السبت 04-05-2024

في ذكرى الشهيد القائد المقاتل رائد نزال

×

رسالة الخطأ

موقع الضفة الفلسطينية

في ذكرى
الشهيد القائد المقاتل رائد نزال

حين يستشهد جندي جبهاوي مقاتل فـي مواجهــة .. تنحني هامات كل الجبهاويين مهابةً أمام هـذا المقاتل ..ولكن ماذا حينما يستشهـدان قائـدان جبهـاويان مقاتـلان ..ومـاذا أيضـاً لو كان الشهـداء القـادة هم رائـد ونضـال ..
رصاصات تطلق.. قنابل وألغام تتفجر.. كتائب حمراء لا تستكين ولا تهدأ .. مدارس جيفارية لا تغلق .. ثورة وانتفاضة ومقاومة وجبهة لا تتوقف ..
فلم يكن فارقاً أبداً بين دبابة تقارع بطلاً في قلقيلية وطائرة تقصف بطلاً آخراً في خانيونس .. ولم يكن أيضاً بين الرصاص الثقيل والصاروخ فارق .. ولم يكن بطل قلقيلية رائد يختلف عن بطل خانيونس نضال .. ولم يكونا الاثنان غريبا الدار .. فلعلهما اجتمعا ذات يومٍ تحت سقف قيدٍ واحد في شطة أو نفحة أو عتليت أو عسقلان أو أي معتقلٍ آخر .. وإن لم يكن ذلك .. فمن المؤكد أنهما اجتمعا عمراً بأكمله تحت سقف احتلال واحد.. آطال بسواد ظله كل آمالهم وأحلامهم .. ولكنه لم يطول منهم إرادة البقاء والصمود و التحدي.. إرادة رائد النضال ونضال الرائد .. إرادة أبناء الجبهة المعهودة دوماً ريادةً ونضالاً.
التوقيت لم يكن مناسباً فعلاً.. كانت آلام نيسان تتقلب صفحات هذا الشهر الدامي .. كانت نيران الاحتلال تشتعل في جيد الوطن .. وكانت الانتفاضة عاليةً جداً بأدائها .. بسخونتها .. بضحاياها .. حجم المشاركة كان فيها أقل بقليل مما يتصور البعض .. كانت ميادينها تقتصر على مَن هم أكثر رجولةً وأكثر بطولةً وأكثر عطاءً وتضحية.
المسافة كانت تبتعد كثيراً ما بين قلقيلية وخانيونس .. ولكن لم تكن هناك أي مسافة بين فكر ومبدأ وهدف ورصاص وبنادق وجبهة رائد ونضال.
رائد نزال هو قائد النزال ورمز الاشتباك المستمر مع العدو منذ أن تفتحت عيونه على عشق التراب حين تلقى دروس الثورة علما تطبيقيا على يد أسرة مناضلة اختبرت كل معاني القتال .
أبو أسير الذي اختار اسم ابنه تماهيا مع قضية المعتقلين في غياهب سجون الاحتلال، رفاق الدرب الذي تبادل معهم وراء جدار الحنين المعرفة والضحكة والأغنية والدبكة وكل الأفعال العفوية التي يمارسها الرفيق الإنسان دون حاجة لسرد مبررات تلقائيته كما بعض رفاق الوقت الذين فهموا معنى كلمة رفيق في اطار التجهم والعبوس والجدية ومعاداة الفرح الشرعي ….
ربما من أصعب اللحظات على القلم أن يخط كلمات تليق بالشهداء … وكان لا بد من عودة لما يسمى بعرف الباحث بطاقة شهيد التي هي رصيد المعرفة الأولى للاقتراب من حياة مقاوم بدأ نضاله مع العدو منذ أن كان في الثالثة عشر من عمره حين اعتقل لمدة 25 يوما من سلطات الاحتلال تبعها في الرابعة عشرة لمدة ثلاثة عشر شهرا ثم الخامسة عشرة تباعا .
اعتقالات متتالية بلائحة اتهامات مختلفة منها القاء الزجاجات الحارقة على العدو وحرق عدد من سيارات العملاء وكانت المجابهة الأكبر حين أعلن الشهيد رفضه للخيانة بإعدام أحد العملاء في سجن جنين وحكم عليه بالسجن المؤبد ,,,,,
لم يغرق الشهيد وقت تنفيذ العملية في أسئلة الانتظار لأنه تتلمذ على كلمة الخشية من أن تصبح الخيانة وجهة نظر وأن الخيانة ليست الا ميتة حقيرة في نهاية المطاف ….

وبين حكم بالمؤبد ورحلة الإفراج عنه في صفقة الأسرى عام 1999 ،لم يتوقف نضال الشهيد على كل الصعد السياسية التي كان يبتعد فيها عن كل كلمات العملقة والتفخيم … فمن عاش حياة الأسر لا يمكن أن ينتشي بعبارات الثناء المبالغ بها لأنها المقتل لكل أسير… ولعل ما نشهده اليوم في بعض الكوادر المحررة أكبر شاهد ودليل ليس عيبا فيهم ،بقدر ما هو مسؤولية حزب يجب أن يكون أول درس في أدبياته التواضع والإنسانية ونبذ الاستعراض التي لا علاقة لها بنضال من تربى في مدرسة الحكيم و أبو علي مصطفى وسعدات وغسان كنفاني الذين لم يكونوا ملائكة بقدر ما كانوا ينتمون لمدرسة الإنسانية …

ولعل كلمات الشهادة التي قالها بطل السجون أحمد سعدات عن القائد البشوش رائد…. تختصر كل شمائله الرفيعة حين قال أن الشهداء لا يمرون في صفحات تاريخنا إلا حروفاً وكلمات معمدة بالدم وسطوراً نسجت من أشلائهم الممزقة .
فالعقل القيادي الفلسطيني، ينبغي أن يستلهم عند كل موقف و منعطف، بمأثرة الشهداء الأبرار، وان يزداد صلابة وتمسكاً بالقضية والموقف، و كلما ساور أحدنا الوهن أو الشك فثمة في مواقفهم ما يغني وينير لنا الطريق و يقودنا للنصر المحتم.، لقد اخترت هذه الكلمات لان هناك حاجة ماسة ولدتها حاجات المرحلة، خاصة بعد الهجمة العدوانية لرعاة البقر الأمريكية وأتباعهم البريطانيين على المنطقة عبر بوابة العراق،( تزامنا مع تاريخ الاستشهاد عام 2002) أي قبل الغزو الأمريكي بأقل من عام لتسوق ثقافة الهزيمة وتعرضها بالقوة، وتساعد العديد من مروجي هذه الثقافة تحت عبارات رنانة باسم الواقعية والحكمة والانحناء للعاصفة، و غيرها عبارات الفتها وعافتها آذاننا، فكان لا بد من التذكير بشرح عبارات نبيلة من فنان وأديب ومناضل مبدع وشهيد حتى لا يتطاول عليها أحد المدعين من أنصار واقعية الهزيمة.
انظروا إلى حياة رفيقي الشهيد القائد رائد نزال ففيها تجدون الجواب، حيث نجد انسجام النظرية مع الممارسة في بوتقة “القضية و الموقف الى هنا يسكت الكلام مع حروف الشهادة الحق من ثائر السجون أحمد سعدات … التي تلخص سيرة مقاوم لم يتراجع عن خط الثورة والدرب الذي اختاره ، حتى بعد تحريره في صفقة الأسرى عام 1999 ..
حيث واصل نضاله السياسي والعسكري الذي كان يرى فيه كل مرآة الثورة تطبيقا لا قولا …. فكانت معركة النزال والاشتباك الذي لن يكون الأخير من وراء جدار ومربع لا علاقة له بمسميات الوقت مربعات أمنية وغيرها من مصطلحات العمالة والتآمر على وصية الشهادة ودموع الأمهات وكبت .
الثكلى وآهات المنتظرات لأسراهم وراء قضبان الصمت المريب … يومها قال الشهيد رائد لرفاقه أن يتركوا المكان ليقارع العدو وحده على مدى ساعتين ، وسنوات من ملاحقته في مواقع عدة في عمر قصير لم يتجاوز الثلاثة والثلاثين كان شعاره فيها أما أن اكون او لا أكون رافضا بشراسة كلمة المتخاذلين المرحلية والمستحيل ……

أي مستحيل مع عبارة الشهيد الخالدة: لن أكون عبدا للمرحلة ولن أقبل وعلى الملأ بهذا الموقف المذل لأنني لن أعيش سوى مرحلة واحدة وسوف أعيشها بشرف ….
صدق من سماك يا رفيق الصدق الثوري والعفوية الإنسانية ….. قائد الجلجلة الذي لا يخضع ولا يركع.. والمرجل الذي يغلي ثورة في كل وقت ويجترح المعجزات خلال ساعتين، بينما جيوش مدججة بالسلاح ما زالت ترتعش من سيرة البنادق التي أصابها الصدأ في صفقات الشبهة وخزائن الخديعة.
في ذكراك لا نقول الا كلمة الأغاني التي تحب رجع الخي يا عين لا تدمعي ما دام يولد في الوطن كل يوم ثائر وما دام هناك رفاق يحملونك ذكرى وذاكرة تبقى كما زغرودة الأم في مساء العرس الآتي حتما … أنت يا من كنت على دراية بميعاد استشهادك حلمك بإصرارك على رؤية زوجتك وطفلك أسير ، قائلا بإصرار لرفيقة دربك بدي إياكم وبس .. وهم معك الآن في كل لحظة ووقت … مع كل نبضة مقاوم وصرخة حجر وكلمة حق لدى حاكم خائن وسلطة جائرة باعت كل شئ.
الشهيد رائد نزال.... فخ الكمين وسيرة المرجل الذي يغلي دائم
رائد نزال.. ليس كل ما نعرفه عن هذا البطل أنه استشهد بتاريخ 26 نيسان.. بل إن لهذا البطل واقع حياة كلها ألم. ألم وجدت فيه روح البطل للمقاومة.. وهذا ما أكده رفيقنا رائد مبرهناً عليه بأدائه ونزوعه الوطني والثوري واحترافه لانتمائه لوطنه ولجبهته.. مفضلاً دوماً موقف الضحية المضرجة بكبرياء علي المنتصر المجلل بالغطرسة.
لقد كان الرفيق رائد نزال الفعل الأوسع والعمل المتألق في أداء وفعل المقاومة على اختلاف مناطق الضفة الفلسطينية.. بل وتجاوزت أفعاله وبطولاته حدود ما تسمى بأراضي "67".. ليسجل وبفعل جهده الصادق أروع وأدق العمليات الاستشهادية في مدن وتجمعات الكيان التي أسفرت عن مقتل عشرات الإسرائيليين .. هذا عدا عن عشرات العمليات المتنوعة ما بين اشتباكات مسلحة وزرع عبوات واقتحام مغتصبات.. كانت ساحاتها معظم مدن وقرى ومخيمات الضفة الفلسطينية والتي يشهد الجميع لها ولجراءتها ولنوعيتها.. ولعل هذا ما حدا بأجهزة الكيان الأمنية مجتمعة .. بأن تنشط وبفعالية عالية جداً وتحت استنفار ترسانة المؤسسة العسكرية الصهيونية .. نظراً لما استبصرته تلك الأجهزة من خطرٍ في بقاء هذا القائد الجبهاوي الذي أوصل الألم والوجع إلى قلوب مرضعات هذا الكيان المصطنع .. بل وإن ما زاد بصيرة العدو في خطر رائد كما يحسبون .. هو ما لمسوه وما لمسه الجميع من تقويمٍ وانتعاش في بنية الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في كافة قرى ومدن ومخيمات الضفة الفلسطينية وخصوصاً البنية العسكرية للجبهة متمثلة في كتائب الشهيد أبو علي مصطفى.. ولهذا بدأ العدو بإعداد العدة لوضع حدٍ لحياة هذا القائد الذي كان يرى في بقائه.. أو حتى التأخر في القضاء عليه خطر قائم يلاحقهم .. هذا إن ما سارعوا في وضع حدٍ لحياته. إلا أن ذلك لم يكن بالأمر الهين في حياة وقاموس هذا البطل.. ليرفض أن يمتثل مستسلماً أمام الآلة العسكرية الصهيونية.. حينما فرضوا طوقاً عسكرياً غير مسبوقاً على مدينة قلقيلية .. وتنفس هذا الطوق بعشرات الآليات العسكرية المدرعة التي أخذت أدوارها العدائية في كافة شوارع وأزقة وحواري قلقيلية .. ليأبى رفيقنا وبطلنا رائد في هذه اللحظات إلا أن يبقى بطلاً .. وليرفض الهزيمة والاستسلام كما رفضهما طوال حياته .. وليخرج إليهم ممارساً عناد وتحدي وعنفوان الجبهاويين وليقارع دباباتهم بكل سخرية .. وليلحق بهم من الأذى والويلات ما يؤهله بعدها لأن يتوارى تراب قلقيلية نداً .. فقاتل .. وقَتل .. واستشهد على طريقته هو وكما أراد .
القائد رائد موسى ابراهيم نزال, ابن قلقيلية البطولة والتحدي, والذي جسد اروع ملاحم البطولة والفداء, لا بل سجل سمفونية عز وفخار وإيثارية لا و لن تكون الا من سمات وكاريزما الابطال إذ ليس غريباً على هكذا نوع من الأبطال أن يمنوا ويترعرعوا في كنف القائد احمد سعدات ومحمد سعدات ... نما وترعرع في مدرسة ابراهيم الراعي والمعلم القائد ربحي حداد ابا رامز الذي ابا الا ان يكون ندا مقاتلا قابضا على زناده ليكون الراس بالراس والرصاص بالرصاص ويكون الانسان في هذه اللحظات قضيه ويكون ابطالنا القاده رائد نزال وربحي حداد ابا رامز وجيفارا غزه ومحمد سعدات على هدي الرفيق المعلم غسان كنفاني حينما قال" الانسان قضيه ". ان القادة الشهداء وفي المقدمة منهم الحكيم وابو علي لهم قناديل تنير لنا الطريق يجب ان نستلهم منهم العبر و الاجوبة للقدرة على الصمود والثبات على المبدأ انهم الابطال الذين تخطوا مفاهيم المد الرجعي كالواقعية الرجعية والدبلوماسية لمقاومة تعمل من اجل الانتصار لشعبها وتكريس مفهوم الجذرية الثورية سيما واننا ما زلنا نناضل في ظل مرحلة التحرر الوطني والديمقراطي . هؤلاء القادة العظماء وهم على رأس مسيرة من الدم والشهداء والجرحى والاسرى مؤكدين دوما ان كافة الخيارات والعبارات الهشة من واقعية ودبلوماسية التراجع والاندحار التي لا مكان لها بين اخاديد القهر الصهيوني سيما وانه لا مكان ولا زمان ولا بد يل عن المقاومة في مواجهة الارهاب الصهيوني بعيدا عن كافة المفاهيم والمصطلحات المشبوهه ............ في مثل هذا اليوم 1 / 6 / 1969 كان الانسجام لذلك المقاتل الايثاري الذي عمد موقفا بطوليا بقراره الشجاع لرفاقه بالانسحاب, ليكون هو بنفسه ساتراً وقائدا حقيقيا , لتكون دبلوماسية الرصاص والتكتيك الصائب في ادارة المعركة, متنقلا بين اعمدة البنايات, ليواجهوه كمن لو كانوا يواجهون جيشا مستخدمين القذائف للقدرة والسيطرة على هذه الحالة الثورية المستعصية التي جسد فيها رفيقنا رائد اروع ملاحم البطولة مجسداً ايضا متانة الهوية الفكرية السياسية التنظيمية لذلك القائد الثوري الذي لم تهتز سيقانه وقت الشدائد . عهدا رفيقنا ان لا نقيل ولا نستقيل حتى تحقيق اهداف شعبنا التي استشهدتم من اجلها .
من سجل الخالدين

انشر المقال على: