمن القومي، بسبب ضيق المساحة التي يتركز فيها معظم السكان ومعظم البنى التحتية الإستراتيجية وأهمها.

ميزة الإضعاف هذه تسبب قلقًا كبيرًا للتفكير الاستراتيجي الأمني بسبب هاجس الصواريخ مختلفة الأنواع والقادرة على تعطيل الحياة اليومية بشكلٍ كبير، وتدمير المنشآت والأصول الحيوية وإعاقة تعبئة الاحتياطي، وتحرك الوحدات و القوات من وإلى مختلف الساحات.

تناقش الوثيقة كذلك الأهمية الإستراتيجية للكيان الصهيوني بالنسبة للوضع الدولي، حيث تعتبر أن "إسرائيل" مهمة كون الشرق الأوسط هو مركز لإنتاج وتصدير الطاقة وبالتالي هو عامل مهم في سوق الطاقة العالمي. كذلك فإن وجودها مهم بسبب طرق التجارة العالمية التي تتقاطع في الشرق الأوسط وهو أمر مهم للاقتصاد العالمي، وتزعم الوثيقة أن "إسرائيل" تلعب دورًا أمنيًا في منع تسرب "الإرهاب" إلى أوروبا وغيرها وكذلك منع انتشار "الأيدلوجيات المتطرفة"، كما أنها تزعم أن "إسرائيل " تتشارك القيم نفسها مع العالم الغربي بادعاء أنها تأسست على الديمقراطية الغربية. العامل الإضافي في هذا المجال كون "إسرائيل" تحتوي على المواقع المقدسة للأديان خصوصًا الديانات المركزية الثلاث.

تشير الوثيقة إلى التهديد الاستراتيجي الآخر المتمثل في محاولات نزع الشرعية وعزل "إسرائيل" وإنكار شرعية وجودها كدولة قومية "للشعب اليهودي" وخصوصًا أن "إسرائيل" كما تروج عن نفسها وكما يزعم مؤيدوها حول العالم تختلف عن جيرانها ثقافيًا واقتصاديًا، ونوع مختلف من الحكومات، وخاصة أن "عدم الاستقرار الذي اتسمت به المنطقة لسنوات عديدة قد ازداد سوءًا منذ بداية الربيع العربي، الذي قوضت أحداثه النظام الإقليمي القائم على الدولة واستبدلته بفعالية مع صدام ديني سني- شيعي تاريخي".

العوامل الداخلية والخارجية إذن تضع "إسرائيل" في مشهد من التهديدات المتغيرة، والتحول المميز الرئيسي هو أن الخصم الرئيسي لم يعد عبارة عن تحالف من الدول العربية على تدمير إسرائيل على نطاق واسع بل يشمل الخصوم اليوم المنظمات غير الحكومية واستخدام إستراتيجية الهجوم والهجمات المحدودة على الأراضي "الإسرائيلية".

وبينما يبقى الهدف الأسمى لهؤلاء الأعداء كما هو انهيار دولة "إسرائيل" وبالتالي القضاء عليها ككيان سياسي، وقد تغيرت طريقة عملها بشكل أساسي، وهو يجمع الآن بين عنصرين: الجهود المادية والمعرفية، ويتكون الجهد المعرفي من ممارسة الضغط المستمر على المجتمع "الإسرائيلي" وموقف "إسرائيل" في المجتمع الدولي.

تقسم الوثيقة التهديدات إلى ثلاث مستويات:

التهديدات التقليدية من جيوش الدولة أو منظمات غير الحكومية التي تعمل مثل جيوش الدولة.
التهديدات غير التقليدية، وتتألف أساسًا من الجهود المبذولة لتحقيق القدرات النووية العسكرية.
التهديدات دون التقليدية، والتي تشمل حرب العصابات و الإرهاب من الجهات الفاعلة داخل "إسرائيل" وخارجها، و الفضاء الإلكتروني وتهديدات المعلومات.
وإلى جانب هذه التحديات الداخلية والتهديدات تعاني "إسرائيل" من تآكل التضامن بين شرائح السكان، وإلحاق الضرر بالاعتقاد في "عدالة القضية الصهيونية"، وإضعاف الشرعية الداخلية "لإسرائيل".

وتقترح الوثيقة أنه لمواجهة هذه التهديدات، يجب على "إسرائيل" أن تتصرف وفقًا لمبادئ الأمن القومي ذات الأبعاد العسكرية والمجتمعية.

وهذه المبادئ تتركز على:

دولة "إسرائيل" سوف تعمل بشكل عام على أساس إستراتيجية دفاعية تهدف إلى ضمان وجود الدولة، وإحباط وتأجيل التهديدات لترسيخ فترات طويلة من الهدوء، متزامنة مع الجهود العسكرية والسياسية الاستباقية، هذا أمر أساسي.
مبدأ الأمن القومي، وإظهار رغبة "إسرائيل" في عدم القتال ولتأخير الصراعات قدر الإمكان وتقديم الجودة على الكمية. و"إسرائيل" بطبيعتها في وضع غير موات مقارنة بأعدائها، لذلك يجب أن تعوض ذلك بالتفوق النوعي، ونقل المعركة إلى أراضي العدو والسعي لتحقيق النصر في الحرب، وتقليل القتال والمدة الزمنية، وهذا ينطوي على الحاجة إلى الحد من الضرر على الجمهور والبنية التحتية للأمة نتيجة للقتال، وتحقيق الأهداف القتالية في أقصر وقتٍ ممكن.
حدود قابلة للدفاع: إن خريطة "إسرائيل" للتهديدات تعزز أهمية الأراضي لتحقيق الدفاع عن الوطن. والمبدأ الأساسي في هذا السياق يتطلب، في أي ترتيب، أن يكون ممكنًا لإسرائيل أن تعتمد على سيطرتها الأمنية المستقلة بالكامل، بما في ذلك في وادي الأردن.
رعاية روح القتال: الروح القتالية للأمة والإيمان بعدل قضيته هي عنصر أساسي في إستراتيجية الأمن القومي "لإسرائيل".
أما مبادئ الأمن المجتمعي فتحددها الوثيقة كما يلي :

جيش الشعب: بما لا يقلص الاحتياطات، ويمثل وكيلاً للتحالف و"بوتقة الصهر"، وبناء على روح القتال للأمة يستدعي جيش الدولة قوته الضاربة من داخل السكان المدنيين، أي الاحتياطيات. ستقوم دولة "إسرائيل" بتعظيم إمكانية التوظيف الوطنية من أجل خدمة "جيش الدفاع الإسرائيلي".
الخدمة الوطنية: حيث "لجيش الدفاع الإسرائيلي" الحق الأول في اختيار من يُجند إلى صفوفه بناءً على احتياجات الجيش؛ يجب تجنيد جميع شرائح السكان - بمن فيهم الأرثوذكس المتطرفون والعرب - للخدمة المدنية.
مبدأ تحقيق والحفاظ على حرية التشغيل هو أمر أساسي في مواجهة التحديات وتحقيق الأهداف بنجاح. هذا المبدأ يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالحاجة إلى المرونة المتعلقة بأدوات القوة واستخدامها عن علم.
مبدأ الاعتماد على الذات أمر حيوي لحرية التشغيل ويعكس الرغبة المستمرة في زيادة قوة "إسرائيل" في مجموعة واسعة من المجالات، وخاصة مجال الأمن، إلى ضمان قدرة الدولة على الدفاع عن مصالحها الحيوية دون مساعدة من قوات أجنبية أو اتفاق من دول أجنبية.
في هذه الوثيقة يعود بقوة التفكير بنظرية "الجدار الحديدي" لزئيف جابوتنسكي، وتدعو للاعتماد على هذه المفهوم بشكل أساسي، حيث تزعم أنه لا يمكن تحقيق السلام إلا بعد إخضاع أعداء "إسرائيل" وأن يخلصوا إلى أن جهودهم غير فعالة وتعمل على زيادة معاناتهم الخاصة ويجب أن يكونوا مقتنعين بأن بإمكانهم تحقيق المزيد من خلال الحوار وليس من خلال العنف. ويستند مكون آخر حول الأفكار التي نشأت مع ديفيد بن غوريون فيما يتعلق بالعلاقات المتبادلة بين المجتمع والاقتصاد والعلوم والتكنولوجيا والعسكرية.

القوة والمكانة الدولية والسياسة الخارجية:

تؤكد الوثيقة على مفهوم "القوة" كعنصر حيوي لمواجهة تحديات الأمن القومي وتزعم أنه في غياب وسيلة سياسية لكبح التهديدات، ستستخدم دولة "إسرائيل" القوة، التي تنفذها "قوات الدفاع الإسرائيلية" وغيرها من المنظمات الأمنية.

تروج الوثيقة للعدوان المستمر غير المنضبط، والذي يستند إلى نظرية "الحرب بين الحروب" وذلك في دعوة واضحة لاستمرار القصف ضد سوريا والعراق ولبنان وربما إيران لاحقًا، دون التورط في حرب كبيرة، هذه النظرية التي بقيت طي الكتمان حتى اعترف الكيان بممارستها.

وبالتالي ستعمل المؤسسة الأمنية "الإسرائيلية" بشكل مستمر للدفاع عن الدولة خلال فترات الهدوء، في حالات الطوارئ، وفي الحروب. للقيام بذلك، سوف تشارك في ثلاثة جهود رئيسية: الاستعداد للحرب بالقوة التراكمية من كل نوع، وبعد ذلك ستقوم بتطوير وسن "حملة بين الحروب" وهذا يشكل واحدة من أسس التغييرات في طريقة العمل المتعلقة بالأمن في دولة "إسرائيل". هذا يستتبع أنه لم يعد فقط الاستعداد للحرب ولكن أيضًا السعي نحو التدابير الهجومية الاستباقية التي تعتمد على استخبارات عالية الجودة.

مصطلح الأمن القومي: صياغة جديدة

يقترح أيزنكوت وزميله في هذه الوثيقة تحديثًا للمصطلحات الأساسية التقليدية للمصطلحات الأمنية "الإسرائيلية" فيتم تعريف الأمن القومي على النحو التالي: الردع الذي ينطوي على تثبيط أعداء الأمة من العمل ضدها على أساس عسكري وتأمين تراكم القوة والاستعداد والرغبة في مواجهة نية العدو لانتهاك سيادة، والحياة اليومية، وأمن مواطني الأمة. و تفوق الذكاء الذي يمكن أن يوفر في وقت مبكر تحذير لإحباط استباقي لنية العدو لإيذاء الأمة، ما يوفر الوقت الكافي للرد. والدفاع في جميع الأبعاد مع التركيز على الأرض، حيث لا يمكن لإسرائيل أن تتسامح مع أضرار طويلة الأمد لسيادتها.

ويتوج هذا التعريف بفكرة النصر، والذي يتحقق عندما يحقق الجيش الأهداف التي صممتها الحكومة في أقصر الأطر الزمنية وبأقل سعر ممكن، وعندما تستوعب "قيادة العدو" حقيقة أن استمرار المواجهة لن يساعدها في تحقيق أي أهداف ومع اليقين المطلق أنها ستؤدي إلى خسارة من أصولها الأساسية، لدرجة أنها تهدد القيادة الخاصة والبقاء السياسي والشخصي.

" ما هو مستحيل هو اتفاق طوعي مع العرب، و طالما أن العرب يشعرون أن هناك أقل أمل في التخلص منا، فهم سوف يرفضون التخلي عن هذا الأمل في مقابل الكلمات الرقيقة أو الخبز والزبدة، لأنها ليست أرضًا للرعاع، وعندما يرى الناس الأمور ذات الأهمية الحيوية الطابع هذا فقط ما يجعلهم يفقدون أي أمل في التخلص منا، لأنهم لا يستطيعون اختراق الجدار الحديدي. وحتى ذلك الحين سوف يتخلون عن قادتهم المتطرفين وستنتقل قيادتهم إلى الجماعات المعتدلة، الذين سوف يتصلون بنا مع اقتراح بأن نتفق على تنازلات متبادلة، على حد سواء، ثم قد نتوقع منهم أن يناقشوا أسئلة عملية بصدق.. وعندما يحدث ذلك، أنا مقتنع بأننا نحن اليهود سوف نكون مستعدين لمنحهم ضمانات مرضية بحيث يمكن للشعبين العيش معًا في سلام، مثل حسن الجوار".

وتؤكد الوثيقة بأنه لا فرصة للسلام الآن "ولكن الطريقة الوحيدة للحصول على مثل هذا الاتفاق هي الجدار الحديدي، وهذا يعني سلطة قوية في فلسطين ليست قابلة للقبول بأي ضغط عربي. وبعبارة أخرى، فإن الطريقة الوحيدة للوصول إلى الاتفاق في المستقبل هو التخلي عن كل فكرة السعي لاتفاق في الوقت الحاضر".

وتركز الوثيقة على العلاقة الإستراتيجية الخاصة مع الولايات المتحدة والتي يجب تعزيزها ومن خلال هذا سيتم تعزيز الأمن القومي "لإسرائيل" حيث هذا هو حجر الزاوية في الجهد الإسرائيلي الشامل للوصول إلى الأمن على المستوى الوطني بالوسائل السياسية. حيث أن العلاقة مع الولايات المتحدة والالتزام العميق بالحفاظ على الميزة النوعية "لإسرائيل" هما حجر الزاوية في الأمن القومي "لإسرائيل".

تدعو أيضًا لإستراتيجية شاملة، لمكافحة جهود نزع الشرعية، تتطلب تعاونًا مع الأطراف في المجتمع الدولي وفي الشتات اليهودي وخصوصًا في الولايات المتحدة.

كما يهدف "الأمن الوطني" من خلال الوسائل الاقتصادية إلى تطوير المجتمع، التعليم والثقافة لتعزيز الصهيونية وتعزيز التماسك الاجتماعي والتضامن من خلال الابتكار التكنولوجي. هذا سوف يساعد بدوره على الحفاظ على المصالح والشراكات المتبادلة مع الأطراف المعنية في المجتمع الدولي.

والمكون الاجتماعي للأمن القومي يهدف إلى توفير الجمع بين الأساس الاقتصادي والقائم على فرض القيم الأخلاقية، و هذا الجهد مهم أيضًا لبناء الشرعية الداخلية لجميع جهود الأمن القومي الأخرى، و إلى جانب هذا، تعتبر الوثيقة أنه يجب على "إسرائيل" تقوية روابطها مع يهود الشتات. وتعزيز دورها كوطن قومي "للشعب اليهودي" حيث كان دائمًا يعتمد على العلاقة المتبادلة بين الدولة والمغتربين اليهود. هذه العلاقة هي دعامة للأمن القومي "لإسرائيل" وتنعكس فيها القيم الوطنية وسبب وجودها.

وتضيف الوثيقة ما يؤكد الطبيعة العسكرية الدائمة للكيان الصهيوني واستناده إلى مبدأ القوة كضمان للوجود حيث أنه في حين أن "إسرائيل" يجب أن تعمل دائمًا على تعزيز ردعها وتعزيز معاهدات السلام مع جيرانها، فإستراتيجيتها الأمنية كما يرى المؤلفان، يجب أن تقوم على افتراض دائم بأن معاهدات الردع والسلام التابعة للدولة قد تنهار، لذلك، القول اللاتيني المأثور "إذا كنت تريد السلام، فاستعد للحرب" ما زال صالحًا "لإسرائيل" في الوقت الحالي. حيث يجب على "إسرائيل" الحفاظ على هوامش أمنية واسعة واستعداد مستمر لتصعيد محتمل في جدول زمني قصير لتأمين وجودها والفوز في كل حرب.

عنصر آخر تتناوله الوثيقة هو موضوع دعم الهجرة إلى الكيان وإحباط الهجرة السلبية منه، وترسيخ وتوسيع الأغلبية اليهودية في جميع أنحاء العالم و ستشجع دولة "إسرائيل" الهجرة اليهودية وتسعى جاهدة لإدماج واستيعاب القادمين الجدد على النحو الأمثل في المجتمع "الإسرائيلي".

وتركز على تنمية رأس المال البشري، في ظل الغياب الكبير للموارد الطبيعية فإن على دولة "إسرائيل" تطوير رأس المال البشري كعنصر هام للمرونة الوطنية والعامل الأكثر أهمية في توليد الميزة النوعية اللازمة للأمة، لتطوير وتعزيز الأمة، والدفاع ضد جميع الدول واللاعبين الآخرين في المنطقة (كل من الأعداء والمنافسين)، ويكون بمثابة المحرك الرئيسي لزيادة المرونة الاقتصادية.

ورأس المال البشري يتطلب تعزيز المرونة الاجتماعية والوطنية "ستعمل دولة إسرائيل على تعزيز التماسك بين جميع شرائح المجتمع الإسرائيلي، والحد من الفجوات الاجتماعية، وإصلاح مجموعة من الخلافات الاجتماعية. وأهمية بناء التماسك الاجتماعي تنطبق على كل من السكان اليهود وغيرهم في إسرائيل و العلاقات بين الأغلبية اليهودية والأقليات غير اليهودية".

التهديدات: الصواريخ

تصنف الوثيقة عوامل التهديد والتحديات التي تواجه دولة "إسرائيل" على النحو التالي: تهديدات الدول الوظيفية (نسبيًا)، مثل لبنان ؛ تهديدات من سيادة منخفضة، ومناطق متعددة اللاعبين، مثل سيناء وسوريا والتحديات من داخل "إسرائيل"، على سبيل المثال، أما التهديدات الخارجية فكما ذكرنا أعلاه تنقسم بالنسبة للمستوى الاستراتيجي الصهيوني لفئات متعددة، تقليدية وغير تقليدية ودون تقليدية.

تنبع التهديدات التقليدية من جيوش الدولة أو المنظمات غير الحكومية التي تعمل مثل جيوش الدولة وتملكها مجموعة من القدرات المتكاملة، بما في ذلك النار الجوية والبرية، والمناورات الأرضية واسعة النطاق، والعمليات الخاصة، والفضاء الإلكتروني وعمليات المعلومات، بدعم من المخابرات والقدرات اللوجستية. تلاحظ هذه الوثيقة أن مثل هذه التهديدات ستصبح أكثر شدة إذا كانت الدول السنية تنمو أقل ودية "لإسرائيل".

أما التهديدات غير التقليدية، والتي تقع إيران في مركزها، فتنبع من الجهود لتحقيق القدرات النووية العسكرية التي يمكن أن تعرض "إسرائيل للخطر" وكذلك الطائرات أو الصواريخ بعيدة المدى.

مجال القلق الفوري في الكيان الصهيوني يتعلق بالصواريخ طويلة المدى التي يزعم أن إيران تنشرها في العراق، حي يمكن لها أن تكون مجهزة برؤوس حربية غير تقليدية وتستهدف "إسرائيل".

أما التهديدات دون التقليدية، فتغطي مجموعة واسعة من الاحتمالات، بما في ذلك إطلاق الصواريخ عبر مسارات مرتفعة، على المناطق المدنية، واستخدام الفضاء الداخلي للنشاط العسكري والإرهابي. ويزداد التهديد نظرًا لزيادة الدقة والنشاط في الفضاء الإلكتروني، ونفوذ "العدو" الذي يمارسه ومن الأمثلة على ذلك حزب الله وحماس. ويشمل هذا التهديد الإرهاب من الجهات الفاعلة داخل إسرائيل وخارجها.

كما يشمل هذا التصنيف الفضاء الإلكتروني وتهديدات المعلومات، هذه التهديدات المنبثقة من الدول والمنظمات العدو، تستتبع قدرات مصممة لتعطيل عمل الأنظمة الحيوية في "إسرائيل"، وإزعاج الحياة اليومية، إجراء التجسس، وسرقة البيانات.و قد تنطوي أيضًا على الجهود للتأثير على الرأي والوعي، والإضرار بشرعية استخدام "إسرائيل" للقوة، والإضرار بالنظام القانوني، وتشجيع المقاطعة الاقتصادية والمقاطعات الأكاديمية.

ترى الوثيقة أن صواريخ أرض - أرض بعيدة المدى، كلاهما، تقليدي وغير التقليدي، من الدول والمنظمات البعيدة تشكل تهديدات للمراكز السكانية في البلاد والأصول الإستراتيجية، وتحذر من أن هذه التهديدات قد تعطل قدرة "إسرائيل" على استدعاء احتياطياتها ونقل القوات إلى جبهات مختلفة، وتدمير القدرات الجوية "الإسرائيلية" نتيجة لذلك ما تسببه من أضرار جسيمة لقواعد القوات الجوية، وتدمير الأصول الحرجة مباشرة مثل المطارات والموانئ، والغاز الطبيعي والكهرباء والمنشآت الصناعية ومخازن المواد الخطرة. وبالتالي فإن الوثيقة تؤكد أن "التهديدات دون التقليدية هي نقطة ضعف إستراتيجية بالنسبة لإسرائيل" حيث أن الضرر "من الهجمات ذات الصلة يمكن أن يكون شديدًا بحيث يشل الاقتصاد المدني".

الفلسطينيين:

نظرية إبعاد التهديدات عن الحدود، ونقل المعركة إلى أرض "العدو" تتطلب جهودًا استراتيجية حاسمة، تؤكد الوثيقة ضرورة اتخاذها في الضفة الغربية، حتى في حالة اتفاقية مستقبلية مع الفلسطينيين، وهذا يتضمن دعوة صريحة لاستمرار نشر القوات العسكرية فيها و"السيطرة الأمنية الكاملة على غور الأردن لمنع تشكيل جبهة شرقية محتملة، وضمان تجريد المناطق التي يسيطر عليها الفلسطينيون من السلاح، ومنع زيادة القوة الناتجة عن تهريب الأسلحة من الشرق".

انشر المقال على: