الجمعة 26-04-2024

في مواجهة التطبيع الثقافي العربي

×

رسالة الخطأ

محمد محفوظ جابر

في مواجهة التطبيع الثقافي العربي محمد محفوظ جابر في البداية يجب أن نثبت أن مقاومة التطبيع هي جزء من المقاومة الشاملة لتحرير فلسطين من البحر إلى النهر ، وأن المثقف الذي يعتبرها وسيلة ضغط لتحقيق مكاسب في المفوضات الاستسلامية يسقط دورها الحقيقي في عملية التحرير . كما أن مقاومة التطبيع ليست بديلا عن المقاومة المسلحة بل داعمة لها . ونثبت هنا تعريف التطبيع كما أقرته لجنة مقاومة التطبيع للنقابات المهنية والتي رابطة الكتاب الأردنيين هي إحدى هذه النقابات . تعريف التطبيع : هو كل فكر أو قول أو عمل اختياري ، أو صمت عن أو قبول لفكر أو قول أو فعل يؤدي إلى ويعمل على إزالة حالة العداء مع المحتل الصهيوني الدخيل ، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة وإنهاء صراعنا معه ، الذي هو صراع وجود لا صراع حدود ، خضوعاً أو قبولاً لسياسة الأمر الواقع ، أو اقتناعاً بها ، أو لأية أسباب أخرى ، ويضفي على وجود هذا العدو أية نسبة أو شكل من أشكال الشرعية على الأرض التي اغتصبها ، ويكرس ملكيتها أو السيادة عليها له ، ملغياً بذلك الحق التاريخي للأمة العربية والاسلامية في فلسطين والأراضي العربية المحتلة ، حيث لا يملك أحد ، مهما كانت صفته الصلاحية أو الحق في التنازل عن أرض الوطن وحرمان أجيال المستقبل منها ، أو فرض العمل على استعادتها من الاحتلال والاغتصاب . من هو المطبع : المطبع هو كل شخص طبيعي أو اعتباري يسهم من خلال قول أو فعل أو اقرار بشكل مباشر أو غير مباشر في إزالة حالة العداء مع الكيان الصهيوني أو في الاعتقاد بامكانية التعايش معه ، أو يفضي إلى منفعة مباشرة أو غير مباشرة له ويندرج عن ذلك على كل من يقيم علاقة مهما كبرت أو صغرت مع أي فرد أو جهة اعتبارية صهيونية (اسرائيلية ) أو يعترف بحق "اسرائيل " بالوجود أو يساهم في تكريس الاحتلال بأي سبيل من السبل . إن أمتنا تملك الوعي لرفض التطبيع ومقاومته ولذلك يسعى العدو لكي الوعي لديها وقد رفع رئيس أركان جيش الاحتلال الأسبق ، الجنرال موفاز شعار " كي الوعي " معلنا الحرب الثقافية لأنها تختزن الذاكرة الحية والانتماء القومي والتاريخ العربي . ولكن هناك معاول هدامة تخلق شروخا في الجبهة الثقافية في الوطن العربي علينا الانتباه لها ومقاومتها . ويتمثل التطبيع الثقافي في عدة أوجه : 1ـ التعليم 2ـ الاعلام 3ـ السياحة 4ـ حوار الأديان يبدأ التطبيع باستخدام المصطلحات الصهيونية بدل التسميات والمصطلحات العربية بقصد او بدون قصد ، ومن الأمثلة على ذلك : 1- "اسرائيل " بدلا عن " فلسطين المحتلة " 2ـ " أورشليم " بدلاعن " القدس" وفي القدس : ـ حائط المبكى بدلا عن حائط البراق ـ هيكل سليمان بدلا عن المسجد الأقصى ـ جبل الهيكل بدلا عن قبة الصخرة ـ حارة اليهود بدلا عن حارة الشرف ، وغيرها من المصطلحات 3ـ العمليات الانتحارية بدلا عن العمليات الاستشهادية 4ـ جيش الدفاع بدلا عن جيش الاحتلال 5ـ عرب اسرائيل بدلا عن الفلسطينيون في الأراضي المحتلة عام 1948 6ـ الارهاب بدلا عن المقاومة 7 ـ أسماء المستوطنات وتستند إلى : أسماء توراتية وأسماء شخصيات استيطانية أو عسكرية 8 ـ نهاريم بدلا عن منطقة الباقورة في الأردن تسوفار بدلا عن منطقة الغمر في الأردن كلنا ندرك خطورة تثبيت المصطلح الصهيوني بدلا من المصطلح العربي ورغم ذلك يقع الباحثون والصحفيون وبشكل خاص المترجمون في فخ تطبيع المصطلح مما يتطلب الانتباه . أولا : التطبيع في التعليم : 1ـ تعديل المناهج تنص المادة 10 على ما يلي : أوجه التبادل الثقافي والعلمي : الاتفاق على إقامة علاقات ثقافية بين الطرفين ، انطلاقا من رغبة الطرفين في إزالة كافة حالات التمييز التي تراكمت عبر فترات الصراع . المادة 25 : الفقرة 4 ـ سيتخذ الطرفان كل الاجراءات اللازمة لازالة الاشارات التحقيرية التي تتعلق بالطرف الآخر واستنادا إلى ذلك يتم تطبيق تغيير المناهج التي تتضمن التاريخ والجغرافيا والدين واللغة العربية وإن طمس وتزوير التاريخ العربي عبر تغيير المناهج يتطلب من المثقفين والمؤرخين العرب كشف هذا التزوير وكشف البرامج والمخططات الصهيونية والتصدي لها لرفض أي تبعية لها كما أن حذف النصوص الدينية التي تكشف حقيقة اليهود والتي تدعو إلى الجهاد من أجل التساوق مع المخططات الصهيونية تتطلب من علماء الدين والمثقفين الوقوف أمامها والتصدي لها . 2ـ نشاطات مشتركة تقوم بعض المدارس برحلات متبادلة وتقيم مخيمات مشتركة ، كما تقيم مهرجانات رياضية مشتركة . ولا يخفى على أحد أهمية الصداقات التي تنجم عن هذه النشاطات المشتركة والتي تزيل حالة العداء مع العدو الصهيوني . ـ تقوم بعض المدارس بتدريس مادة " الهولو كوست " 3ـ التنسيق بين الجامعات : تقوم بعض الجامعات العربية بالتنسيق مع جامعات العدو ضمن الآليات التالية : ـ البحث العلمي المشترك ـ تبادل زيارات أساتذة الجامعات ـ انتداب أساتذة من جامعات العدو ـ مؤتمرات علمية ـ قبول طلاب من الطرفين ولا يخفى على أحد ما يتضمنه هذا التطبيع من ترويج للتفوق العلمي والثقافي الصهيوني والدعوة للاستفادة منه ، مما يشكل خطرا على الثقافة العربية . ثانيا : التطبيع الاعلامي : إن دور الاعلام في التأثير على المجتمع دور خطير جدا ، لأنه يدخل كل بيت من بيوتنا ، ويظهر ذلك من خلال ما يلي : ـ طغيان الخطاب الاعلامي المستسلم عبر مهمة ما يدعونه السلام . ـ تغييب خطاب المقاومة . ـ تكثيف البرامج التي تعمل على إلهاء الناس وابعادهم عن القضايا القومية الأساسية وتعبث في عقولهم . الفن الهابط مثالا على ذلك . ـ تشويه الأخبار والمعلومات واستخدام الكذب فيها لتضليل الناس . ـ إيصال الناس إلى حالة الاحباط واللامبالاة عبر التجهيل والحرب النفسية . ـ إقامة مؤسسات اعلامية تضع البرامج والمخططات للقيام بهذا الدور . ومن أوجه التطبيع الاعلامي : 1ـ تصدير الصحف والكتابة فيها 2ـ تبادل البرامج التلفزيونية والأفلام السينمائية 3ـ اجراء مقابلات مع شخصيات هامة من المثقفين والسياسيين عبر الفضائيات والصحف لا بد من مواجهة السيل الاعلامي المزيف لحقائق التاريخ ومواجهة عملية تشويهه ودعم الاعلام المقاوم وترويجه . ثالثا : التطبيع في السياحة : نصت المادة التاسعة من معاهدة وادي عربة تحت عنوان : الاماكن التاريخية والدينية : على حرية الطرف الآخر بالوصول اليها. بينما ورد في المادة17 : يؤكد الطرفان رغبتهما المتبادلة لتعزيز التعاون فيما بينهما في حقل السياحة. كما نصت المادة 23 : على تنمية مشتركة لمدينتي العقبة وايلات في مجالات من ضمنها تنمية السياحة المشتركة .والطيران ومن آليات التطبيع السياحي : 1ـ تنظيم رحلات جوية مباشرة وتنظيم خطوط نقل برية : مكتب شركة الخطوط الجوية الملكية في القدس ، وشركة باصات الجيت 2ـ تشغيل خطوط اتصالات 3ـ نشر الاعلانات التجارية في جميع وسائل الاتصال المختلفة 4ـ استغلال الآثار التاريخية والدينية لدخول العرب والمسلمين لزيارتها 5ـ تسهيلات دخول اليهود للدول العربية والاسلامية لزيارة اضرحة بمسميات يهودية في الاردن والدول العربية : خطورة التوسع حولها ومن اخطر العمليات التطبيعية في السياحة ما يلي : 1- زيارة القدس وربطها بشعار" زيارة السجين لا تعني الاعتراف بالسجان" ان الخطر يكمن بتقبل زيارة القدس وهي تحت الاحتلال والموافقة على وجود العدو الصهيوني فيها فهل سألتم انفسكم لماذا لا يسمح للفلسطيني ان يزور القدس بينما يسمح للعرب والمسلمين بزيارتها؟ 2-العقبة وايلات : المفروض ان هناك تنافس سياحي بين المدينتين ولذلك تقتضي مصلحة الاردن ان تشجع العمل السياحي في العقبة وليس في ايلات لمصلحة من توظيف العمال الاردنيين للعمل في ايلات واين يعملون ؟ انهم يلون مكان عامل صهيوني يتحول الى جندي يطلق النار على ابناء الشعب الفلسطيني . رابعا : حوار الأديان : تنص المادة 9 من معاهدة وادي عربة على قيام الطرفان بالعمل على تعزيز حوار الاديان بين الاديان الثلاث التوحيدية. ماهو هدف الحوار ؟ هل ما يجري من حوار هو حول توحيد الاديان في ديانة واحدة ؟ او ان كل طرف يسعى لاقناع الاطراف الاخري بديانته ؟ انه حوار سياسي هدفه التطبيع بين اصحاب الاديان الثلاثة لازالة حالة العداء بينهم. من مظاهر التطبيع الثقافي : التطبيع الثقافي هو نزع العداء للكيان الصهيوني من العقل العربي لاستكمال اتفاقيات ومعاهدات الاستسلام التي نزعت السلاح من اليد العربية . لذلك سعى العدو الصيوني إلى إزالة المفاهيم السلبية والعدائية من وجهة نظره في الثقافة العربية تجاه الاحتلال الصهيوني فتعددت مظاهر ونشاطات سلطات الاحتلال ومنها : 1ـ مراكز الأبحاث : المركز الأكاديمي الاسرائيلي بالقاهرة مثالا. 2ـ في مجال الفكر والأدب: ـ زيارات الأدباء والكتاب الاسرائيليين وتوجيه الدعوات للأدباء والكتاب العرب لزيارة فلسطين المحتلة . ـ تبادل الصحف والمجلات والكتب ـ المشاركة في معارض الكتب 3ـ في مجال الفن : الموسيقى والغناء والسينما ......... الخ ـ زيارة المنتجين والمخرجين والممثلين ـ الاشتراك في مهرجان القاهرة السينمائي ـ عرض الأفلام الاسرائيلية في معرض القاهرة للصناعة ـ دعوة الفرق الفنية للمشاركة في مهرجان الربيع في تل أبيب أهمية التطبيع بالنسبة للكيان الصهيوني : إن ثقافة السلام تشير بوصلتها إلى محو الذاكرة الوطنية والقومية وعدم التركيز على الحرب العادلة من أجل تحرير فلسطين المحتلة ونسيان التضحيات من أجل الحرية بل وبناء أجيال جديدة ثقافتهم هي ثقافة السلام ، بالتأكيد هي ثقافة استسلام ، وهي ثقافة التطبيع التي تسعى إلى إعادة صياغة ذاكرتنا بحيث تقبل بوجود العدو . ومن هنا تبرز أهمية التطبيع للعدو فهي : 1ـ كسر الحاجز النفسي مع العرب والمسلمين من جهة والكيان الصهيوني من جهة أخرى 2ـ إلغاء المقاطعة العربية والاسلامية الاقتصادية ، وفتح الأسواق أمام المنتوجات الاسرائيلية 3ـ الاستفادة من المياه العربية لتحقيق أهداف المشروع الصهيوني 4ـ فتح أبواب الهجرة أمام يهود العالم إلى فلسطين لدعم المشروع الصهيوني 5ـ الاستفادة من النفط العربي آليات المواجهة : نرفض التطبيع لأنه اعتراف بوجود الكيان الصهيوني على أرض فلسطين التي هي جزء من الوطن العربي وشعبها جزء من الأمة العربية تماما مثل الأردن والشعب الأردني ولذلك نحن مطالبين في الأردن أن تبقى القضية الفلسطينية هي القضية المركزية لنا وإن التطبيع هو انحراف للبوصلة القومية عن الاتجاه الصحيح الذي يشير إلى فلسطين . 1ـ المظاهرات والمسيرات والاعتصامات ضد التطبيع 2ـ المؤتمرات والندوات حول التطبيع : التوعية الثقافية والفكرية 3ـ التحريض الاعلامي وعبر وسائط التواصل الاجتماعي 4ـ شن حرب نفسية ضد العدو الصهيوني 5ـ المقاومة العسكرية المنظمة والمقاومة الفردية 6- اصدار الفتاوى الدينية المناهضة للتطبيع 7- رفض تغيير المناهج التعليمية لخدمة المشروع الصهيوني 8- عدم عزل الثقافة الوطنية عن الثقافة القومية مقاومة الترويج للثقافة والتطور العلمي الاسرائيلي . 9- كشف المعلومات والافكار التي تشكك بتاريخنا وثقافتنا القومية 10- الاستفادة من حرية التعبير وحرية الرأي وهي من الحريات العامة الضرورية لنشر ثقافة المقاومة في مواجهة ثقافة التطبيع. في النهاية : ان لجنة مقاومة التطبيع لرابطة الكتاب الاردنيين لا تستطيع وحدها ان تنجز برنامجها ونحن في هذه اللجنة نحتاج الى مساعدة كل عضو في رابطة الكتاب ليقوم بدوره في الدفاع عن هذا الحصن المنيع ليستمر في مقاومته للتطبيع وحتى تستمر الرابطة عصية على معاول الهدم ان تصل اليها وتسبب شرخا فيها . 13 / 12/ 2017م قدمت في ندوة في رابطة الكتاب

انشر المقال على: