الخميس 28-03-2024

فشل مؤتمر القاهرة .. وأنان يفكّر بالتنحي .. ورئيس المراقبين يستقيل

موقع الضفة الفلسطينية

المراقبون الدوليون إلى تقاعد قريب، بعد المراقبين العرب. أول الارتدادات العكسية لفشل اجتماع جنيف حول سوريا: تنحي الجنرال النروجي روبرت مود عن قيادة قوة المراقبين الدولية في سوريا، وتخلي كوفي انان عن طلب تجديد مهمته في سوريا، واإحتمال طي صفحة خطته نهائيا، واعادة الملف السوري الى مجلس الامن الدولي، والى «مؤتمر أصدقاء الشعب السوري» المقرر عقده في باريس الجمعة المقبل، والذي اعتبرت موسكو انه لم يعد له مبرر واتهمت بعض الدول الغربية بالسعي إلى «تحريف» اتفاق جنيف الاخير.
في هذا الوقت، فشل مؤتمر القاهرة في يومه الثاني والاخير امس في تحقيق أي تقدم نحو توحيد صفوف المعارضة، وشهد خلافات حادة بين المشاركين، وصلت الى حد التضارب بالايدي، اثر انسحاب ممثلي الكتلة الكردية، احتجاجا على عدم اعتراف الوثيقة النهائية للمؤتمر بحقوق الكرد السوريين.
من جهته، قال الرئيس السوري بشار الأسد، في مقابلة مع صحيفة «جمهورييت» التركية، هي الأولى مع صحيفة تركية منذ بدء الازمة في سوريا قبل 15 شهرا، ردا على سؤال حول اتفاق جنيف «لم يحصل اتصال مباشر بعد بيننا وبين كوفي انان أو بين الطرف الروسي حتى هذه اللحظة، لكن هناك نقاطا كانت واضحة في ما صرح به انان ووزير خارجية روسيا (سيرغي) لافروف، أولا بأن الشعب السوري هو الذي يحدد (مستقبله) وهذا هو موقفنا في سوريا. يجب أولا وقف العنف وهذا موقفنا في سوريا. يجب نزع سلاح المجموعات المسلحة وهذا هو موقفنا. الأيادي الملوثة كما قال انان بالدماء السورية ليست موجودة داخل سوريا فقط، وإنما في الخارج، وهذا يؤكد دور الدول الأخرى التي تورطت. هذه النقاط بالنسبة لنا جوهرية، لكن أهم شيء يعنينا ولا نوافق على غيره هو أن كل شيء يتم اتخاذ القرار بشأنه داخل سوريا وليس خارجها».
وقال مصدر ديبلوماسي غربي لمراسل «السفير» في باريس محمد بلوط، إن الجنرال النروجي روبرت مود اودع الأمانة العامة للأمم المتحدة رسالة ابلغ فيها بان كي مون عزوفه عن طلب البقاء على رأس قوة المراقبين في سوريا، في حال قررت الأمم المتحدة تمديد مهمة المراقبين في ما يتعدى العشرين من تموز، وهو الموعد الأصلي لانتهاء بعثتهم إلى سوريا كما قرر مجلس الأمن .
وقال ديبلوماسي غربي إن الجنرال النروجي لم يكن
متحمسا للبقاء على رأس قوة المراقبين. وكان مود قد طلب في الأسابيع الأولى لتكليفه، استبداله بجنرال آخر، إلا أن ايا من الدول الغربية لم تكن لترغب بإرسال بديل للجنرال مود من عسكرييها، خصوصا أن العملية بدت معقدة ومتجهة نحو طريق مسدود.
وقال المصدر الغربي إن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون حاول الالتفاف على إعلان فشل البعثة الدولية في سوريا، بوضع توصيتين أمام مجلس الأمن أمس، ليختار إما رفع عديد البعثة التي علقت أعمالها على الأرض منذ أسابيع، وهو يعلم مسبقا بأن ذلك سيكون صعبا، وإما تحويلها، وهو الاتجاه الذي تبناه فعليا، إلى مجرد بعثة سياسية مؤلفة من بضعة ديبلوماسيين تكتفي برفع بعض التقارير عن الأوضاع في سوريا، من دون أن يكون لها اي نشاط رقابي. وقال المصدر الديبلوماسي الغربي إن التفكير يتجه إلى ناصر القدوة، مساعد كوفي أنان، الموفد الدولي والعربي، ليترأس بعثة الأمم المتحدة.
وسبقت قرار الجنرال مود إشارات ديبلوماسية في الأمم المتحدة إلى استخلاص الدروس من الفشل في جنيف، واعتبار انهاء قوة المراقبين الدولية نتيجة منطقية لهذا الفشل. فالبعثة نفسها لم تكن سوى طليعة مسار خطة انان، يشترط تواصلها الانتقال إلى حوار سياسي وعملية انتقالية وحكومة وحدة وطنية، وهو ما اخفقت جنيف في الاتفاق حوله. وفي هذا الإطار، نعى جيرار آرو، مندوب فرنسا في مجلس الأمن قوة المراقبين «الذين لا بد منهم شريطة اطلاق العملية السياسية. ومن دونها لا بد من طرح خيار تقليصها أو ربما إغلاقها».
ولم يقتصر الأمر على المراقبين الدوليين. فخلال الساعات الماضية شهدت اروقة الأمم المتحدة في جنيف اجتماعات لإقناع كوفي أنان بعدم التخلي عن مهمته. وقال ديبلوماسي غربي إن أنان ابلغ مساعديه بأنه يفكر جديا في وقف عمله، بعد ما وصفه بتعرضه للخديعة من قبل الروس والأميركيين في جنيف.
وكان انان قد حاول تأخير موعد الاجتماع في جنيف لإتاحة المزيد من الوقت للروس والأميركيين بشكل خاص، للتوصل إلى تسوية حول آلية اكثر وضوحا للعملية الانتقالية في سوريا. واعتبر الأمين العام السابق امام مساعديه، بعد انقضاء المؤتمر ان الروس والأميركيين قد خدعوه. وقال إنه تلقى وعودا من الطرفين خلال الأعمال التحضيرية بتسهيل مهمته واعطاء فرصة لحل سياسي في سوريا، لكنهما نكثا بوعودهما خلال المؤتمر، وتخليا عن النصوص التي كانت اكثر فعالية، كما جرى التوصل اليها في المشاورات الأولية.
من جهته، قال وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف في مؤتمر صحافي في موسكو «للاسف بدأ بعض ممثلي المعارضة السورية يقولون ان اتفاق جنيف غير مقبول بالنسبة اليهم، وفي موازاة ذلك بدأ بعض المشاركين الغربيين في اجتماع جنيف يحرفون في تصريحاتهم العلنية التسويات التي توصلنا اليها». واضاف لافروف ان «تأويل هذه التسويات لا يفيد في شيء»، فهي «تتفق تماما مع ما جاء في البيان (الختامي) ويجب ان نحافظ على ذلك»، من دون ان يحدد الدول التي كان يشير اليها.
وأوضح الوزير الروسي ايضا ان وفدا من المعارضة السورية سيصل الى موسكو الاسبوع المقبل، وليس هذا الاسبوع كما كان مقررا اصلا، وذلك لانهاء اعمال العنف والتشجيع على فتح حوار. ولم يحدد الوزير الروسي تشكيلة هذا الوفد.
من جهة اخرى، اعلن لافروف ان روسيا لن تشارك في اجتماع «اصدقاء سوريا» المقرر عقده الجمعة في باريس، مشيرا الى ان هذا اللقاء لم تعد له ضرورة بعد اجتماع جنيف.
وكرر وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس من جهته القول إن المرحلة الانتقالية السياسية كما طرحت في اتفاق جنيف «تستبعد وجود (الرئيس السوري) بشار الاسد». واضاف «يقول النص: ان خيار الذين سيشكلون جزءا (من الحكومة الانتقالية) يفترض ان يكون موضع تفاهم (مشترك)، ما يستبعد بالطبع بشار الاسد. ولا يمكن تصور ان توافق المعارضة على وجوده». واضاف ان اجتماع الجمعة المقبل «سيؤكد مجددا دعم المجتمع الدولي لتنفيذ خطة انان».
كما اعلن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند امام العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني تأييده تشكيل «هيئة انتقالية» في سوريا «توافق عليها المعارضة السورية» بحسب بيان للاليزيه. وهو اللقاء الاول بين الاثنين منذ تسلم هولاند السلطة في فرنسا. وبخصوص سوريا قال البيان «ان رئيس الدولة ذكر بادانة فرنسا لاستمرار القمع الدامي واكد مجددا دعمه مهمة كوفي انان الموفد الخاص المشترك للامم المتحدة والجامعة العربية، ودعمه التنفيذ الفعلي لخطة السلام التي تم تبنيها في جنيف السبت الماضي».
وذكرت الرئاسة الفرنسية ان «هذه الخطة تنص بشكل خاص على انشاء هيئة انتقالية تتمتع بصلاحيات تنفيذية كاملة وتحظى بموافقة المعارضة السورية وقادرة على اعادة الثقة وانهاء القمع». واكد البيان «ان فرنسا مصممة على العمل خصوصا داخل مجلس الامن الدولي من اجل تنفيذ هذه الخطة وتشديد ضغوط المجتمع الدولي من اجل الانتقال السياسي في سوريا».
واكد ايضا ان باريس «تواصل اتصالاتها بشكل ناشط مع شركائها الدوليين تحضيرا لاجتماع مجموعة اصدقاء الشعب السوري المقبل، في 6 تموز الحالي في باريس والذي ستكون المعارضة السورية ممثلة فيه بشكل واسع»، بينما اعلن مسؤول في وزارة الخارجية الاميركية مشاركة الوزيرة هيلاري كلينتون في المؤتمر الباريسي.
وأعلن نائب الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ديرك برينغيلمان في مؤتمر صحافي في موسكو، أن الحلف لا يسعى للتدخل العسكري لحل الأزمة السورية. وقال برينغيلمان «نحن نرى ان الحل سياسي وسيتم ايجاده»، مشدداً على «اهمية التوصل اليه بأسرع وقت ممكن، اذ ان كل تأخير يسفر عن ضحايا جديدة من المدنيين السوريين».

انشر المقال على: