الجمعة 29-03-2024

الرجل العظيم مصيبة عامة

هاني جابر - القدس

الرجل العظيم مصيبة عامة
هاني جابر - القدس
انتخاب " ترامب " جزء من منظومة دولية تتصاعد فيها حدة الارباك مما وصلت اليه الامور في العالم ..وصعوده سيحدد معالم المنطقة من جديد وسيرسم ملامح جديدة تستند الى مواجهة مخلفات ما صنعته " الادارة الامريكية "
فالعنف الامريكي سيتصاعد وسيتصاعد معها تحالفات سترسم معالم جديدة للعالم
منطقي ان تتحد السياسة الامريكية وتحديدا الخارجية في اطار المؤسسات الرسمية ومنطقي ان يلتزم الرؤساء بما يصدر عنها ولكن القادة في مراحل معينة ومن منطلق " فردي " يخرجون عن هذا الاطار الى ما هو اوسع لينسجم وتطلعاتهم الشخصية الفردية منهم من يسجل التاريخ اسمه كقائد اجرى تغييرا وتوجهات وحدد اولويات وقاد بلاده الى المزيد من الامان ومنهم من يسجل التاريخ اسمه كقائد ادار حروبا ومارس اخطاءا قاتلة ادت الى تغيير معالم المنطقة
فكما قيل عل لسان الصينيين " الرجل العظيم مصيبة عامة " والعظمة هنا مرتبطة بوجهة نظره الخاصة عظيما وبوجهة نظر من يرى به عظيما قادرا على اجترار المعجزات وانتخابه اتى على هذا الاساس كونه " مختلف صلب جرئ يستحق ان يكون بموقع القرار"
التاريخ حمل معه معضلة فهم وتفسير دور الفرد في التاريخ وهل حقا للفرد دورا في تغيير مسار امه ام ان الظروف هي من تحدد دوره ..الحقيقة تبقى خاضعة لمعايير الرؤية وزواياها المختلفة عندها تصبح الاحداث التاريخية ذات قيمة.
بكل الاحوال لا نستطيع ان ننظر الى اي كائن بشري بعيدا عن محيطه وهذا ما ينسحب على القادة التاريخيين في محيطهم .
يلعب الافراد ومنهم القادة دورا مرتبطا بحجم النفوذ الذي يحدده المحيط وهذا مرتبط بحجم الدعم او بحجم تطلعات المحيط الى الدور الذي من الممكن ان يلعبه هذا القائد ...
ترامب معروف بعنجهيته وتسلطه ولسانه اللاذع ،بناءه الفكري يستند الى كونه صاحب راس مال ضخم منافس في السوق الامريكي قادر على زعزعة الاقتصاد الامريكي في حال سقوطه " الاقتصادي " فهو ركن اساسي مكمل للاقتصاد االامريكي الداخلي .
قراراته لن تكون بعيدة عن جوهر وجوده كاقتصادي ناجح بالمعايير الامريكية وبالتالي في ظل اعتماد النظام الامريكي على ادارة مصالحها الخارجيه عبر تاجيج الصراعات لتعزيز نفوذها الاقتصادي ......نحو المزيد من العولمة الامريكية والمزيد من الضغط على الشعوب وسرقه مقدراتها والمزيد من تعزيز الشراكه بين " اسرائيل / امريكا " وبالتالي وضوح اكثر في الرؤية لسياسات امريكا بالمنطقة مما يساهم في ان تتعزز التحالفات وتتنوع اقليميا في مواجهة التغول الا التغول الامريكي. ...
الفرز الواضح اقليميا بدا ياخذ ابعادا عسكرية في عهد " اوباما " على الرغم من بقاءها في اطار دعم عملية تفاوضية هنا او هدنة هناك الا ان تلك المؤشرات ستؤسس عهدا جديدا في المنطق السياسي مخالف لما عهدته الادارة الامريكية ....وفوز ترمب في اطار تلك الاجواء وفق كل المؤشرات سيعزز من محاولات السيطرة والنفوذ بالتزامن مع قلب موازين المعادلة في موقفها من القضية الفلسطينية والتي سارع ترمب في حملته الانتخابية الى وضع محددات جديدة في التعامل مع القضية الفلسطينية.
صحيح لم تعد القضية الفلسطينية تعبر عن جوهر الصراع بالمنطقة بعد ان تم تاجيج صراعات اخرى الا انها في نظر الشعوب الحرة لا زالت حاضرة.
وغياب الافق السياسي في عهد اوباما يستدعي غياب مجرد طرح القضية الفلسطينية " كمشكلة " في عهد ترمب فالتسليم المطلق بالموقف " الاسرائيلي " يعني دعم واضح ومباشر حتى في الموضوع الخلافي " المستوطنات " وموضوع القدس اللذان يشكلان جوهر الصراع في المنطقة ..وتحييد العرب سيكون جزء مكمل من لعبة الامم التي يقودها " نتنياهو " عبر شريكه الجديد ترمب .
ترمب قد يكون امبراطور اقتصادي عظيم " بالمعايير الامريكية " الا انه سيجلب الخراب والدمار للمنطقة واول الساقطين هي امريكا فداء العظمة داء سيؤدي بدايه انهيار المنظومة الامريكية ...

انشر المقال على: