الأحد 05-05-2024

الحكومة الاسرائيلية للتغيير إلى أين؟

×

رسالة الخطأ

محمد محفوظ جابر

الحكومة الاسرائيلية للتغيير إلى أين؟ محمد محفوظ جابر بعد أربع جولات انتخابية فشلت خلالها كافة الأطراف السياسية بتشكيل حكومة اسرائيلية، مؤكدة وجود أزمة سياسية داخلية، صوتت الهيئة العامة للكنيست يوم الاحد، 13/06/2021 على حكومة يتناوب على رئاستها كل من رئيس حزب "يمينا" نفتالي بينيت أوّلا، ورئيس حزب "ييش عتيد"، يائير لبيد، بدعم 60 نائبًا ومعارضة 59 نائبًا وامتناع النائب سعيد الخرومي، لتنطلق الحكومة الـجديدة رقم 36 في مسيرتها، ويعطي هذا التصويت مؤشرا أن مسيرتها ستكون معقدة وأن الكيان الصهيوني سيعيش أزمة سياسية جديدة، خاصة وأن تركيبتها ليست متجانسة ومتناقضة في بعض نقاط برامجها: اثنان من هذه الأحزاب يساريان واثنان وسطيان وثلاثة منها يمينية وحزب عربي: 1- هناك مستقبل (يش عتيد) وسط سياسي حزب وسطي بقيادة يائير لبيد تأسس في 2012 يدعو إلى رؤية ليبرالية للاقتصاد والفصل بين الدين والدولة ويقدم نفسه على أنه مدافع عن الطبقة الوسطى. يؤيد “يش عتيد” إقامة دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل لكن في إطار اتفاق يسمح بالاحتفاظ ببعض الكتل الاستيطانية الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة وشرقي القدس، التي يعتبرها القانون الدولي غير شرعية. -2 أبيض أزرق (كحول لفان) وسط ويمين سياسي أسس بيني غانتس حزب كحول لفان (أزرق أبيض لونا العلم الإسرائيلي) في 2019 بهدف معلن هو إطاحة بنيامين نتنياهو من السلطة. ويدافع “أبيض أزرق” الذي يميل إلى اليمين عن المستوطنات في غور الأردن وبعض الكتل الاستيطانية في الضفة الغربية، لكنه يؤيد التفاوض مع الفلسطينيين. 3- يمينا يمين سياسي تحالف لأحزاب يمينية قومية صغيرة وأصبح منذ 2020 الحزب اليميني الراديكالي بقيادة نفتالي بينيت، ويتألف الحزب من يهود متدينين وعلمانيين وينشط من أجل “تعزيز الهوية اليهودية” في المجتمع الإسرائيلي. و”يمينا” يعارض إنشاء دولة فلسطينية ويؤيد ضم جزء من الضفة الغربية من جانب واحد. 4- اسرائيل بيتنا (اسرائيل بيتينو)، يمين سياسي أسس هذا الحزب اليميني القومي في 1999 أفيغدور ليبرمان، مدير مكتب نتنياهو السابق. واعتمد الحزب أولا على أصوات مليون مهاجر من الاتحاد السوفيتي السابق، لكنه وسع قاعدته إلى حد كبير لتشمل الناخبين القوميين العلمانيين. ويدافع الحزب عن حقوق المهاجرين اليهود الجدد ويعارض الامتيازات الممنوحة لليهود المتشددين، كما ويعارض إقامة دولة فلسطينية. 5- أمل جديد (تكفا حداشا) يمين أسس جدعون ساعر العضو السابق في حزب الليكود وكان قريبا من نتنياهو، حزب الأمل الجديد في كانون الأول/ديسمبر 2020 .ويدافع الحزب الذي يدعمه متدينون وعلمانيون، عن اقتصاد ليبرالي وإصلاح للنظام السياسي وهو يعارض إنشاء دولة فلسطينية. 6- حزب العمل، يسار سياسي حزب العمل وريث حزب عمال أرض اسرائيل “الماباي” بقيادة ديفيد بن غوريون الذي أعلن قيام دولة اسرائيل في 1948، و يدعو إلى المساواة بين الجنسين والتعددية ويعالج قضايا متعلقة بتغير المناخ لا تتناولها الأحزاب الإسرائيلية بشكل عام. وهو يؤيد إقامة دولة فلسطينية لكنه يؤيد أيضا إلحاق بعض الكتل الاستيطانية بإسرائيل. 7- ميرتس يسار سياسي- تأسس في 1992 عبر اتحاد ثلاثة أحزاب يسارية منشقة عن حزب العمل ويقوده حاليا الصحافي السابق نيتسان هورويتز. برنامجه السياسي يشبه برنامج حزب العمل مع تركيز أكبر على البيئة وحقوق المثليين. يؤيد حزب ميرتس تجميد الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية وحل الدولتين وتبادل أراض في إطار اتفاق. 8 - القائمة العربية الموحدة يمين إسلامي سياسي وهو تيار براجماتي (يعايش الواقع كما هو) يمتنع عن الاحتكاك بسلطات الاحتلال، ويميل إلى الاندماج في الواقع الإسرائيلي، ولذلك فقد دفع هذا الاتجاه نحو المشاركة في الانتخابات. وهذا التيار أكثر وضوحا وعلانية في التعبير عن دعمه لعملية السلام واتفاق أوسلو، وذو علاقات قوية بالسلطة الوطنية الفلسطينية. ومن هذه القراءة السريعة نستخلص ان ما يجمع هذا الائتلاف هو إسقاط ناتنياهو فقط، والسؤال هو ماذا بعد سقوط ناتنياهو واستلام السلطة، هل تطفو الخلافات الداخلية الى السطح؟ من الخطوط العريضة للحكومة الإسرائيلية الجديدة برئاسة نفتالي بينيت والتي ظهرت في جلسة التصويت على الحكومة، ستكون تعزيز الاستيطان والاحتلال، متعهدًا بشن حرب على غزة وتعزيز جرائم الحرب في "الشجاعية وبنت جبيل"، كما هدّد الشعب الفلسطيني بالقمع بـ "يد قوية"، وكشف عن طبيعة توجهاته بالنسبة للنقب ومخططاته الاقتلاعية لأهله العرب، بعقلية مخطط برافر، وتحدّث بينيت متّهمًا حكومة نتنياهو أنّها تخلّت عن السيطرة والسّلطة في النقب وسمحت بالفوضى"، بإشارة منه إلى السماح بالبناء غير المرخّص بحسب تعريفه، والى انعدام السيطرة على أراضي عرب النقب، وفي تلميح واضح أن حكومته ستعمل اقتلاع عشرات ألاف من أهالي النقب من قراهم واراضيهم وتجميعهم في غيتوهات .اليست هذه استمرار لسياسة ناتنياهو ام ان التغيير فقط هو إسقاط ناتنياهو؟ وهذا ايضا اول نقض للاتفاق مع القائمة العربية الموحدة"الاسلامية". واشار الى ان "التحديات الخارجية التي تواجهنا كبيرة: المشروع النووي الإيراني، الذي يتقدم نحو نقطة حاسمة، الحرب المستمرة على "الإرهاب"، صورة إسرائيل في العالم، والمعاملة غير العادلة التي تتلقاها في المؤسسات الدولية، كلها تحديات كبيرة ومعقدة".وهل توجهات ناتنياهو اليميني مختلفة؟ وتابع خطابه "أقول لمواطني إسرائيل هذه لحظة سياسية حساسة، أدعو الجميع من كلا الجانبين الى ضبط النفس"، لأنه يدرك الخطر الجماهيري اليميني القادم، الذي سيحشده ناتنياهو لإسقاط حكومة تغييره، كي يفرغها من حشوتها اليسارية والوسطية والعربية، لأنه يبحث عن يمين صاف ونقي لا تشوبه شائبة. وسيتناوب على رئاسة الحكومة الجديدة رئيس حزب "يمينا"، نفتالي بينيت، في السنتين الأوليتين لولايتها ، ورئيس حزب "ييش عتيد"، يائير لبيد، فهل يفي بينيت بالاتفاق وهو أول رئيس حكومة مستوطن ويعتمر قلنسوة، ويتناقض مع برنامجه؟ علما بأن بينيت ثبت انه لا يفي بوعوده، وهنا تنتهي حكومة التغيير لأنها يجب ان لا تخرج من يد اليمين الذي يغرق المجتمع الصهيوني في مستنقعه. وأشار محللون إلى تناقض مواقف الأحزاب التي تشكلها الحكومة وأن مستقبلها مغلف بضبابية تجعل من الصعب التكهن بمستقبلها. واعتبر رئيس تحرير صحيفة "هآرتس"، ألوف بن، أن "إسرائيل تدخل إلى عهد سياسي جديد"، لكنه أشار إلى المشاكل التي ستواجهها الحكومة الجديدة: "الائتلاف المتوتر بين اليمين واليسار، انضمام حزب عربي كشريك في الحكم؛ رئيس حكومة (بينيت) يوجد ستة أعضاء في كتلته كانوا يفضلون الاحتفال بتنصيب حكومة في بيئة أخرى (حكومة يمينية)؛ وغيرها. وأشار بن إلى أنه "بعدم وجود أيديولوجيا أو رؤية مشتركة، سيتم اختبار حكومة التغيير وفقا لقراراتها وأفعالها. إن اليسار الصهيوني توّج مدير مؤسسة الاستيطان السابق نفتالي بينت كرئيس للحكومة، وهذا ما يؤكد أن هنالك اتفاقا واسعا بين اليسار واليمين الصهيوني على الاستمرار في الاحتلال والحفاظ على الفوقية اليهودية في الدولة، وأن الهوة بينهما ضاقت، والتنازل عن مبادئهم هي الوسيلة الوحيدة للوصول للسلطة. وفي الجانب العربي نرى القائمة الموحّدة تشهد أزمة، منذ بدايات الحكومة الجديدة، إذ تغيّب النائب سعيد الخرومي، لحظةَ التصويت على الحكومة الجديدة، احتجاجا على عدم وقف الهدم، وبخاصّة في النقب، ولكنه بدل التصويت ضد فضّل الامتناع، بينما وجه القياديّ في الحركة الإسلامية الجنوبية، والنائب السابق، مسعود غنايم، انتقادات مباشرة قائلا: إنّ دخول الحركة الإسلامية وذراعها السياسي القائمة العربية الموحّدة، بائتلاف حكومي خطأ كبير". واعترض الحزب الشيوعي والجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة على دعم حكومة برئاسة بينيت. وقال الحزبان العربيان الاسرائيليان في بيان مشترك إن "دعم الحركة الإسلامية الجنوبية لحكومة لا تلتزم بوقف التطهير العرقي في القدس الشرقية المحتلة والانتهاكات والاستفزازات في المسجد الأقصى، بعد أن رفضها اليمين، يضفي الشرعية على سياسة التنكّر لحقوق الشعب الفلسطيني". وأكد الحزبان أن "إسقاط نتانياهو لا يشرعن دعم حكومة برئاسة بينيت" التي اعتبرا أنها “حكومة يمين بامتياز في تركيبتها وفي خطها السياسي لا تقدم تغييرا جوهريا حقيقيا عن حكومة ناتنياهو". وشددتا على أن "التغيير الحقيقي لا يُختزل في استبدال نتانياهو وإنما في تغيير سياسة نتانياهو بدل سياسة تعميق الاحتلال والاستيطان والعنصري". وانضم جو بايدن إلى جوقة الساعين إلى إسقاط ناتنياهو حتى وإن كانت الحكومة الجديدة غير قادرة على الاستمرار ولا تملك تلك الامكانية رغم تعددية المشاركين بها . وان كنا نلمس تأثير الرئيس الاميركي جو بايدن في معالجة الازمة الحكومية الاسرائيلية، والذي كان يرى انه لا بد من تفكيك حكومة ناتنياهو بما يتناسب مع سياسته واعادة تركيب حكومة جديدة بعد ان انتهى التحالف بين ناتنياهو و ترامب الذي كان ينافسه وظهر جليا موقف ناتنياهو الداعم لترامب ضد بايدن. فقد هنّأ الرئيس الأميركيّ، جو بايدن الحكومة الإسرائيلية الجديدة، وقال: "ليس لدى إسرائيل صديقة أفضل من الولايات المتحدة، أتوقع تعزيز العلاقات". وتمنى بايدن النجاح لبينيت، بمنصبه رئيسا جديدا للحكومة، وقال إنه يتوقع العمل معه، مضيفًا: "الولايات المتحدة ستواصل دعم أمن إسرائيل بلا هوادة"، بحسب ما أفادت وكالة "رويترز" للأنباء. بدوره، ردّ بينيت على ذلك وقال: "شكرا سيدي الرئيس، أتطلع إلى العمل معك لتعزيز العلاقات بين بلدينا". وأكد الجانبان على أهمية التحالف بين البلدين والتزامهما بتعزيز العلاقات بينهما والحفاظ على أمن دولة الاحتلال "إسرائيل." وعلى العرب الاخذ بعين الاعتبار العلاقة الاستراتيجية بين الطرفين وان الولايات المتحدة لن تتخلى عن دعم الكيان الصهيوني.

انشر المقال على: