الجمعة 26-04-2024

غباي إمتداد لماكرون

×

رسالة الخطأ

عمر حلمي الغول
 

غباي إمتداد لماكرون

 
عمر حلمي الغول

حزب العمل الإسرائيلي، الذي يعاني من أزمات عميقة في بنيته التنظيمية والسياسية أدخلته وحدة العناية المركزة، إنتصر أول أمس الأثنين لخيار التجديد في رأس الهرم القيادي، عندما صوت 52% من اصحاب حق الإقتراع في الجولة الثانية لآبي غباي مقابل 48% صوتوا للمنافس المخضرم عمير بيرتس. وكأن لسان حال الحزب يقول لا للحرس القديم، ونعم لقيادات من طراز جديد.

 كان فوز غباي مغربي الأصل الوافد الجديد لحزب العمل منذ شهور قليلة، والمغمور نسبيا في المشهد السياسي والحزبي، والقادم من حزب "كولانو" إنتصارا لعملية التغيير في بنية القيادة، ورفضا في ذات الوقت للقيادات التاريخية، التي يعتبرها غالبية الأعضاء سببا رئيسيا في تهالك وشيخوخة الحزب، وتراجعه لإسفل سلم القوى السياسية الفاعلة في المشهد الإسرائيلي، رغم وقوفه على رأس المعارضة الإسرائيلية الباهتة برئاسة هيرتسوغ، الذي لم يحالفه الحظ من الجولة الأولى للانتخابات في الرابع من تموز الحالي.

هذا التحول الإدراماتيكي شبيه بما حصل في الإنتخابات الفرنسية الأخيرة، التي جاءت بالرئيس الفرنسي الشاب ابن التاسعة والثلاثين عاما. وهو التحول ذاته، الذي جاء بترامب السبعيني لرئاسة الولايات المتحدة. وكأن لوحة التغييرات تجتاح العالم كله، وليس حزب العمل وإسرائيل فقط. لاسيما وأن غباي إبن الخمسين عاما، كما ذكر آنفاً كان مغمورا، وتجربته الحزبية والحكومية متواضعة قياسا بالآخرين من العمل والأحزاب الأخرى. فهو لم يتسلم سوى وزارة البيئة، وإستقال من الحكومة بعدما عين نتنياهو افيغدور ليبرمان، وزيرا للحرب بديلا عن يعلون. مما صدم آنذاك شريكه، ورئيس حزب "كولانو"، كحلون.

لكن السؤال او الأسئلة المثارة حول إنتصار غباي كثيرة، وتطال أكثر من مستوى وصعيد، هل هو قادر على النهوض بحزب العمل؟ بمعنى هل يستطيع إحداث النقلة في مكانة الحزب الجماهيرية والسياسية؟ وهل هو قادر على إسقاط حكومة الإئتلاف اليميني المتطرف بزعامة نتنياهو المثخن بجراح الفساد وازمات الإئتلاف؟ وهل يملك رؤية واضحة وراسخة لبناء ركائز السلام مع القيادة الفلسطينية؟ وهل يملك القدرة على بناء تحالف قوي لإعادة الإعتبار للديمقراطية الإسرائيلية المتآكلة، والتي لم يعد لها وجود بالمعنى الحقيقي للكلمة حتى في اوساط اليهود الصهاينة؟ وهل يقوى على مواجهة التغول الإستيطاني، الذي بات يتغلغل في كل مناحي الحياة الإسرائيلية؟

أمام غباي الصاعد إلى سلم قيادة حزب العمل مهام كثيرة داخلية وخارجية. لعل الأسئلة المثارة آنفاً تحمل في طياتها العديد من المهام المنوطة بإيجابات واضحة ومحددة. يصعب التنبؤ من الآن بما سيكون عليه حال حزب العمل. غير ان الرئيس الجديد له قادر على إحداث النقلة النوعية، التي يريدها هو وجمهور الحزب، والقوى المعولة عليه في حال إحداث نقلة نوعية في بنية الحزب، وبناء تحالف قوى بالتعاون مع القوى الإسرائيلية والقائمة المشتركة على ارضية أولا التمسك بخيار إسقاط تحالف نتنياهو الحاكم، ودافع بقوة عن مساواة العرب الفلسطينيين في ال48، وجفف أموال الدعم لقطعان المستعمرين، وتمسك بخيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967، وأعلن الإستعداد الكامل لدفع إستحقاقات السلام إستنادا لمرجعيات التسوية ومبادرة السلام العربية، كما هي دون تلاعب او تغيير. دون ذلك يكون فوزه شكليا، وغير ذي شأن على كل الأصعدة. فهل يكون غباي قادرا على تحقيق ما تقدم. الأيام القادمة كفيلة بالجواب. 

 

انشر المقال على: