بعد وصمها بالأبرتهايد: إسرائيل تحاول عرقلة تقرير يقارنها بالفصل العنصري
بعد تقريرها الذي اتهمت فيه إسرائيل بتأسيس نظام أبرتهايد، تستعد لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (إسكوا) لنشر تقرير يحدد 'ثمن الاحتلال الإسرائيلي' في الأراضي الفلسطينية، ويتطلع إلى أمثلة من نظام الأبرتهايد في جنوب أفريقيا والعبودية في الولايات المتحدة.
ويهدف التقرير الجديد، وهو مشروع مشترك لإسكوا ومؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد)، لأول مرة لتحديد التكلفة المالية لسيطرة إسرائيل منذ 50 عاما على أراض يتطلع الفلسطينيون إلى بناء دولتهم فيها، ويتزامن نشر التقرير مع الذكرى الخمسين لاحتلال الضفة الغربية وقطاع غزة والجولان السوري.
وكانت 'إسكوا و'أونكتاد' قد بدأتا العمل سوية على مشروع لتحديد ثمن الاحتلال الإسرائيلي استنادا إلى ما وصف بـ'منهجية جديدة للتحديد الدقيق للأثمان المباشرة وغير المباشرة المتراكمة للاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، وهي منهجية تهدف إلى التحديد بشكل دقيق الأثمان متعددة المستويات للاحتلال في كافة القطاعات.
ويشمل النص الذي يحدد اقتراح البحث قسما عنوانه 'تجربة سابقة من مناطق أخرى' يتضمن اقتراحات لتحديد الأثمان للمجتمع الأسود الذي عانى تحت نظام الأبرتهايد في جنوب أفريقيا، واقتراحات لمنح التعويضات للأميركيين من أصول افريقية في الولايات المتحدة نظرا لتاريخ العبودية في البلاد.
ويشير اقتراح البحث الذي يحدد 'المبنى والتوجه لتحديد الثمن المتراكم للاحتلال' إلى ضرورة دراسة تجارب من مناطق أخرى من أجل تحديد الأضرار الناتجة عن الانتهاكات التي عانت منها شعوب ومجموعات اجتماعية وبلدان متعددة، لما لهذه التجارب من فائدة في سياق قياس الثمن المتراكم والشامل للاحتلال الإسرائيلي.
ويكشف التقدير الأولي أن هذه التجارب مرتبطة مباشرة بمسألة التعويضات، مع التركيز على التعويضات الفردية، مشيرا إلى أنه بالرغم من عدم وجود منهجية كهذه لتحديد ثمن الممارسات طويلة المدى، يمكن لهذه التجارب أن تكون مفيدة في سياق قياس الثمن المتراكم والشامل للاحتلال الإسرائيلي.
المستوطنة الجديدة هدفها تقسيم الضفة الغربية
يكمن خطر المستوطنة الجديدة في موقعها الإستراتيجي، الذي يتيح لإسرائيل تقسيم الضفة الغربية المحتلة إلى شمال وجنوب، وتمنع التواصل الجغرافي بين القسمين، الأمر الذي سيقف في وجه أي تسوية سياسية مستقبلية.
وفي إشارة إلى تقدير من قبل لجنة الحقيقة والمصالحة في جنوب أفريقيا، جاء في نص الاقتراح أنه 'تمت الموافقة على نوعين من التعويضات لضحايا الأبرتهايد في جنوب أفريقيا: تعويضات عاجلة مؤقتة للضحايا وعائلاتهم الذين بحاجة ماسة لمساعدات طبية وعاطفية وتعليمية أو اقتصادية؛ وتعويضات فردية تقدم سنويا لمدة ست سنوات.
وفيما يتعلق بالمحاولات التي جرت في الولايات المتحدة لتقديم تعويضات لأحفاد 'العبيد'، أورد نص الاقتراح أنه 'لم تتوصل الأطراف المعنية إلى منهجية ناجعة، ما عرقل تحقيق العدالة عن طريق التعويضات لضحايا العبودية'.
يشار إلى أن منظمة أونكتاد قد أصدرت في أيلول/ سبتمبر 2016 تقريرا بهذا الخصوص، بينما قدرت دراسات أخرى أيضا الأثمان الاقتصادية للتواجد العسكري الإسرائيلي في الضفة الغربية، ولكن هذه المرة الأولى، على الأرجح، التي يتم فيها تشبيه تجربة إسرائيل بالأبرتهايد في جنوب أفريقيا أو بالعبودية الأميركية.
وكان رد الفعل الإسرائيلي الأميركي الغاضب على تقرير الإسكوا الذي اتهم الدولة اليهودية بتأسيس نظام فصل عنصري، في أول مرة يتم استخدام المصطلح في المنظمة الدولية في السياق الإسرائيلي، قد أطاح بالتقرير وبالأمينة العامة للمنظمة الدكتورة ريما خلف، التي قدمت استقالتها احتجاجا على سحب التقرير من موقع الأمم المتحدة على الانترنت نزولا عند طلب إسرائيل وأميركا.
ويبدو أن الصراع في المحافل واالهيئات الدولية بين أعداء إسرائيل وأصدقائها، قد دخل طور مرحلة جديدة، تسميها إسرائيل، بـ'حرب نزع الشرعية' وهي حرب يحقق فيها الفلسطينيون وأصدقاؤهم إنجازات رغم الدعم غير المحدود الذي تحظى به إسرائيل من أقطاب الإدارة الأميركية الجديدة، وتكفي الإشارة إلى أن تقرير الإسكوا جاء بعد أيام فقط من الخطاب الحماسي الذي ألقته مندوبة أميركا في الأمم المتحدة، نيكي هالي، أمام المؤتمر السنوي لمنظمة 'إيباك'، والذي كررت فيه مرارا أن الولايات المتحدة لن تتقبل بعد الآن عداء الأمم المتحدة لإسرائيل، مشيرة إلى أن 'أيام نزع الشرعية عن إسرائيل قد ولّت'، وأن 'هناك عمدة جديدة في المدينة'.
هالي واصلت مهاجمة الأمم المتحدة في مؤتمر نُظم في مقر الهيئة الدولية، الأسبوع الفائت، لمناقشة تحديات حركة المقاطعة وسحب الاستمثارات وفرض العقوبات ضد إسرائيل، حيث اعتبرت أن الجهود التي تُبذل لنزع الشرعية عن دولة إسرائيل في الجامعات و'الهوس' ضد إسرائيل في الأمم المتحدة هما وجهان لعملة واحدة، كلاهما يسعيان إلى إنكار حق إسرائيل بالوجود، على حد قولها.
وتتخوف إسرائيل مما تسميه محاولات نزع الشرعية ووصمها بالأبرتهايد، التي تقوم بها حركة المقاطعة 'BDS'، وهي تخصص الكوادر والموارد الهائلة في مواجهة هذه الحملة العالمية، التي تلقى أصداء لها في الجامعات، وبين أوساط الفنانين والمثقفين وحتى القطاعات والشركات الاقتصادية التي بدأت تقاطع إسرائيل.
اقرأ/ي أيضًا | الأمم المتحدة تدين قرار إسرائيل ببناء مستوطنة جديدة
وترصد وزارة الشؤون الإستراتيجية التي يتولاها غلعاد إردان، ميزانيات كبيرة في هذه المعركة التي يجري خلالها ملاحقة نشطاء الـ 'BDS'، حيث جرى مؤخرا سن قانون يمنع دخولهم إلى إسرائيل، بينما اقترح إردان إقامة 'مخزن بيومتري' لتسهيل ملاحقة النشطاء داخل إسرائيل. وبدون شك فإن تقارير المنظمات الدولية توفر غطاء قانونيا لهذه الحملات، كما أنها توفر أساسا قانونيا لمحاكمة إسرائيل أمام المحاكم الدولية.