الجمعة 29-03-2024

رسالة مروان البرغوثي الى طلبة المدارس في فلسطين بمناسبة يوم الاسير الفلسطيني

موقع الضفة الفلسطينية

سم الله الرحمن الرحيم
رسالة مروان البرغوثي الى طلبة المدارس في فلسطين
بمناسبة يوم الاسير الفلسطيني
أحبتي تلاميذ وطلبة فلسطين ،،
الإخوة والأخوات المعلمون والمعلمات،،
تحية فلسطين الحبيبة ،،
تحية العلم والعقل ،،
اخط لكم هذه الرسالة من زنزانتي الصغيرة، الصغيرة على الأسير الكبير وعلى الحر، فالقيود التي تكبل الجسد تعجز عن تكبيل الأرداة، فالروح تتغذى على حب فلسطين أرضاً وشعباً، واني في أصغر بقعة على أرض الوطن واحة عشق وحرية وأنشودة صباح جميل تصدح تحت ظل راية فلسطين العالية.
أحبتي الطالبات والطلبة،،
أبنائي الأعزاء،،
السجن ليس الأسوار العالية، ولا الأبواب المغلقة، ولا الأسلاك الشائكة، ولا عتمة الزنازين، ولا ضيق المكان، إنما الحرمان من كل شيء بسيط لا يخطر على بال أحد خارج السجن. ولكن انطلاقاً من ايمانه ان الحر في الزنزانة لا يمكن استعباده خارجها، لقد تمكن الأسير الفلسطيني من تحويل السجن إلى قاعدة للنضال والفكر والثقافة وتعزيز الإرادة وتعميق الإنتماء، ولقد أرادوه هؤلاء المستعمرون مقبرة للمناضلين، لكنه بصمودهم وإرادتهم واجهوا الجلاد والسجان، وصنعوا من السجن محطة لتجديد القوة وتعزيز الأنتماء وصقل التجربة، وإن سر الصمود والثبات والعنفوان هو إيماننا العميق بعدالة ما نناضل من أجله، ونضحى في سبيله، وفلسطين هي أعدل وأنبل قضايا العصر، ولهذا نضحي بفرح وسعادة وبكل ما نملك لتكون بلادنا حرة وسيدة، لأن الوطن الحر والسيد هو الذي يعطي معنى للكرامة والشرف، وإن النضال من أجل الحرية هو أعلى درجات بل ذروة المشاعر الإنسانية، وشعبنا العظيم يقاوم ويناضل منذ ما يزيد عن مائة عام وأشعل الثورات والإنتفاضات والهبات الشعبية وقاوم بكافة الأشكال، ومقاومة المستعمر تتعدد أشكالها بما في ذلك بالعلم والثقافة والأدب والفن والرواية والشعر والرسم والموسيقى والفلكلور الشعبي والتراث، وبفلاحة الأرض وزراعتها، وبناء المدارس والجامعات والمعاهد، وبانتاج مصنوعات وطنية، وبمقاطعة البضائع الإسرائيلية، وبفضح جرائم الإحتلال .

أحبتي الطالبات والطلبة،،
أبنائي الأعزاء،،
وأنتم تقرأون هذه الرسالة سأكون في زنزانة العزل الأنفرادي، في المكان الذي لا تدخله أشعة الشمس، سأكون وحيداً، ولكن كل أنشودة صباح التي تهتفون بها ستصل إلى أسماعنا، فنحن نخوض معركة الحرية والكرامة من خلال الإضراب المفتوح عن الطعام، وهذا هو سلاح الأسرى، كما هو العلم سلاحكم لتحرير وطنكم وشعبكم، لأن طريق الحرية لبلادنا شاق وطويل وصعب، فالحرية هي القيمة العليا للشعوب والكرامة الإنسانية، وان النضال من أجل الحرية هو التجسيد لأعظم معاني الحرية ذاتها، وان إخوتكم الأسرى قد أختاروا طريق المقاومة لنظام الأبارتهايد والإحتلال، وأقول لكم ان الإبداع في مقاومة المستعمر يحتاج للإبداع في دروسنا وتعليمنا وثقافتنا، وأقول لكم إني اعتقلت لأول مرة وأنا على مقاعد الدراسة الثانوية، واني تقدمت للتوجيهي في السجن، وواصلت مسيرة التعليم للحصول على البكالوريوس والماجستير والدكتوراة رغم الإعتقال لأكثر من 23 عام، والإبعاد لسبع سنوات، والمطاردة والملاحقة ومحاولات الإغتيال، وأقول لكم ذلك لنأكد ان المسيرة التعليمية والوطنية يسيران جنبا إلى جنب، وإن التعليم هو مفتاح التغيير لدى الشعوب والأمم، والمقصود هو التعليم العصري الذي يعطي مساحة كبيرة للتخصصات العلمية والفلسفة، ويربي الأجيال على أسلوب التفكير النقدي، وتعزيز عقلية الحوار، وقبول الآخر، والشراكة، والتعددية، وحرية الرأي، والتفكير والاعتقاد، وحرية المرأة، بإعتبارها التجسيد الحقيقي والتجلي الأعظم لحرية الشعوب والأمم والاوطان.
أحبتي الطالبات والطلبة،،
أبنائي الأعزاء،،
اني وإخوتي الأسرى ونحن نخوض الإضراب المفتوح عن الطعام، أدعوكم ،وتعبيراً عن تضامنكم، ان تكتبوا يوميا في دفاتركم عشر مرات الحرية والكرامة لفلسطين.
واسمحوا لي ان أصافحكم فرداً فرداً، وأقبل أياديكم الطاهرة، وأطبع قبلة على جباهكم العالية، وأقول لكم على غرار ما قاله شاعرنا الفلسطيني من مدينة الناصرة توفيق زياد، أنا ما هنت في زنزانتي وما صغرت أكتافي.
بل سأظل شامخا عاليا في يدي راية فلسطين عالية خفاقة حتى نيل الحرية والعودة والإستقلال والكرامة.
أخوكم
مروان البرغوثي( أبو القسام )
سجن هداريم ​
17-4-2017

انشر المقال على: