بعد صيف مشوش وخريف موحش .. هل يواجه اوباما شتاء ساخطا ؟
كوريا الشمالية وسوريا وروسيا وكوبا هي نفس الدول التي اعتبرها رؤساء الولايات المتحدة الاميركية خصوما لعقود وهي الآن تتصدر أجندة الرئيس باراك أوباما، على الرغم من بذله جهودا كبيرة لفتح صفحة جديدة بالنسبة لعدد من السياسات الخارجية.
لقد جاء الرئيس باراك أوباما إلى السلطة قاطعا على نفسه وعدا بفتح صفحة جديدة في السياسة الخارجية الأميركية، لكن بعد ست سنوات ما زال يسيطر عليه القلق بشأن الكثير من نفس الأعداء الذين سببوا مشاكل لأسلافه.
بعد مرور أكثر من عقد من الزمن على إشارة جورج دبليو بوش إلى "محور الشر" المؤلف من كوريا الشمالية وإيران والعراق، سيطر هجوم إلكتروني كوري شمالي وعودة الدفء للعلاقات مع كوبا، التي ظلت عدوا للولايات المتحدة لفترة طويلة، على آخر مؤتمر صحافي يعقده اوباما فى نهاية العام.
وقال أوباما للصحافيين في إيجاز العام "كانت هناك أزمات تعين علينا التعامل معها في جميع أنحاء العالم - العديد منها كان غير متوقع".
وأكد أن الولايات المتحدة كانت الدولة الرائدة في عدة جبهات، من بينها محاربة مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية والحد من العدوان الروسي ومكافحة انتشار فيروس الإيبولا. وأشار إلى كوبا كمثال على تغيير سياسة استمرت لعقود طويلة ولم تنجح.
وعلى صعيد جبهات أخرى، واجه أوباما المزيد من الشيء نفسه. وقال اوباما انه جاء الى السلطة في عام 2009 حاملا وعودا بإنهاء الحرب في العراق وأفغانستان وإعادة العلاقات مع روسيا واستعادة مكانة الولايات المتحدة في الخارج.
لكن صعود نجم تنظيم الدولة الإسلامية هذا العام في العراق وسوريا دفعه إلى القيام بعمل عسكري جديد في الشرق الأوسط، كما دفع التوغل الروسي في أوكرانيا العلاقات مع موسكو مجددا إلى حالة جمود عميق. وفي الوقت نفسه، فشلت المحادثات بشأن البرنامج النووي الإيراني المثير للخلاف في التوصل الى اتفاق قبل الموعد النهائي في تشرين ثاني (نوفمبر).
وكتبت سوزان نوسل، المدير التنفيذي لمركز (بن اميركان سنتر) والمسؤولة السابقة في وزارة الخارجية الاميركية هذا الشهر في مجلة (فورين بوليسي)، إن" هناك شعور متنام بأن أوباما يفرط في تصحيح التجاوزات التي تم ارتكابها خلال سنوات حكم بوش".
وأضافت "وربما تدفع عملية إعادة الهيكلة الأخيرة لأوباما المؤشر ليصبح أقرب إلى نقطة الوسط بالنسبة لقضايا تدخل الولايات المتحدة وللقيادة الأميركية على الصعيد العالمي".
وعقب تعرضه هذا الصيف لانتقادات شديدة بسبب تصريحاته بأنه لم يكن لديه استراتيجية بعد للتعامل مع توغل تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا، يواجه أوباما الآن الالتزام بمعركة يحتمل أن تستمر لسنوات طويلة مع المسلحين.
وسيبدأ أوباما عام 2015 بوزير دفاع جديد، أشتون كارتر، فيما يحاول إعادة تركيز سياساته الخاصة بتنظيم الدولة الإسلامية. وقد جاء تعيين وزير الدفاع المنتهية ولايته تشاك هاجل في منصبه إلى حد كبير للمساعدة في تقليص التورط العسكري الاميركي في الخارج.
ويتعين على أوباما ان يواجه كونجرس جديد يسيطر عليه الجمهوريون، حيث تعهد الكونجرس بوضع عراقيل لمنع إجراءات أوباما الأخيرة التي قررها من جانب واحد والمتعلقة بكوبا وإصلاح قوانين الهجرة، بعد أن قرر دون موافقتهم وقف ترحيل أولئك الذين دخلوا البلاد بطريقة غير مشروعة.
ويتوقع محللون محافظون أن تستمر حالة عدم اليقين بشأن السياسة الخارجية الاميركية خلال العام الجديد على الرغم من التغييرات التي طرأت على الكونجرس.
وخلص جيمس جاي كارافانو من مؤسسة التراث إلى أن "العيوب الرئيسية للسياسة الخارجية الأميركية تنشأ من البيت الأبيض - ولم تحدث الانتخابات أي تغيير".
وأضاف أن السيناريو الاكثر احتمالا لما بعد الانتخابات هو ان صيف اوباما المشحون بالفوضى، والذي تحول الى خريف موحش ، سيصبح بدوره شتاء من السخط بالنسبة لجميع الأميركيين".
ووفقا لاستطلاع رأي اجراه معهد (جالوب) ، فإن أكثر من نصف الأميركيين لا يوافقون على الأداء الوظيفي لأوباما وأرسلوا رسالة واضحة للرئيس في انتخابات الكونجرس التي اجريت في تشرين ثاني (نوفمبر) الماضي وشهدت سيطرة حزب الجمهوريين المعارض على مجلس الشيوخ وتوسيع أغلبيتهم في مجلس النواب.
وكتب الصحافي كريس سيلزيا في صحيفة (واشنطن بوست): "يبدو أن كل ما تبقى من رئاسة أوباما هو رؤية وإنجاز آخذين في التناقص"، مضيفا ان اوباما عانى من "أسوأ عام في واشنطن".
وقال سيلزيا "تمثل القاسم المشترك الاعظم بين إخفاقات وعثرات وشرور عام 2014 في الشعور المتزايد في أوساط الجماهير بأن أوباما وبكل ببساطة لا يرقى إلى مستوى الوظيفة التي انتخب من اجلها مرتين".
ويرى العديد من الأميركيين انه سيكون هناك تقليص لدور الولايات المتحدة على الساحة الدولية في السنوات المقبلة، حسب مؤسسة (راسموسن) لاستطلاعات الرأي.
ويقول 27 في المئة فقط انهم يعتقدون ان الولايات المتحدة ستكون أقوى دولة بحلول نهاية هذا القرن، وهو ما يمثل انخفاضا بنسبة 10 في المئة منذ مجيء أوباما للسلطة.