الأحد 19-05-2024

جولة وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، لماذا؟

×

رسالة الخطأ

محمد محفوظ جابر

جولة وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، لماذا؟

محمد محفوظ جابر

بنى دونالد ترامب استراتيجيته على ان "أمريكا أولا"، والتخلي عن الاتفاقات الدولية التي يعتقد أنها تمنح أمريكا صفقة غير عادلة، مما اربك العلاقات الاميركية الدولية. ولكن جو بايدن يبدو انه اختار رؤية تقليدية لدور أمريكا ومصالحها، وهو خيار التحالفات العالمية الذي تتزعم فيه أمريكا البلدان الحرة في مواجهة التهديدات. وقد لعبت صفقة القرن دورا في زيادة العداء في المنطقة للولايات المتحدة، وكذلك سياسة ترامب التي زادت من حدة الحروب، وإن كانت الولايات المتحدة الأمريكية الآن تردد شعارات قديمة إلا أن استراتيجيتها الجديدة بنيت على انسحاب الجيوش الأمريكية من المنطقة ولم تكن القضية الفلسطينية على رأس سلم اولوياتها، خاصة أن الولايات المتحدة الأمريكية هي أيضا ليست في حالة تصالح مع نتنياهو، والمشروع العالمي الذي ينتمي إليه الحزب الديموقراطي ويهود أمريكا الليبراليون يعتبرون نتنياهو كابوسا لابد أن يزول فهو الذي يدمر الدولة باستمراره على رأس السلطة الاحتلالية، علما بأن استمرار انحراف المجتمع نحو اليمين يعني سيطرة المشروع اليهودي الديني على المشروع الصهيوني العلماني، وهذا يتناقض مع نظام الحكم الليبرالي الامريكي. ولذلك يجب اضعاف ناتنياهو الذي كان مدعوما من ترامب. ولكن انتقال القضية الفلسطينية من قضية محلية لم تكن تشكل أي خطورة على الأمن والاستقرار الاقليمي والدولي، الى قضية إقليمية متفجرة ذات أبعاد خطيرة على السلم الدولي والاستقرار الاقليمي، بسبب الحرب العدوانية الأخيرة، استدعى اهتمام العالم لضرورة التوصل الى حل عادل للقضية الفلسطينية. كما ان تلك الحرب العدوانية ادت الى سقوط شعار التطبيع والذي يؤكد على ارتباط المصلحة الاستراتيجية العربية ب "إسرائيل" وأن القضية الفلسطينية والفلسطينيين هم العقبة أمام ذلك، ووقف الهرولة العربية الرسمية نحو التطبيع مع "اسرائيل"، ولعب الضغط الجماهيري العربي دورا بارزا في ذلك، والممارسات العدوانية الصهيونية كشفت عورة المطبعين وفضحتهم. لقد اعتمد تغير الموقف الامريكي الى مربع الاهتمام بالقضية الفلسطينية الى: - عودة القضية الفلسطينية الى صدارة القضايا الساخنة والاهتمام العربي والدولي، وحتى تقوم بدورها في ادارة الصراع. - توجهات في أوساط السياسيين الأمريكيين لدعم الحقوق الفلسطينية، والمطالبة بوقف العدوان الصهيوني. - عرقلة الامم المتحدة ثلاث مرات من اتخاذ قرار حاسم يدين "اسرائيل" وعدم امكانية الاستمرار في التغطية على وحشية العدوان الصهيوني على الشعب الفلسطيني. وحتى يبقى خيط اللعبة بيد الولايات المتحدة قررت ان توفد وزير خارجيتها الى المنطقة ولو بعملية خداع انها تهتم بالقضية. وزير الخارجية أنتوني بلينكن، المولود في مدينة نيويورك، وابن أسرة يهودية له تاريخ طويل في العمل الدبلوماسي، غادر يوم الاثنين واشنطن متوجها الى القدس للقاء رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو والى رام الله للقاء رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، وكذلك إلى مصر والاردن، على ما أعلنت وزارة الخارجية الأميركية. وصل وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، إلى "إسرائيل" صباح اليوم، الثلاثاء، وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن هدف الزيارة هو ترسيخ وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس، من أجل تقليص احتمال اندلاع مواجهة أخرى بين الجانبين في الأشهر القريبة المقبلة. وسيبحث بلينكن في "إسرائيل" إعادة إعمار قطاع غزة، في أعقاب الدمار الهائل الذي لحق به خلال العدوان الإسرائيلي على غزة، في الأسبوعين الماضيين. وأشارت وسائل إعلام إسرائيلية إلى أن بلينكن سيعبر خلال زيارته عن التزام الولايات المتحدة بحل الدولتين للصراع الإسرائيلي – الفلسطيني. وفي وقت لاحق من اليوم، سيزور الوزير الأميركي مدينة رام الله في الضفة الغربية ويلتقي مع الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، ورئيس الوزراء، محمد اشتية. وبعد ذلك يتوجه إلى القاهرة وعَمان. وكتب بلينكن في تغريدة “بطلب من الرئيس (جو) بايدن أتوجه إلى القدس ورام الله والقاهرة وعمان للقاء الأطراف دعما للجهود من أجل تعزيز وقف إطلاق النار” مؤكدا أن “الولايات المتحدة تعتمد دبلوماسية نشطة لوضع حد للأعمال العسكرية وخفض التوتر. بينما قال الرئيس الأميركي جو بايدن في بيان: إن “وزير الخارجية بلينكن سيلتقي القادة الإسرائيليين للبحث في دعمنا الثابت لأمن "اسرائيل"، وسيواصل جهود حكومتنا لإعادة بناء العلاقات مع الفلسطينيين وقادتهم وكذلك دعمنا لهم بعد سنوات كانوا فيها مهملين”. وأضاف الرئيس الديموقراطي “سيتحادث مع شركاء رئيسيين آخرين في المنطقة خصوصا بشأن الجهود الدولية المنسقة لضمان وصول مساعدة فورية لغزة يستفيد منها السكان وبشأن طريقة خفض مخاطر تجدد النزاع في الأشهر المقبلة”. إثر التوصل إلى وقف إطلاق نار دخل حيز التنفيذ بين "إسرائيل" والفصائل الفلسطينية في قطاع غزة، بعد تبادل القصف وإطلاق الصواريخ على مدى عشرة أيام، أكد بايدن وبلينكن أن “حل الدولتين” يبقى الوحيد الممكن، لكن البيانين اللذين يؤكدان زيارة وزير الخارجية للمنطقة لم يأتيا على ذكر ذلك، وهذا يتناقض مع صفقة القرن التي يتمسك بها ناتنياهو، وهي رسالة للقيادات السياسية الاسرائيلية ان لا يعود ناتنياهو الى السلطة مرة اخرى، ولكن الزيارة لن تخرج عن كونها استطلاع وكتابة تقرير حول التطورات في المنطقة تستفيد منها الخارجية الامريكية اذا لزم الامر ولتبقي الخيط بيدها.

انشر المقال على: