الأربعاء 08-05-2024

صدور كتاب "الرؤية الأمريكية لحل قضية اللاجئين الفلسطينيين"

×

رسالة الخطأ

موقع الضفة الفلسطينية

صدور كتاب "الرؤية الأمريكية لحل قضية اللاجئين الفلسطينيين" رام الله صدر في رام الله عن الإتحاد العام للكتاب والأدباء الفلسطينيين كتاب جديد بعنوان "الرؤية الأمريكية لحل قضية اللاجئين الفلسطينيين / الخلفيات الإسرائيلية والفلسطينية" لمؤلفه ساجي خليل. ويستعرض الكتاب تطور سياسة الولايات المتحدة الأمريكية تجاه مشكلة اللاجئين الفلسطينيين؛ وكيف تعاطت مختلف الإدارات الأمريكية مع تلك المشكلة منذ نشوئها عام 1948. ويشير الكاتب إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية، وخاصة في العقود الأربعة الأولى بعد نكبة 1948، اعتبرت القضية الفلسطينية برمتها مجرد قضية لاجئين، وأن المنطلق المناسب للتعاطي معها هو المنطلق الإنساني. ويوضّح كيف شرعت الإدارة الأمريكية منذ خمسينيات القرن الماضي في التركيز على حل قضية اللاجئين من خلال تقديم العروض الاقتصادية للدول العربية المضيفة للاجئين بهدف حثها على توطينهم في أراضيها، معتبرةً أن حل مشكلة اللاجئين يتم أساسا بالعمل على دمجهم في المجتمعات العربية المضيفة. ويرصد الكاتب التغيّر الملموس الذي طرأ على السياسة الأمريكية إزاء قضية اللاجئين في العقد الأخير من القرن الماضي ومطلع القرن الجديد، والذي تجلّى بشكل أوضح خلال المفاوضات التي جرت في كامب ديفيد منتصف عام 2000، حيث قدمت الإدارة الأمريكية في تلك الفترة أسس لحلول مقترحة للقضية الفلسطينية، بما في ذلك مقترحات تفصيلية لتسوية قضية اللاجئين. وقد شقت تلك المقترحات طريقها إلى طاولة المفاوضات التي جرت لاحقاً في طابا مطلع عام 2001، وبعد ذلك في مفاوضات أولمرت _ أبو مازن عامي 2006 و2008. وكان ذلك التغير في السياسة الأمريكية قد بدأ في التبلور، من ضمن عوامل أخرى، على خلفية التطورات التي شهدها التفكير السياسي الفلسطيني في نهاية ثمانينات القرن الماضي، وبالأخص قرارات المجلس الوطني الفلسطيني عام 1988؛ حيث ساهمت التوجهات الفلسطينية الجديدة في حينه، في تشجيع إدارة الرئيس بيل كلينتون على تنظيم ورعاية عملية تفاوضية (فلسطينية _ إسرائيلية) جديدة، وذلك في سياق رؤية شاملة لإعادة صياغة الوضع الإقليمي في عموم المنطقة، وبما يخدم المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط؛ ومثل ذلك أهم جهد سياسي أمريكي لمعالجة القضايا الجوهرية للصراع الإسرائيلي _ الفلسطيني. ويبيّن الكاتب أن ما ميّز السياسة الأمريكية إزاء قضية اللاجئين في العقد الأخير من القرن الماضي وتحديداً منذ ولاية الرئيس بيل كلينتون، عن السياسات الأمريكية السابقة، هو امتلاكها لإطار عام يطمح لإيجاد حل سياسي ينهي الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، ويقوم على مبدأ إقامة الدولة الفلسطينية. حيث كان من أهم أسباب الموافقة الأمريكية على مبدأ إقامة مثل تلك الدولة هو استيعاب الجزء الأعظم من اللاجئين الفلسطينيين على أراضيها. ويلخص الكاتب الأسس التي تقوم عليها الرؤية الأمريكية لحل قضية اللاجئين الفلسطينيين بالقول أن الحل المنشود لتلك المشكلة من وجهة النظر الأمريكية يقوم على السماح للاجئين بالعودة إلى الدولة الفلسطينية، والتي من شأنها أن توفر لهم ولمعظم الفلسطينيين مكاناً يمكنهم العيش فيه باعتباره وطنهم القومي. وأن المنطلق المناسب لحل تلك القضية من وجهة النظر الأمريكية هو المنطلق السياسي وليس القانوني؛ بما يعني أن الحل الممكن لا يستند إلى القانون الدولي، ولا إلى القرارات الدولية ذات الصلة، بل يستند إلى التفاهمات السياسية بين الأطراف المعنية، بعيداً عن المرجعيات القانونية. ويشير الكاتب إلى أن منهج الحل الأمريكي المقترح كان يقوم على منهج الاحتياجات وليس على منهج الحقوق. أي أنه كان يستند على مبدأ (أن يعرض كل طرف تصوره لحاجاته)، وليس على مبدأ (التزام طرفي الصراع بقواعد القانون الدولي واحترام القوانين الدولية وقرارات الأمم المتحدة). ولذلك فقد رفضت الإدارة الأمريكية المنطق الذي يقول أن حاجات كل طرف يجب أن توضع ضمن إطار الحقوق القانونية، باعتبارها القاعدة التي لا خلاف عليها في القانون الدولي، والتي من المفترض أن تُعتمد كأساس تحتكم له جميع الأطراف. وفي حين اعتبرت الإدارة الأمريكية الاحتياجات الفلسطينيّة رمزيّة، فقد اعتبرت الاحتياجات الإسرائيليّة ذات مضمون عملي. وهكذا فالاعتراف للفلسطينيين بحق العودة يستوجب، من وجهة نظرها، اقتصار ذلك الحق على مضمون رمزي وإنساني، في حين يحتاج الإسرائيليون عملياً إلى حماية أمنية حقيقية تؤمن حماية الطابع اليهودي لمجتمعهم وتوفر لهم الأمن الفعلي. ولذلك تم الإقرار لإسرائيل بحقّها السيادي في تحديد حجم وأسماء من يمكن قبوله من اللاجئين إلى داخل إسرائيل. وكذلك بالنسبة للقرار 194، الذي فُسّرت مطالبة الفلسطينيين تضمينه في الاتفاق المنشود، على أنه يعكس حاجتهم الرمزية للإشارة له كمرجع فقط، وليس كقاعدة للتطبيق. ومن أجل تسهيل الوصول إلى صيغة متفق عليها حول ذلك القرار، اقترحت الإدارة الأمريكية الإشارة له بطريقة: أن ما يتم الاتفاق عليه بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي بخصوص اللاجئين، يعتبر هو التطبيق المناسب للقرار 194 . ويشير الكاتب إلى أن الموقف الرسمي الفلسطيني من المقترحات الأمريكية تلك، وعلى خلفية القاعدة السياسية التي أرستها قرارات المجلس الوطني الفلسطيني في الجزائر عام 1988، ومبادرة السلام التي قُدمت أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نفس الفترة، تضمّن قدراً كبيراً من التجاوب مع المقترحات الأمريكية، اعتبرته أوساط واسعة من الفلسطينيين ومن اللاجئين مخلاً ولا ينسجم، بل ويتعارض في العديد من الجوانب، مع الإعلانات الفلسطينية الرسمية حول حقوق اللاجئين؛ ويتبين ذلك من خلال ما أبداه الطرف الفلسطيني من استعداد لمراعاة المخاوف الديموغرافية للإسرائيليين، وموافقته على الصيغة التي تقول أن مضمون الاتفاق حول قضية اللاجئين يحتاج إلى حل عادل على أساس قراري مجلس الأمن 242 و338 والقانون الدولي، وبما سيؤدي إلى تطبيق متفاهم عليه بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194، وذلك في سياق وضع نهاية للصراع الفلسطيني- الإسرائيلي. ويشير الكاتب إلى أن الطرف الفلسطيني رغم مطالبته بأن تعترف إسرائيل بمبدأ حق العودة إلا أنه لم يشترط قبولها بالتطبيق الفعلي الكامل لذلك الحق. وعملياً، ورغم عدم التوصل لاتفاق حول الأعداد، فقد أبدى الطرف الفلسطيني ما يشير إلى موافقته على عودة محدودة للاجئين، على أن تعطى الأولوية للاجئين الفلسطينيين في لبنان؛ كما وافق ضمنياً على صيغة الخيارات التي عرضها الرئيس كلينتون كأماكن لعودة اللاجئين: (العودة وإعادة التوطن في الدولة الفلسطينية المستقبلية، أو الاندماج في الدولة المضيفة، أو إعادة التوطن في دول أخرى أو العودة إلى إسرائيل)؛ وكذلك وافق على صيغة إنشاء صندوق دولي للتعويضات، ولم يعترض على أن تكون مساهمة إسرائيل في ذلك الصندوق مثل غيرها من الدول، على أن تكون نواته من صندوق أموال القيّم على أملاك الغائبين في إسرائيل. وبالنتيجة، باتت المقترحات الأمريكية التي عرضها الرئيس كلينتون لحل قضية اللاجئين تُعتبر واقعياً ، وبقبول فلسطيني ضمني، أحد أهم المصادر المرجعية للبحث في حل لقضية اللاجئين. وهذا ما وقع على سبيل المثال في المفاوضات التي جرت لاحقاً في طابا بين الوفدين الإسرائيلي والفلسطيني في نهاية كانون الثاني 2001، عندما بُحثت قضية أماكن عودة اللاجئين الفلسطينيين، حيث اعتمدت الصيغة التي أوردها الرئيس بيل كلينتون حول خيارات ما سمي ب (الإقامة الدائمة للاجئين). وهذا ما ظهر جلياً أيضاً في الوثيقة الإسرائيلية الفلسطينية غير الرسمية المسماة (وثيقة جنيف). وأخيراً يقتبس الكاتب عن مارتين إنديك، مستشار الرئيس بيل كلينتون في حينه، لمفاوضات كامب ديفيد قوله : "عندما تأخذ الولايات المتحدة صنع السلام في الشرق الأوسط على نحو جدي ثانيةً، فإن عليها حتماً أن تعود إلى العديد من الاقتراحات التي وضعها بيل كلينتون في سنة 2000 أثناء المفاوضات مع باراك وعرفات." يذكر أن المؤلف من مواليد قرية المجدل المهجرة وحاصل على الشهادة العليا في الدراسات الإقليمية وعمل مستشارا لوحدة دراسات اللاجئين في معهد إبراهيم أبو لغد وعمل ويعمل في حقل الدراسات الأكاديمية وترأس الإدارة العامة لدائرة شؤون اللاجئين في منظمة التحرير الفلسطينية في الفترة 1997 – 2006 وله عدة أبحاث ودراسات متخصصة في موضوع اللاجئين.

انشر المقال على: