الثلاثاء 16-04-2024

الاقتصاد الفلسطيني خسر نصف حجمه الحقيقي بسبب الاحتلال

موقع الضفة الفلسطينية

الاقتصاد الفلسطيني خسر نصف حجمه الحقيقي بسبب الاحتلال

قالت منظمة مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية "اونكتاد"، إن الناتج المحلي الإجمالي للأراضي الفلسطينية، كان يمكن أن يكون بسهولة ضعف ما هو عليه حاليا، لولا الاحتلال، ولانخفضت معدلات البطالة والفقر بشكل كبير.
جاء ذلك في تقرير لـ"اونكتاد" أعلنت نتائجه، اليوم الثلاثاء، في مؤتمرات صحفية متزامنة في رام الله والقاهرة وجنيف، حول كلفة الاحتلال على الاقتصاد الفلسطيني.
وفي وقت قال التقرير إنه لا يمكن وضع تقييم نقدي للمحن الناجمة عن الموت وتدمير الحياة والمجتمع المحلي والثقافة والمأوى والوطن للفلسطينيين، أشار إلىأن الاحتلال يستخدم عدة قنوات لحرمان الشعب الفلسطيني من حقه الإنساني في التنمية وتقويض دعائم الاقتصاد الفلسطيني، من بينها: الاستيلاء على الأراضي والمياه وغيرها من الموارد الطبيعية الفلسطينية؛ وتضييق الحيز المتاح لاختيار وتنفيذ السياسات العامة؛ وفرض القيود على حركة الأشخاص والسلع؛ وتدمير الأصول والقاعدة الإنتاجية؛ وتوسيع المستوطنات الصهيونية؛ وتفتيت الأسواق المحلية؛ وعزل الاقتصاد الفلسطيني عن الأسواق الدولية وتبعيته القسرية للاقتصاد الصهيوني.
وقال التقرير، الذي عرضت نتائجه، نيابة عن "اونكتاد"، الدكتورة سامية البطمة أستاذة الاقتصاد في جامعة بيرزيت، إن استمرار عملية تقويض دعائم القطاعين الزراعي والصناعي، وإضعاف مساهمتهما في الاقتصاد الفلسطيني، أدى إلى تشويه بنية هذا الاقتصاد، لافتا إلى انه في الفترة من عام 1975 إلى عام 2014، انخفضت نسبة مساهمة قطاع السلع القابلة للتداول التجاري (السلع الزراعية والصناعية) في الناتج المحلي الإجمالي بمقدار النصف، من 37% إلى 18%، بينما تراجعت نسبة مساهمته في العمالة من 47% إلى 23%.
وأوضح التقرير أن المنتجين الفلسطينيين محرومون من إمكانية الوصول إلى المنطقة المسماة "ج" التي تبلغ مساحتها ما يزيد على 60% من مساحة أراضي الضفة الغربية، ومن الوصول لأكثر من 66% من مساحة أراضي الرعي، فيما تشير تقديرات إلى أن احتلال المنطقة "ج" كلف الاقتصاد الفلسطيني ما يعادل 35% من ناتجه المحلي الإجمالي (4.4 مليار دولار في عام 2015).
وفي غزة، يُحرم المنتجون الفلسطينيون من إمكانية الوصول إلى نصف مساحة الأراضي الزراعية، وإلى 85% من موارد صيد الأسماك، بينما تُقدر تكاليف الأضرار المباشرة التي سببتها ثلاث عمليات عسكرية صهيونية في الفترة بين عامي 2008 و2014 بمبلغ يساوي على الأقل ثلاثة أضعاف حجم الناتج المحلي الإجمالي السنوي لغزة.
ويحمل التقرير الاحتلال المسؤولية عن "إحداث أزمات دائمة من البطالة والفقر وانعدام الأمن الغذائي، للفلسطينيين، ففي عام 2015، بلغت نسبة العاطلين عن العمل 25% من مجموع سكان الأرض الفلسطينية المحتلة، بينما بلغت نسبة من يعانون من انعدام الأمن الغذائي 66%، في حين وصل معدل البطالة في غزة إلى 38%؛ وبلغت نسبة السكان الذين يحتاجون إلى مساعدة إنسانية 73%.
ولفت التقرير إلى أن معدل البطالة يرتفع إلى 35% في حال عدم توفر فرص عمل للفلسطينيين في الاقتصاد الصهيوني، ما يعني أن العمل في دولة الاحتلال والمستوطنات ليس خيارا، إنما إجباري أمام الفلسطينيين.
وفي مجال التجارة، قال التقرير إن التبعية المفروضة على الاقتصاد الفلسطيني للاقتصاد الصهيوني، والعجز الهائل في الميزان التجاري، يستنزف الموارد الفلسطينية لمصلحة إسرائيل، بما في ذلك المساعدات الدولية، وتحويلات الفلسطينيين في الخارج، ومداخيل العمال الفلسطينيين في دولة الاحتلال والمستوطنات.
وأوضح التقرير أن التجارة تمثل 77% من الناتج المحلي الإجمالي الفلسطيني، ويكاد هذا الانفتاح ينحصر في دولة الاحتلال، التي تستأثر بنحو 55% من التجارة الخارجية الفلسطينية.
وتشكل الواردات الفلسطينية من الاحتلال 70% من إجمالي الواردات، فيما تشكل الصادرات إلى الاحتلال 85% من إجمالي الصادرات، فيما يمثل العجز التجاري الفلسطيني مع الاحتلال 54% من إجمالي العجز التجاري مع العالم الخارجي.
على الصعيد المالي، قدر "اونكتاد" التسرب الضريبي يبلغ حوالي 305 ملايين دولار سنويا، تشكل 3.2% من إجمالي الناتج المحلي الفلسطيني و17% من إجمالي الإيرادات العامة، ما يكلف الاقتصاد الفلسطيني 10 آلاف وظيفة سنويا.
ولا يشمل هذا التسرب تلك الضرائب التي تجبيها دولة الاحتلال من العاملين الفلسطينيين في اقتصادها.
وقال التقرير انه في وقت تشكل فيه المقاصة الفلسطينية 6% فقط من عمل دائرة الجمارك الصهيونية، فإن العمولة التي تجبيها تبلغ 3%، وتغطي ثلث نفقات الدائرة، مشيرا إلى أن تناسب العمولة مع حجم العمل فيما يخص المقاصة الفلسطينية من شأنه الحيلولة دون تسرب 50 مليون دولار سنويا.
وكلفت "اونكتاد" من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة بإعداد تقرير حول التكاليف الاقتصادية للاحتلال للأراضي الفلسطينية المحتلة، ومن المقرر أن يقدم هذا التقرير إلى الجمعية العامة في 13 أيلول الجاري.

وفي المحصلة، قال التقرير إن سياسات الاحتلال أدت إلى تدمير منظم للقاعدة الإنتاجية للاقتصاد الفلسطيني، وسلبته الأرض والمياه وموارد طبيعية أخرى، وتفتيت السوق المحلية وفصلها عن الأسواق العالمية، وحصار مشدد على قطاع غزة منذ 2007، وتوسيع المستوطنات، وبناء الجدار الفاصل وإغلاق الضفة الغربية، وعزل القدس الشرقية عن بقية الأراضي الفلسطينية.
ويقترح التقرير، وفقا لما سلّمت به الجمعية العامة للأمم المتحدة في قراريها 69/20 "إنشاء إطار منهجي وقوي وشامل لتقييم التكاليف الاقتصادية المستمرة المترتبة على الاحتلال الصهيوني، ويخلص إلى أنه من الضروري دراسة هذه التكاليف وغيرها من العقبات القائمة أمام التجارة والتنمية الفلسطينيتين، من أجل وضع الاقتصاد الفلسطيني على مسار يُفضي إلى تحقيق التنمية المستدامة، والتوصل إلى تسوية عادلة للصراع الفلسطيني- الصهيونيوإحلال سلام دائم في الشرق الأوسط".

انشر المقال على: