د. سعيد ذياب في يوم القدس العالمي: الفلسطينيون بين فكي كمّاشة، الاحتلال وقمعيته والسلطة وممارساتها اللاوطنية
أكد الدكتور سعيد ذياب أن الشعب الفلسطيني لا يزال يعيش تبعات السياسة التي اتخذتها القيادة الفلسطينية، تلك السياسة التي ألقت بها في خانة الرهانات على الولايات المتحدة كوسيط، والرهانات على تصديق ما يزعمه الكيان الصهيوني من استعداد للسلام. الأمر الذي قادها إلى اعتماد سياسة التفاوض لمدة ربع قرن بالرغم من كل ما أفرزته تلك السياسة من عبث وتبديد لمقدرات شعبنا.
وأضاف الأمين العام لحزب الوحدة الشعبية في كلمة ألقاها بمناسبة يوم القدس العالمي أقامته السفارة الإيرانية في عمان، أن الإنسان الفلسطيني يعيش نفسه بين فكي الكمّاشة، الاحتلال وممارساته القمعية والسلطة وممارساتها اللاوطنية.
ولفت ذياب إلى أن حجم التراجع الذي شهدناه عبر السنين الماضية، وفشل سياسة التفاوض، واستمرار لهاث السلطة على العودة إلى مائدة التفاوض، ونجاح العدو الصهيوني في استغلال تلك العملية لممارسة المزيد من مصادرة الأرض ومزيد من بناء المستوطنات والمزيد من إذلال الشعب الفلسطيني؛ كل ذلك، هو الذي مهّد الطريق موضوعياً للحالة الانتفاضية التي انطلقت مع بدايات شهر أكتوبر الماضي. تلك الحالة كانت بمثابة الإيذان بطيّ مرحلة والبدء بمرحلة جديدة، مرحلة أعادت الاعتبار لنا بأننا لا زلنا حركة تحرر وطني، وأن التعامل العدو يتم من خلال المقاومة وعدم السماح له بأن يستريح.
وعلى الصعيد العربي والإقليمي أكد الدكتور ذياب على أن الأحداث في سورية والمنطقة كشفت طبيعة الصراع ثم طبيعة الاصطفافات والتحالفات الناشئة عن طبيعة الأهداف الحقيقية التي تذكي نيران الصراع، من أنه صراع ضد القوى الممانعة والمقاومة للمشروع الأمريكي الصهيوني، الذي يسعى إلى تقسيم الدولة الوطنية العربية، أو استنزافها وصولاً إلى فرض خيارات إستراتيجية عليها، وفي المقدمة منها، التخلي عن المقاومة للمشروع الصهيوني، وفرض الاعتراف به، والتطبيع معه. ولعل الهرولة العربية الرسمية للتطبيع مع العدو الصهيوني، والاستعداد للتحالف معه لمواجهة ما يسمونه “الخطر المشترك إيران” أكبر دليل على طبيعة هذا الصراع، وطبيعة الأهداف المعادية لطموحات أمتنا بل وتخدم العدو الصهيوني.
وأشار ذياب إلى أن المملكة العربية السعودية فتحت ومنذ فترة من الزمن، أبواب التواصل مع الكيان الصهيوني، وراحت تسوّق مصطلحات مذهبية (سنة وشيعة) من أجل تبرير ذلك التحول وتلك السياسات.
وانخرطت تركيا بصورة مباشرة في أزمات المنطقة، وخصوصاً الأزمة السورية، بل راهنت على دور إقليمي للإخوان المسلمين بعد وصولهم إلى السلطة في مصر وتونس وبما يمكّنها من أن تكون زعيمة هذه التجربة الإخوانية، وانتعشت الآمال العثمانية الجديدة لديها. هذه الأوهام التي تحطمت بسقوط الإخوان في مصر وصمود سورية والدولة السورية المدعومة من حلفائها محور المقاومة، إيران وحزب الله، والصديقة روسيا، ثم تكشفت أوراق تركيا بتورطها في دعم وإرسال السلاح إلى العصابات الإرهابية بل وفتح الحدود لها.
وختم الأمين العام لحزب الوحدة الشعبية الدكتور سعيد ذياب كلمته بالتأكيد على أن ورقة التوت قد سقطت.. وصمدت سورية وصدقت نبوءات الكثيرين من أن سورية وصمودها ستحدد ملامح النظام الدولي الجديد، وستؤسس لتحالف إقليمي جديد، يخدم شعوبنا واستقلالها وتحررها، وستسقط كل المشاريع المعادية.
وكانت السفارة الإيرانية قد أقامت أول من أمس الخميس احتفالاً بمناسبة يوم القدس العالمي، حضره نخبة من القيادات الحزبية والوطنية، وألقى كل من النائب السابق يحيى السعود رئيس لجنة فلسطين النيابية سابقاً وعضو المجلس الوطني الفلسطيني خالد مسمار كلمات أكدوا فيها على مكانة القدس بالنسبة للأمة العربية قاطبة، وأهمية إحياء يوم القدس سنوياً للتأكيد على أن عنوان الصراع في المنطقة هو فلسطين.
وتالياً النص الكامل لكلمة الدكتور سعيد ذياب الأمين العام لحزب الوحدة الشعبية الديمقراطي الأردني:
الحضور الكريم،
يأتي احتفالنا بيوم القدس العالمي، هذه السُنّة الحميدة التي سنّها سماحة الإمام آية الله الخميني رحمه الله باعتبار الجمعة الأخيرة من شهر رمضان من كل عام، يوماً للتضامن مع القدس. فالقدس كانت دوماً قلب الصراع، وتحتل المكانة البارزة في الذهن والوجدان العربي والإسلامي، ومن الطبيعي أن يأتي إحياءنا لهذا اليوم.
إننا نرى في إحياء هذا اليوم كجزء من جهد إقليمي وعالمي يسعى لتبقى قضية القدس وقضية فلسطين حاضرة وحية في ذاكرة الأمة وبالأخص الأجيال الناشئة منها. فالحديث عن القدس وما تتعرض له من موجات متلاحقة من إجراءات ترمي إلى تهويدها، وهدم المنازل، ومصادرة الأراضي، وتهجير السكان، وبناء المستوطنات، بالإضافة إلى الحفريات المستمرة تحت المسجد الأقصى.
في هذا اليوم وما تمثله القدس وفلسطين بالنسبة للصراع العربي الصهيوني، يبرز سؤال عن واجبنا تجاه القدس وفلسطين وأهلها الصامدين في مواجهة الاحتلال.
إن من أولى واجباتنا:
_ دعم صمود الأهل مادياً ومعنوياً والتصدي لمحاولات التهويد.
_ دعم المقاومة ضد الاحتلال ما دام موجوداً على شبر واحد من أرض فلسطين.
_ استمرار المقاطعة العربية للعدو الصهيوني، وحماية الأوطان من الاختراقات الصهيونية وفي جميع المجالات.
_ السعي الشعبي نحو إلغاء الاتفاقات الموقعة مع العدو الصهيوني ورفض كل التسويات التي تؤدي بنا إلى الاستسلام لمخططات العدو ورفض كل ما من شأنه أن يؤدي إلى الاعتراف بشرعية الاحتلال لأي جزء من فلسطين.
أيها الأخوة والحضور الكريم..
لا يزال الشعب الفلسطيني يعيش تبعات السياسة التي اتخذتها القيادة الفلسطينية، تلك السياسة التي ألقت بها في خانة الرهانات على الولايات المتحدة كوسيط، والرهانات على تصديق ما يزعمه الكيان الصهيوني من استعداد للسلام. الأمر الذي قادها إلى اعتماد سياسة التفاوض لمدة ربع قرن بالرغم من كل ما أفرزته تلك السياسة من عبث وتبديد لمقدرات شعبنا.
ذات السياسة انعكست في الداخل الفلسطيني من خلال قيام السلطة بدور الحامي الأمني للكيان الصهيوني (من خلال التنسيق الأمني)، ومن خلال اعتمادها على ذهنية قاصرة وعاجزة مارست الإفساد للشعب للحفاظ على استمرارها.
هكذا وجد الإنسان الفلسطيني نفسه بين فكي الكمّاشة، بين الاحتلال وممارساته القمعية والسلطة وممارساتها اللاوطنية.
إن حجم التراجع الذي شهدناه عبر السنين الماضية، وفشل سياسة التفاوض، واستمرار لهاث السلطة على العودة إلى مائدة التفاوض، ونجاح العدو الصهيوني في استغلال تلك العملية لممارسة المزيد من مصادرة الأرض ومزيد من بناء المستوطنات والمزيد من إذلال الشعب الفلسطيني؛ كل ذلك، هو الذي مهّد الطريق موضوعياً للحالة الانتفاضية التي انطلقت مع بدايات شهر أكتوبر الماضي. تلك الحالة كانت بمثابة الإيذان بطيّ مرحلة والبدء بمرحلة جديدة، مرحلة أعادت الاعتبار لنا بأننا لا زلنا حركة تحرر وطني، وأن التعامل العدو يتم من خلال المقاومة وعدم السماح له بأن يستريح.
أيها الحضور الكرام..
تشهد أقطارنا العربية ودول الجوار حالةً غير مسبوقة من التوتر والصراعات المسلحة ومن عدم الاستقرار والاحتراب الداخلي، منذ ما يسمى “الربيع العربي”، بحيث بات المشهد العام يثير القلق والخوف مما يهدد أوطاننا من تفتيت المجتمعات ومن تقسيم الدول، خاصة بعد ترافق هذه الحالة مع مشاريع أمريكية صهيونية، تحت عنوان “شرق أوسط جديد”، يعتمد على تقسيم الدول على أسس مذهبية وعرقية بحجة حل الصراعات بها.
إن هذا الوضع غير المسبوق من التراجع والانهيار، وهذا الحجم من المؤامرة، قاد إلى دفع بلداننا العربية إلى صراعات داخلية ووفر الفرصة كاملة للتدخلات الإقليمية والدولية.
لقد كشفت طبيعة الصراع ثم طبيعة الاصطفافات والتحالفات الناشئة عن طبيعة الأهداف الحقيقية التي تذكي نيران الصراع، من أنه صراع ضد القوى الممانعة والمقاومة للمشروع الأمريكي الصهيوني، الذي يسعى إلى تقسيم الدولة الوطنية العربية، أو استنزافها وصولاً إلى فرض خيارات إستراتيجية عليها، وفي المقدمة منها، التخلي عن المقاومة للمشروع الصهيوني، وفرض الاعتراف به، والتطبيع معه. ولعل الهرولة العربية الرسمية للتطبيع مع العدو الصهيوني، والاستعداد للتحالف معه لمواجهة ما يسمونه “الخطر المشترك إيران” أكبر دليل على طبيعة هذا الصراع، وطبيعة الأهداف المعادية لطموحات أمتنا بل وتخدم العدو الصهيوني.
لقد فتحت المملكة العربية السعودية ومنذ فترة من الزمن، أبواب التواصل مع الكيان الصهيوني، وراحت تسوّق مصطلحات مذهبية (سنة وشيعة) من أجل تبرير ذلك التحول وتلك السياسات.
وانخرطت تركيا بصورة مباشرة في أزمات المنطقة، وخصوصاً الأزمة السورية، بل راهنت على دور إقليمي للإخوان المسلمين بعد وصولهم إلى السلطة في مصر وتونس وبما يمكّنها من أن تكونت زعيمة هذه التجربة الإخوانية، وانتعشت الآمال العثمانية الجديدة لديها. هذه الأوهام التي تحطمت بسقوط الإخوان في مصر وصمود سورية والدولة السورية المدعومة من حلفائها محور المقاومة، إيران وحزب الله، والصديقة روسيا، ثم تكشفت أوراق تركيا بتورطها في دعم وإرسال السلاح إلى العصابات الإرهابية بل وفتح الحدود لها.
لقد سقطت ورقة التوت.. وصمدت سورية وصدقت نبوءات الكثيرين من أن سورية وصمودها ستحدد ملامح النظام الدولي الجديد، وستؤسس لتحالف إقليمي جديد، يخدم شعوبنا واستقلالها وتحررها، وستسقط كل المشاريع المعادية.
التحية للشعب الفلسطيني الصامد على أرضه ووطنه
التحية للأسرى صنّاع المجد والفخار للشعب الفلسطيني
المجد والخلود للشهداء الأبرار مشاعلنا على الطريق.. وإنا على العهد باقون
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الدكتور سعيد ذياب
الأمين العام لحزب الوحدة الشعبية الديمقراطي الأردني
عمان في 30 حزيران 2016