الجمعة 03-05-2024

عندما كنت في القدس 3

×

رسالة الخطأ

محمد محفوظ جابر

عندما كنت في القدس 3

محمد محفوظ جابر

كنت طفلا صغيرا عندما استأجر والدي بيتا في مطلع خمسينات القرن الماضي، في حي باب حطة القريب من الحرم القدسي الشريف، الذي يضم مبنى المسجد الأقصى ومسجد قبة الصخرة، اضافة لعدد من المدارس التاريخية القديمة، والأسبلة والقباب الجميلة، وساحات مليئة بالأشجار يستظل الناس بفيئها، واروقة كثيرا ما لعبنا او درسنا بها، في ايام الصبا والشباب.

وباب حطة كانت منذ زمن بعيد تحوي على سوق فيه عشرات المحلات التجارية الصغيرة التي تبيع المأكولات الشعبية مثل الفول والفلافل والحمص والألبان ومحلات الخضار والفاكهة وكان خالي نمر جابر ابو حامد يملك محلا فيها والبقالات وكان ابو عوض جابر ومختار الحارة ابو محمود الارناؤوط (وباب حطة كانت بالنسبة للحارات القديمة كبيرة بعض الشيء ولذلك فقد كان لها مختاران الحاج  ابو علي شاهين والحاج ابو محمود الأرناؤوط وكان الأول صاحب مطعم في سوق اللحامين والثاني صاحب بقالة) وآخر من عائلة عابدين وايضا من عائلة دويك وأفران تخبز العجنات البيتية ومحلات أخرى تقدم الخدمات مثل تعمير بوابير الكاز لواحد من عائلة الخياط وتنظيف وكي الملابس وتبيض الاواني والحلل النحاسية والحلاقة واذكر منهم الحلاق شبانة، اما المقاهي الشعبية فأذكر مقهى أبو الحلاوة ومقهى علون وشهدت هذه المقاهي المهرجانات السياسية التي تتبارى بها الأحزاب وخاصة في الحملات الانتخابية وكذلك شهدت الأفراح.

السكن الجديد في حينه، كان في حوش طنطش(وهو ممر ضيق وعلى جانبيه المساكن، وفي نهايته مسكن يغلق الطريق)، ويبدأ الحوش من بيت المختار شاهين على اليسار ويمر عن بيت واسع وعن دار قمبز على اليمين ثم دار طنطش ومن ابنائه خميس وخالد، وفي نهاية الحوش بيت ابو عمر المبيضين وهو من طابقين شبيه بالبيوت الشامية المعروفة ولكن لا يوجد نافورة في ساحة الطابق الارضي الذي كانت تسكنه عائلتان الى جانبنا، نحيط بالساحة من ثلاث جهات والمدخل المشترك للجميع من الجهة الرابعة. وهناك درج مع "درابزين" يصعد الى بيت ابو عمر.

وعندما تخرج من الحوش يكون مقابلك بقالة ابو حسن بركة وكان ابنه طلحة من الطلاب في الحارة الذين درسنا معا، وهنا يكون خيارك ان تذهب الى اليمين باتجاه باب الساهرة لتخرج من البلدة القديمة، حيث يكون بيت عائلة اللو (المهلوس) واذكر منهم الاخوة نبيل وسليمان. واذا ذهبت الى اليسار تمر بسوق باب حطة لتصل الى الحرم.

ومن عائلات باب حطة في تلك الفترة اذكر: جمجوم وكان وجيه من اصدقائي الاعزاء حتى التخرج وعمل مربيا في مدارس القدس، وعائلة فراح وابنها النقابي يعقوب، والشاويش والتميمي واللداوي والشاعر والقراعين ومرار والملاعبي وعكه وحداد....

كان الأطفال يتجمعون بعد الإفطار في رمضان ويقودهم شاب يحفظ ما يعرف ب"الحواية" ويردد كلماتها وكذلك يفعل الأطفال وكأنهم فرقة فنية شعبية، وندور في الحي بين البيوت، كان بعضنا يحمل الفوانيس المختلفة، أذكر احداها من المعدن باللون الأصفر وآخر قام اهله بتجويف البطيخة وعمل ثقوب فيها ليظهر الضوء منها للشمعة التي بداخلها وكان أحد المشاركين يحمل طبلة وآخر تنكة وعصاه يضرب عليها أثناء الأداء الفني الشعبي.

وحينما نصل الى البيت المتفق عليه يبدأ العمل حسب اسم الطفل الذي تم اختيار بيته ولنفرض أنه "محمد “:

 يهتف رئيس الجوقة    ويصدح الأطفال

"محمد "  لينا               "يوحيا"

وكويسه                     "يوحيا"

وعريسه                    "يوحيا"

ضو القمر                  "يوحيا"

ولا  بدر                   "يوحيا"

ويعد فلوس                "يوحيا"

حق العروس               "يوحيا"

الجميع:

لولا "محمد " ما جينا

حلو الكيس واعطونا

اعطونا حلاوينا

صحنين بقلاوة

جاية علينا الجاية

بإيدها العصاية

تطرد الحواية

ورغيفين حلبية

ورغيفين شلبية

حيا  الله يا أولاد الشام

فيها الخوخ والرمان

حلو حامض يا لفان

وطلعنا ع الدوبعي

و القمر   منوبعي

يخليلو  أمه            آمين

يخليلو أبوه             آمين

يخليلو (حسب افراد العائلة) الأخ والأخت ...........

"محمد " قاعد على المصطبة

والدكة مقصبة

"محمد " قاعد علي صدر أمه

واللولو مشكشك في تمو

وكنا أحيانا نطرد من أهل البيت وأحيانا أخرى نحصل على بعض الهدايا الصغيرة: ملبس على لوز أو على قضامه ...... الخ وأحيانا نقود، وفي آخر الجولة كنا نتقاسم ما يجمع بين الجميع.

 

 

انشر المقال على: