الخميس 02-05-2024

عامان على الاتفاقيات الابراهيمية ، ما هي حقيقتها؟

×

رسالة الخطأ

موقع الضفة الفلسطينية

 عامان على الاتفاقيات الابراهيمية ، ما هي حقيقتها؟

محمد محفوظ جابر

قبل عامين تم التوقيع على اتفاقيتي التطبيع بين الإمارات والبحرين، و"إسرائيل"، في 15 سبتمبر/ أيلول 2020 في الولايات المتحدة. واطلق عليها ”اتفاقات إبراهيم” ولاحقا، انضم السودان والمغرب لقطار التطبيع، الذي ما لبث أن توقف. حول مفهوم الابراهيمية: وضعها الإرهابي المصري سيد نصير عام 1991 لتكون مخرجا له من السجون الأمريكية. فبعد اتهامه بقتل الإرهابي الحاخام مئير كهانا الاسرائيلي، برأه القضاء الأمريكي، ولكن اللوبي الصهيوني تدخل ليستمر في محبسه إلى الآن.(د. هبة جمال الدين). ورغبة منه في الخروج، سلم الادارة الامريكية مشروعا اسمه الاتحاد الإبراهيمي الفيدرالي، كحل يخدم الأمن القومي الأمريكي، يقدم حلا للصراع الفلسطيني الاسرائيلي، عبر إقامة دولة ابراهيمية، تتلاشي خلالها الحدود ويعيش الفلسطينيين مع الاسرائيليين بجواز ابراهيمي. وأخذت الإدارة الأمريكية الفكرة وبدأت في اختبار المفهوم عام 2000 في المنطقة، وتم استخدام الابراهيمية وفقا لجامعة هارفارد، لتكون مدخلا لقبول التطبيع الذي فشلت فيه "اسرائيل" منذ اعلان وجودها عام 1948. تعتبر الإبراهيمية مدخلا للدبلوماسية الروحية، التي تقوم على الجمع بين رجال الدين والدبلوماسيين والساسة للتفاوض من الكتب المقدسة، والوصول إلى المشترك الديني لوضعه على الخريطة السياسية. وبدأ العمل بها منذ عام 2013 محاولة لتطبيقها على الأرض بدعم من اللوبيات اليهودية ومعها متنفذين في الولايات المتحدة الأمريكية خصصوا إدارة خاصة في وزارة الخارجية لذلك. (د. هبة جمال الدين). وإذا أردنا تتبع المسار العقائدي لمشروع الولايات المتحدة الابراهيمية فعلينا مراقبة ما يجرى وسيجرى مستقبلا في القدس وتحديدا في الحرم القدسي. إن بناء هيكل لليهود داخل الحرم الشريف الى جانب المسجد الأقصى هو تطبيق عملي للديانة الابراهيمية والمقدسات الابراهيمية المشتركة، سيتم بدعم من الانجيليين خاصة في الولايات المتحدة الامريكية وبعض الدول الأوروبية. و لن تتوقف الهجمات اليومية للمستوطنين، الا بالوصول الى هذا المشهد، خاصة ان الحفريات اليومية منذ عام 1967 لم تصل الى أي دليل على وجود الهيكل في القدس، كما لم يتم العثور على مدينة داود، علما بأن ما يسمى حائط المبكى، هو حائط سور بناه الرومان وبنى فوقه العثمانيون السور الحالي للمدينة، وبالتالي ليس لليهود مقدسات فكيف يستمرون. ان الصراع بين المشروع العربي النهضوي والمشروع الصهيوني هو صراع تناحري، لم يحسم الصراع لصالحه عسكريا ولا سياسيا ....الخ، ولذلك توجهت الامبريالية الامريكية الى فكرة الحل الديني لإنهاء الصراع وإقامة “الولايات المتحدة الابراهيمية ". ولأن المجتمعات العربية في المنطقة تسودها القناعات الدينية فإن المسلمين يؤمنون بنبوة "إبراهيم " وكذلك اليهود، ويؤكد معظم المسيحيين على ان أصل الشعب اليهودي يعود إلى إبراهيم، لذلك راهنوا أن نجاحه، قاب قوسين أو أدنى. إذن، الفكرة الاساسية هي تطبيق مشروع سياسي يخدم الكيان الصهيوني والمصالح الامبريالية الاميركية في المنطقة، باستغلال اسم "إبراهيم"، سيرته ومسيرته حسب التوراة التي هي جزء من الديانات الابراهيمية المبنى عليها المشروع: ولد إبراهيم في مدينة أور الكلدانية. خرج مع افراد من عائلته الى ارض كنعان. أقام في حاران بين النهرين. رحل الى شكيم /نابلس ثم بيت إيل شرقها ونصب خيمته فيها. بسبب الجوع، ذهب الى مصر، ثم عاد الى ارض كنعان نقل خيامه وأقام عند بلوطات ممرا في حبرون /الخليل. ذهب الى القدس في القرن التاسع عشر ق.م. وخاطبة الرب: جميع الأرض التي ترى لك اعطيها ولنسلك الى الأبد. أي أن مسار إبراهيم من الفرات الى النيل حسب التوراة وهو مشروع "إسرائيل الكبرى" والتي سيكون اسمها الجديد "الولايات المتحدة الابراهيمية". ولأن إبراهيم له ولدان: اسحق واليهود من نسله وإسماعيل اعتبروا العرب من نسله، يرون أن ذلك سيسهل مهمتهم. ولكنهم تناسوا عمدا تاريخ الوجود العربي وحضاراته القديمة، والتي امتدت من الفرات الى النيل، رغم أن حياة "إبراهيم" حسب التوراة هي حياة البدو الرحل بين الفرات والنيل، وكان دائم الترحال مع الرعاة والمواشي، بينما كانت القبائل العربية تبني حضارتها على ارض وطنها. تعلم إبراهيم ديانة التوحيد من ملكي صادق في مدينة القدس التي كان ملكها وهو من الكنعانيين الذين استقروا في المنطقة، ولم يسجل التاريخ وجود شعب آخر قبلهم ولذلك سميت ارض كنعان. يعترف ابراهيم حسب التوراة ان عشيرته ليست في ارض كنعان وهي ليست ارضه: «وَقَالَ ابْرَاهِيمُ لِعَبْدِهِ كَبِيرِ بَيْتِهِ الْمُسْتَوْلِي عَلَى كُلِّ مَا كَانَ لَهُ: «ضَعْ يَدَكَ تَحْتَ فَخْذِي 3 فَاسْتَحْلِفَكَ بِالرَّبِّ الَهِ السَّمَاءِ وَالَهِ الأرض أن لا تَأخُذَ زَوْجَةً لابْنِي مِنْ بَنَاتِ الْكَنْعَانِيِّينَ الَّذِينَ انَا سَاكِنٌ بَيْنَهُم 4 بَلْ إلى ارْضِي وَالَى عَشِيرَتِي تَذْهَبُ وَتَأخُذُ زَوْجَةً لِابْنِي اسْحَاقَ ».( سفر التكوين 4-3: 24 ). هل العرب أبناء إسماعيل: أن جد العرب هو قحطان اليمني، هذا ما يسجله التاريخ. وعندما جاء إسماعيل الى الجزيرة العربية ونزل في مكة، كان يتكلم العبرية فلما صاهر اليمنية تعلم اللغة العربية، فكيف يكون جد العرب، وكيف نكون أبناء عمومة مع اليهود. واذا كانت الديانات الثلاث: اليهودية والمسيحية، والإسلام، سماوية فكيف يطلقون عليها ديانات ابراهيمية؟ إنها خدعه سياسية امبريالية صهيونية للسيطرة على المنطقة واخضاعها عبر ما يسمي "الدبلوماسية الروحية "كما أطلقت عليها الدكتورة المصرية هبة جمال الدين. في التطبيق العملي للإبراهيمية: انشأت الامارات بيت العائلة الابراهيمية، ليضم مسجدا للمسلمين وكنيسة للمسيحيين وكنيس لليهود في مكان واحد، للحوار والعبادة. كما دعت لما سمته صلاة الخميس بمشاركة الاديان الابراهيمية الثلاث، بدعم اللجنة العليا للأخوة الانسانية في العالم. ثم دعوة اخرى بمشاركة "اسرائيل". وتكرر المشهد في العراق بدعوة من البابا لجميع الديانات شهدتها مدينة اور الأثرية في محافظة ذي قار، حيث ولد إبراهيم وأقيمت الصلاة باسمه. ويقول معهد اتفاقيات إبراهيم للسلام في دراسة: بلغت التجارة الثنائية بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة 1.407 مليار دولار في الأشهر السبعة الأولى من عام 2022. وأضاف: وصل المغرب إلى 3.1 مليون دولار في صفقات تجارية مع إسرائيل في مايو/أيار، مسجلا زيادة بنسبة 94 في المائة عن عام 2021. وتابع: ارتفعت تجارة إسرائيل مع البحرين من لا شيء إلى 1.2 مليون دولار في غضون عام. بينما يرى آريئيل كهانا الكاتب في صحيفة "إسرائيل اليوم"، أن "علاقات تل أبيب وأبو ظبي اليوم تبدو مثل زوجين، اكتشفا بعد عامين الفجوة بين الرومانسية والحياة الزوجية". ولا يخفي الإسرائيليون استياءهم مما يعتبرونه تراجعا إماراتيا عن الوعود التي انهالت عليهم فور توقيع اتفاقيات التطبيع، بأن الأموال الإماراتية ستغرقهم. كما التزم زعماء الدول العربية، التي شاركت في "اتفاقيات أبراهام"، بسياسة الاحتواء التي تبنّوها في أعقاب المواجهة في قطاع غزة - في أيار 2021، كما في الحملة الأخيرة، وفي الضفة الغربية. بينما فشلت الاتفاقيات بالتمدد في دول الخليج وتوقف التطبيع الرسمي ضمن المحدودية التي تمت قبل سنة، ولم يصل التطبيع العلني السعودية ولا اقترب من اندونيسيا ولا موريتانيا، ولم ينجز تحالف عربي- اسرائيلي ضد ايران. أعلن وزير التعاون الإقليمي الإسرائيلي عيساوي فريج إلغاء مؤتمر كان سيعقد في إسرائيل الشهر المقبل احتفالا بمرور عامين على اتفاقيات أبراهام للتطبيع بين إسرائيل وعدد من الدول العربية. ان مقاومة المشروع الديني الابراهيمي، ليست مهمة حركات المقاومة الاسلامية فحسب، بل هي مهمة جميع قوى المقاومة، وكتبة التاريخ حتى لا تحول القضية الى حرب دينية بل تبقى حرب سياسية.

انشر المقال على: