الأحد 05-05-2024

طارق البكري.. مقدسي يحرس الذاكرة الفلسطينية بالصور

×

رسالة الخطأ

موقع الضفة الفلسطينية

طارق البكري.. مقدسي يحرس الذاكرة الفلسطينية بالصور

طارق زياد البكري (٢٧ عاما)، مهندس حاسوب، تخرج من جامعة عمان الأهلية في الأردن، وعند عودته إلى فلسطين، تبلورت عنده فكرة توثيق القرى الفلسطينية المهجرة، بعد احتكاكه مع اللاجئين الفلسطينيين بالشتات.

ويقول البكري: "أعيش في مدينة القدس، وأستطيع التنقل بين القرى والمناطق المهجرة التي لا يستطيع أهلها المهجرون الوصول إليها، وهكذا بدأت الفكرة، فأصبحت أزور كل أسبوع قرية مهجرة وأصور معالمها وبيوتها المدمرة".

وأضاف: "اتواصل بشكل مستمر مع العديد من اللاجئين في الشتات، فيقولون لي على سبيل المثال إنهم من قرية لوبيا قضاء طبريا، فأجمع المعلومات عن القرية وأقرأ عنها قبل الذهاب إليها، فأصورها، ومن ثم أتواصل معهم وأرسل لهم صور قريتهم".

ويتابع البكري: "أركز على فكرة الأسماء العربية، فعند مروري من منطقة قرية تكون مسجلة ومعروفة بأسماء عبرية مثل "شورش" و "بيت مائير"، لكننا نقرأها بأسمائها الفلسطينية الأصلية وهي "سريس" و"بيت محسير" ونستذكر أهلها الذين ينتمون إليها وأسماء عائلاتهم الذين هجروا غصباً".

بدأ البكري بالتصوير كهواية وأصبح يتواصل مع عائلات اللاجئين من خلال الاعلام الاجتماعي، وكان ينشر عبره صورا لفلسطين، ليتفاجأ القراء من المناظر الجميلة والمبهرة في فلسطين، غير صور الدمار والقتل التي اعتادوا على رؤيتها.

ويقول البكري: "عندما بدأت بتصوير القرى شعرت بتفاعل أكبر تجاه التصوير، كما أصبح اللاجئون يطلبون تصوير قراهم".

وأردف قائلاً: "لقد ذهبت إلى مخيمات لبنان وهناك كانت التجربة الأجمل، خاصة مع الفلسطينيين الذين هُجروا من قرى شمال فلسطين".

بصفته "حارساً للذاكرة"، تم تخصيص معرض خاص للبكري في القصر الثقافي الملكي في الأردن ضمن مهرجان أسبوع "حراس الذاكرة" الذي نظمته جمعية الحنونة للثقافة الشعبية.

وحول المعرض، يقول البكري: "باعتباري حارسا للذاكرة، اقوم بتوثيق قرى ومدن فلسطين بالصور، للتأكيد على حقوقنا السابقة والحالية".

ويتابع: "بالإضافة إلى ذلك المعرض، خطرت لي فكرة جديدة، بالعمل على توثيق قبور وشواهد الشهداء من الجنود الأردنيين الذي سقطوا على أرض فلسطين، حيث إنني في احدى جولاتي لتصوير أحراش اللطرون قرب مدينة القدس، وجدت قبورا لجنود أردنيين، وشواهد قبور غير واضحة، فقمت بالحفر ووجدت أسماء الجنود وتواصلت مع أهلهم وعممنا عليهم، كما قامت أيضا محطة الرؤية في عمان بالتعميم عليهم".

وأضاف: "وجدت 8 قبور لشهداء أردنيين، بعضهم كانت أسماؤهم موجودة في قائمة شهداء الجيش الأردني، لكن كانت هناك أسماء لم تكن موجودة في القائمة، وأول شهيد عرفنا عائلته كان علي حسن العوران من الطفيلة وأهله لم يعلموا أنه كان مستشهدا، حيث كانوا يعتقدون أنه مفقود، لتكشف لهم صورتي عن مصيره الذي بقي مجهولا لسنين طويلة".

وتابع البكري: "أنا أعمل على التوثيق منذ 3 أعوام، وبدأت بذلك كهواية لأتواصل مع الناس، ومن ثم تطورت الفكرة إلى مبادرة شخصية، حيث أقوم أسبوعياً بتصوير القرى المهجرة ونشر الصور، حتى أن هناك قرى لم تتوفر لها صور من قبل، فأصبحت صوري هي المعتمدة لهذه القرية، وأنشرها عبر موقع "فلسطين في الذاكرة"، ومن هذه القرى قرية دير الشيخ وقرية لوبية".

وفي الوقت الحالي، يعمل البكري على مبادرة مع مجموعة من الأشخاص في الأردن، تقوم على توثيق صور لبيوت هجرت في العام 48، ومن ثم التعميم على اللاجئين الذين لديهم صور لبيوتهم قبل العام 48 بالأسود والأبيض، ونجمع هذه الصور، ومن ثم ننظم معارض للبيوت المهجرة كيف كانت وكيف أصبحت.

وحول ذلك، يقول البكري: "بعد حصولي على الصور القديمة للبيوت، تستغرق عملية البحث على شكلهم الجديد أحيانا أسبوعا أو أكثر. فمثلا اذا طلب مني لاجئ البحث عن بيته في قرية الطالبية، الذي بدوره لا يعلم أين موقع بيته بالتحديد، فأقوم في البحث عنه من خلال الصورة القديمة".

ويتابع: "عمي المرحوم علاء البكري كان يعمل على مساعدتي ويعطيني الدافع، خاصة حول موضوع القرى والقدس، حيث كانت لديه العديد من المراجع، فكنت أستعين بها لتغذية معلوماتي".

ويشير البكري إلى "انه أحيانا يتوخى الحذر خلال زيارته للقرى، فهناك مناطق لا أستطيع الوصول إليها، مثلا قرية زكريا قمت بتصوير المسجد المتواجد فيها، لكنني أواجه أحيانا صعوبات، وأحرص أن لا أعرض نفسي للخطر، فإذا شعرت بأنني قد أتعرض للخطر، أقوم بتأجيل الزيارة إلى وقت لاحق".

يعمل الشاب البكري بشكل فردي، ولا يقوم ببيع الصور ولا يؤمن بمنطق بيعها للفلسطينيين.

ويلفت حيال ذلك: "هو بالنسبة لي عمل إنساني أن أستطيع إرسال الصور إلى عائلات مهجرة في الخارج، من دون كسب مادي. والآن أنسق مشاريع في "فلسطين الشباب" للإنتاج الثقافي".

وتطرق البكري إلى فكرة توثيق الصور في كتاب، وقال: "أنتظر حتى أحصل على مجموعة أكبر من الصور وأعرف التوجه الذي أطمح أن تكون فكرة الكتاب حوله، يوجد لي الآن في "فلسطين الشباب" زاوية شهرية أسمها حجر الزاوية وكل شهر أكتب وأضع صورا لإحدى القرى المهجرة".

ووثق البكري صورا لحوالي نصف قرى مدينة القدس، التي يبلغ عددها 39 قرية مهجرة، كما وثق قرى في الرملة وطبريا وعكا وحيفا.

ويقول إن "هناك حوالي 570 قرية مهجرة، وقد بدأت بقرى القدس وتوسعت بعد ذلك الى المناطق الأخرى".

وأضاف: "يوجد عندي صفحة على الفيسبوك، وموقع فلسطين في الذاكرة الذي يتبنى نشر صوري للقرى المهاجرة".

وعند سؤاله عن كيفية تبلور الفكرة، لفت البكري إلى "انه خلال تواجده في الأردن وتعرفه على الكثير من الأصدقاء الفلسطينيين في الشتات كان يقوم بتصوير قراهم لهم، من ثم تطورت الفكرة لتكون بشكل أكثر تنظيماً".

وأردف قائلا: "بعد ذهابي لمخيمات لبنان ورؤية المعاناة وتشوقهم لأي صورة من فلسطين، تعزز عندي الدافع للتوثيق، فأنا أعتبر نفسي حارسا للذاكرة".

وحول اوقات عمله بتصوير القرى المهجرة، يقول البكري: "أنا مستقل في التوثيق الذي أقوم به، الا انني أعمل بوظيفة أخرى خلال أيام الأسبوع العادية، لذا فأنا أستطيع بالقيام في التصوير فقط يومي الجمعة والسبت وذلك كمبادرة شخصية ومن دون تمويل".

وصف البكري تعامله مع العائلات المهجرة بأنها تجربة عاطفية وتراجيدية، ويقول: "عندما أجد لهم بيتهم وأصوره فإنني اعزز لهم حق العودة باشعارهم بأن بيتهم ينتظرهم، ليبقى أمل العودة فيهم، وحتى لو البيت غير قائم، اؤكد على حقهم بالعودة عبر عرض منطقة القرية وترابها.

ويلفت البكري إلى "أنه حصل على التشجيع من عائلتي، والدي أمي وأخواتي، بالإضافة إلى أصدقائي، وبصورة كبيرة المرحوم عمي الذي أعطاني دافعا تجاه تنفيذ الفكرة بصورة كبيرة".

ويعمل البكري حالياً على مشروع توثيق الثوب الفلسطيني، حيث سيعرض الثوب التقليدي لكل منطقة مع الصور التي تمت اتخاذها لهذه القرية، وذلك بالتعاون مع جمعية الحنونة.

ويقول البكري بأنه يعمل على تجميع معلوماته عن القرى المهجرة عن طريق كتابين لعارف العارف "نكبة فلسطين والفردوس المفقود" ووليد الخالدي "كي لا ننسى".

ويتابع: "أقوم في الأبحاث بالاعتماد على البحث الفعلي عن المناطق، فأنا أقوم بعمل أحبه وأرى به هدفا ساميا، وأحب أن أعطي العائلات المهجرة الشعور بدافع العودة لفلسطين وان قراهم وأرضهم ما زالت موجودة".

انشر المقال على: