الجمعة 29-03-2024

الغربال لا يحجب الشمس ولا يمنع دلف المياه فوق الرؤوس

محمد خضر قرش – القدس

الغربال لا يحجب الشمس ولا يمنع دلف المياه فوق الرؤوس.

محمد خضر قرش – القدس

حال المكوث في المستشفى لإجراء عملية بسيطة التوقف عن الكتابة لنحو شهر، لكن ذلك لم يمنعني من متابعة وقراءة المقالات والتحليلات والاخبار بما فيها التصريحات والمقابلات التي تصدر عن المسؤولين الفلسطينيين على اختلاف مواقعهم ومستوياتهم ومهامهم في القطاعين العام والخاص على حد سواء. والمثير للسخرية من معظم هذه التصريحات انها مكررة وغير صادقة ولا تعكس حقيقة الموقف الفلسطيني بالإضافة إلى كونها لا تحترم المواطن الفلسطيني وعقله.فهي تتسم بكثرة الكلام وقلة العمل وتكرار التصريحات.وقبل أن نقدم بعض الأمثلة نحيل القارئ الفلسطيني إلى جريدة القدس المقدسية التي تنشر مشكورة وبانتظام صفحة "القدس قبل عشرين عاما"، فمن يقرأ الأخبار والتصريحات الواردة فيها سيجدها تتكرر وبنفس المصطلحات والتعابير ومن نفس الأشخاص أحيانا كثيرة وكأن الاحداث توقفت عند عام 1997 وما زالت جارية حتى تاريخه وان العام المذكور قد جرى التمديد له كما حصل مع الانتخابات التشريعية، خاصةوأن نتنياهو كان رئيساللحكومة حينذاك.وعليه أنصح كل قارئ فلسطيني بأن يكتفي بقراءة تلك الصفحة فهي تغنيه عن قراءة بقية الاخبار وهذا ينطبق على الأوضاع السياسية والاقتصادية والعلاقات فيما بين الفصائل.

بحث المستجدات على الساحة الفلسطينية!!

أكثر ما يغيظك ويؤلمك في ذات الوقت ان تصدر بيانات عن قيام رئيس الوزراء والعديد من أعضاء اللجنة التنفيذية الفعليين (المنتخبين) والمدعين بعضويتها بغير وجه حق وبدون خجل، أنهم اجتمعوا مع السفير الفلاني أو المسؤول الأجنبي الذي يزور فلسطين وبحثوا معه المستجدات على الساحة الفلسطينية. دون ان يقولوا لنا ما هي هذه المستجدات التي لا يعلم بها السفير الفلاني أو المسؤول الغربي؟؟ وما ينطبق على تصريحات سالفي الذكر ينطبق على الوزراء والمستشارين ورؤساء المؤسسات المتخصصة بما في ذلك الاقتصادية والمالية والمصرفية. ولا تتوقف الأمور عند هذا الحد بل تتعداها كمثل "لا مفاوضات قبل وقف الاستيطان"!! وأميركا منحازة منحاز لإسرائيل!!!!هل هذا معقول؟ فبعد 70 عاما من اغتصاب فلسطين ودعم أميركي كامل ومتواصل ومستمر للاحتلال وتزويده بكل أنواع الأسلحة والحماية في مجلس الامن ورفضه تطبيق قرارات الشرعية الدولية بغطاء أميركي كامل وغيره كثير يصرح أحد مدعي عضوية اللجنة التنفيذية بان أميركا منحازة لإسرائيل!! اليس هذا من العار والغباء معا.بل أنه يطالب بصياغة أو وضع استراتيجية وطنية جامعة!! فهل هذا معقول أيضا. فبعد كل هذه العقود والتضحيات والاف الشهداء والأسرى كنا نعمل بدون استراتيجية وطنية جامعة!!ليس هذا فحسب بل ان معظم أعضاء اللجنة التنفيذية والمسؤولين الفلسطينيين ما انفكوا يطالبون المجتمع الدولي بالعمل على تنفيذ قرارات الشرعية الدولية وتحمل مسؤولياته تجاه الشعب الفلسطيني!أما كان الأجدر بهم بأن ينفذوا القرارات التي صدرت عن المجلسين الوطني والمركزي أولا ومن ثم يطالبوا الدول العربية بالعمل على تنفيذ القرارات التي تصدر عنهم.فأحد أعضاء اللجنة التنفيذية المسؤول عن ملف القدس استمرأ التصريحات التحذيرية المملة والفارغة حول المخاطر التي ستلحق بالقدس والأقصى جراء المخططات الإسرائيلية وكأن الأمر لا يعني الفلسطينيين وليست من صميم واجباتهم النضالية حماية المقدسات جميعها. وأخيرا وليس آخرا فإن بعض أعضاء اللجنة التنفيذية لا يحلو لهم الاجتماع إلى القنصل الأميركي في فلسطين بل يذهب إلى واشنطن لشرح مستجدات الأوضاع السياسية الفلسطينية لبعض أعضاء الكونغرس الأميركي ولبعض المؤسسات والهيئات والتي تتكرر سنويا.معظم التصريحات الفلسطينية على مختلف مستوياتها مخزية ومعيبة وتعكس حالة من ضياع البوصلة الوطنية والتوازن السياسي والنضوج في التعامل مع وقائع الاحتلال المادية على الأرض.فسكوت هؤلاء المسؤولين أشرف لهم وأقوم وخاصة انها تتكرر منذ أوسلو وبدون خجل. فمعظم أعضاء اللجنة التنفيذية والوزراء ومن في مقامهم باتوا عبئا على النضال الوطني الفلسطيني وعنصر تكلفة واستنزاف يحول دون الاستنهاض ومواجهة التحديات،فعليهم أن يخجلوا من تصريحاتهم ويكفوا عن اعلامنا بأن الولايات المتحدة الأميركية منحازة لدولة الاحتلال، فبائع الترمس في كل ساحات المدن والقرى والمخيمات يدرك هذه البديهية.

التصريحات الاقتصادية الفاقعة

المتابع للمؤتمرات والندوات الاقتصادية ونتائج اجتماعات الهيئات العامة والتصريحات التي تصدر عنها وعن رؤساء مجالس الإدارة والمدراء التنفيذيين للمؤسسات والشركات الصناعية والمالية والمصارف وفي المقدمة سلطة النقدوهيئة سوق رأس المال وصندوق الاستثمار وبكدار، يعتقد بأن الاقتصاد الفلسطيني يسير بخطوات ثابتة نحو النجاح وان البطالة تتراجع ومعدلات النمو تزداد سنويا، وكل مؤسساتنا تحقق الأرباح والقاعدة الاقتصادية في انتعاش وازدهار والصادرات في زيادة ملحوظة والعجز في تراجع ولا يوجد استئثار وتحكم في المواقع والمناصب الاقتصادية والرجل المناسب يتبوأ مكانه المتناسب مع مؤهلاته العلمية والعملية ولا يوجد شخص لديه اكثر من عشر وظائف سياسية واقتصادية ولا يتم توريث المناصب في الشركات المساهمة العامة من الجد إلى الأب والحفيد .فأوضاعنا الاقتصادية سليمة والتنمية رغم الصعاب (الاحتلال) مستمرة وتحقق نتائج باهرة .والارباح يتم توزيعها سنويا ولا توجد شركات في البورصة خسرت اكثر من ثلث رأسمالها وما زالت تعمل ويتم تداول أسهمها ولا يوجد مصرفا مخالفا للتعليمات والقوانين من حيث نسبة الملكية والتي تزيد في بعض المصارف عن 80% لمؤسسة واحدة تحت حجة ما كان ممكن الا هذا كما لا يوجد تضارب في المصالح حيث تساهم بعض المؤسسات في اكثر من بنك تعمل في القطاع نفسه وبالتالي لا يوجد احتكارات .كما لا يوجد أشخاص يحملون شهادات في الفيزياء او الأدب وفي مجالات اخرى يترأسون مؤسسات اقتصادية ومالية متخصصة جدا بعيدة كل البعد عن مجالات ونطاق أعمالهم وخبراتهم. كما أن الاستثمار في القدس يسير على قدم وساق وأن الشركات العاملة في القدس قد حققت نجاحات باهرة وأنشئت مشاريع إسكان كبيرة وأن البازار قد تم تحويله إلى مجمع مهني للحرف اليدوية وان صندوق الوقفية جمع المليار دولار كما كان متوقعا ومخططا له. وقد عملت الشركات والبنوك التي تحقق مئات الملايين من الدولارات سنويا على إعادة استثمارها وضخها في السوق من جديد لتوظيف أكبر عدد من خريجي الجامعات. وان الحكومة بدأت بمحاسبة كل من يعمل أو يشتغل في مكانين في ذات الوقت أحدهما حكومي والذي بدأ العمل بتطبيقه على رئيس جامعة النجاح ورئيس الوزراء. ومن المهازل الغريبة والتي تعكس حالة من عدم احترام العقول أن أبرز الشخصيات الغنية والثرية جدا قد صرح علنا وبدون خجل بانه اقترض من السائق ثمن تذكرة الطائرة لحضور حفل العرب ايدول. لذلك فوضعنا الاقتصادي سليم ويسجل نجاحات يعتد بها والتي ستلمس خلال الأعوام القليلة القادمة.بالنسبة لنا لم يعد المجال ولا الوقت متاحين لاستمرار النفاق. فنحن على شفى حفرة من الهاوية سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وحتى أخلاقيا. فهل هناك دولة أو شبه دولة في العالم تعيش أوضاعا سياسية كارثية وتحت رحمة أعدائها وبنفس الوقت تحقق نتائج اقتصادية باهرة في كل القطاعات؟؟؟ اعتقد جازما بان الوقت قد حان للحد من هذه الترهات ولجمها لذا يجب الكتابة بلا خجل أو تردد عن المهازل في القطاعات الاقتصادية كافة. ألا يكفي ما نحن فيه سياسيا وفصائليا وانفصالاوانقساما ومفاوضات عبثية لنغطي اوضاعنا الاقتصادية والمالية والمصرفية السيئة بغربال لا يحجب الشمس ولا يمنع دلف المياه وسقوطها فوق رؤوسنا. وللحديث صلة 

انشر المقال على: