الأحد 19-05-2024

الأسير المقدسي وسام العباسي وحكاية الـ (26 موبدًا) بسجون الاحتلال

×

رسالة الخطأ

موقع الضفة الفلسطينية

الأسير المقدسي وسام العباسي وحكاية الـ (26 موبدًا) بسجون الاحتلال

منذ أحد عشر عاما يقبع في سجون الاحتلال الأسرى الأربعة وائل قاسم ووسام العباسي ومحمد عودة وعلاء الدين العباسي بعد أن أصدرت محكمة الاحتلال المركزية في القدس بحقهم أحكاما مؤبدة بالجملة بعد تصنيفهم على أنهم أعضاء في واحدة من أشد الخلايا العسكرية فتكا في تاريخ دولة الاحتلال.
وبعد أن استعرضت مؤسسة التضامن لحقوق الإنسان الأسبوع الماضي قصة الأسير وائل قاسم؛ تسرد التضامن حكاية الأسير المقدسي وسام العباسي أحد أعضاء خلية سلوان المقدسية، والذي يقضي حكما بالسجن لمدة (26 مؤبدا و40 عاما).
في العام 1977 ولد الأسير وسام سعيد موسى العباسي في سلوان جنوب الاقصى المبارك في القدس، وفي مدرسة دار الأيتام بدأ مشواره التعليمي حيث توفي والده ولم يكن يتجاوز عمره الـ(13 عاما)، ثم بعد ذلك انتقل إلى مدرسة رأس العامود، وبعد وصوله الثانوية العامة اضطر لترك مقاعد الدارسة وخرج للعمل لمساعدة أسرته المكونة من (6 أفراد)، وكان يعمل حين تم اعتقاله في مصنع "شيروت" للزجاج في منطقة "ريشون ليتسيون" في تل الربيع "تل أبيب".
اعتقل وسام للمرة الأولى في العام 1992 لمدة (5 شهور) بتهمة التخطيط لإلقاء قنبلة يدوية، وفي العام 2001 تزوج وسام ورزق بطفلته إيمان (11 عاما) التي كان عمرها يوم اعتقاله (3 أشهر).
في بداية العام 2011 بدأ وسام مشواره النضالي في مقاومة الاحتلال عندما عرض عليه الأسير وائل قاسم الانضمام لخلية عسكرية بغرض تنفيذ عمليات داخل الكيان، وهو العرض الذي لم يتردد وسام بقبوله خاصة بعد تزايد اعتداءات الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني، وقد أوكلت لوسام مهمة اختيار أماكن تنفيذ العمليات لمعرفته بالمناطق المحتلة.
وتشير لوائح الاتهام الصادرة بحق أفراد الخلية التي قدمتها النيابة العسكرية للمحكمة المركزية في القدس والتي حصلت التضامن على نسخة منها، إلى أن الأسير وسام العباسي شارك في تنفيذ عملية مقهى "مومنت" التي وقعت بتاريخ التاسع من آذار عام 2002 وأسفرت عن مقتل (11 صهيونيا)، حيث قام باستكشاف الطريق التي سلكها منفذ العملية برفقة الأسير وائل قاسم.
وتشير اللوائح أيضا إلى أن وسام وبحكم المنطقة التي كان يعمل بها في "ريشون ليتسيون" اقترح على مسؤول الخلية وائل قاسم تنفيذ عملية في إحدى نوادي تلك المنطقة، وبعد الموافقة على ذلك شرع وسام برفقة الأسير علاء الدين العباسي برصد متواصل للنادي ومحيطه.
وبعد جولات من المراقبة وفي السابع من أيار عام 2002 أحضر الأسير محمد عرمان منفذ العملية الذي يدعى محمد جميل معمر, وقام بإدخاله إلى بلدة بيت اكسا قضاء القدس, وهناك وبالقرب من مفرق رامون، نقل وسام منفذ العملية بسيارته إلى موقع النادي، وبعد دقائق وقع الانفجار الذي أسفر عن مقتل 15 مستوطناً.
وتؤكد أجهزة أمنية الاحتلال بعد الانتهاء من التحقيق مع أفراد الخلية، أن المواقع التي قامت المجموعة باستهدافها تنم عن تتبع ورصد متواصل ودقيق، مشيرة إلى أن الأهداف التي اُستهدفت كانت ستوقع عددا كبيرا من القتلى فيما لو كانت تلك الأماكن مكتظة.
كما أظهرت اللوائح أن الأسير وسام العباسي كان هو المسؤول عن تتبع ورصد صهاريج الوقود (الإسرائيلية) التي قامت المجموعة باستهدافها بالعبوات الناسفة التي تم تفجيرها عن بعد بواسطة هواتف نقالة وذلك خلال شهر أيار عام 2002.
وبعد عمليات الصهاريج المختلفة بدأت المجموعة وبإيعاز من الأسير محمد عرمان بالتخطيط لضرب القطارات وسكك الحديد (الإسرائيلية) وذلك باستخدام تقنية التفجير عن بعد، حيث بينت لوائح الاتهام أن الأسير وسام هو من أعطى الإشارة الأولى بإمكانية ضرب سكة القطارات في مدينة اللد، حيث توجه برفقة علاء الدين إلى السكة وقام بفحصها عن قرب والتأكد من مدى نجاح العملية في ذلك المكان.
وفي مساء التاسع والعشرين من حزيران 2002 توجه وسام وقاسم إلى السكة، وبعد استطلاع المكان عاد الاثنان في صبيحة اليوم التالي برفقة علاء الدين، حيث توجه وسام باتجاه الجنوب من المدينة لرصد قدوم القطار واتصل تلفونيا بقاسم وأكد له إمكانية تفجير العبوة بعدما أصبح القطار في منطقة العبوة.
بعد ذلك واصلت المجموعة ضرب سكك الحديد، حيث أوضحت اللوائح أن أفراد الخلية توجهوا في شهر تموز عام 2002 إلى خط سكة الحديد في منطقة "كفار غبيرون" الواقعة شمال بلدة "يبنى" جنوبا ووضعوا خطة لاستهداف القطار في ذلك المكان.
وفي ساعات صباح يوم الواحد والعشرين من تموز 2002 انطلق وسام وقاسم إلى السكة المذكورة بعد أن وضعوا العبوة في اليوم السابق، حيث أخذ وسام كعادته بمراقبة قدوم القطار على بعد (300 متر) من موضع العبوة، وما أن اقترب من مكان وجود العبوة أعطى إشارة لقاسم لتفجير العبوة أسفل القطار.
بعد عمليات التفجير المختلفة عن بُعد، اتبع أفراد الخلية أسلوبا مغايرا يقلص من وجودهم في مكان التنفيذ، وذلك من خلال ربط العبوات الناسفة بساعة مؤقتة تنفجر حسب مؤشر الوقت المضبوط.
وتشير لوائح الاتهام إلى أن وسام وبعد رصد ثلاث سيارات في منطقة التلة الفرنسية في القدس، ذهب برفقة علاء الدين في ساعات الفجر بتاريخ السابع والعشرين من حزيران عام 2002 إلى موقع التنفيذ، وقام وسام بإلصاق العبوات أسفل السيارات الثلاث، وضبط مؤشر التوقيت وغادرا المكان، وفي تمام الساعة الثامنة انفجرت العبوات الثلاث إلا أنها لم توقع أي إصابة بسبب عدم وجود الركاب بداخلها.
بعد سلسلة من العمليات التي تمت بالعبوات الناسفة، اتفق أفراد المجموعة وبتوصيات من الأسير محمد عرمان على استخدام تقنية العبوات التي تعمل بالساعة المؤقتة لضرب أهداف ثابتة كالمطاعم والأسواق والنوادي، وعرضت اللوائح أن وسام كانت له اليد الطولى في انتقاء الأهداف التي من شأنها إيقاع أكبر عدد من القتلى بحكم معرفته بجميع المناطق داخل الأراضي المحتلة.
فقد اقترح وسام تنفيذ عملية في مطعم على مفرق "مسميا" داخل تل أبيب، وفي بداية الإعداد للعملية وبتاريخ السابع عشر من آب عام 2002 توجه وسام وقاسم إلى بلدة بيت اكسا قضاء القدس، ثم ذهب قاسم للقاء عرمان وبقي وسام ينتظر اتصالا منه حسب الاتفاق.
في وقت لاحق عاد وسام أدراجه إلى القدس، وفي لحظة الخروج من بلدة بيت اكسا فوجئ بحاجز عسكري للجيش الصهيوني على الشارع المتصل من بيت اكسا باتجاه منطقة "راموت – النبي صموئيل" حيث تم اعتقاله من هناك.
وتقول والدة وسام: "في صباح ذلك اليوم أخبرني وسام بأنه ذاهب لصالون الحلاقة، وبعد ساعات من خروجه تفاجأنا بقوات كبيرة من جنود الاحتلال تحول منزلنا إلى ثكنة عسكرية، حينها أدركت أن أمرا ما حصل لوسام".
بعد اعتقال وسام وجميع أفراد المجموعة وإخضاعهم لتحقيق قاس ومتواصل في مركز تحقيق المسكوبية، أصدرت المحكمة المركزية في القدس حكمها بسجن الأسير وسام لمدة (26 مؤبداً و40 عاماً) بتهمة مشاركته في عدد من العمليات العسكرية ضد الاحتلال.
وفي هذا السياق تقول والدته: "كنت أتوقع أن يحكموه (5 سنوات)، وعند النطق بالحكم لم أتكلم بشيء لأنني لا أعرف ما هو الحكم المؤبد، وعند عودتنا إلى البيت أخبروني عن طبيعة حكمة حتى نزل الخبر عليّ كالصاعقة".
وتتابع :"عندها تذكرت عندما كنت أتابع على شاشة التلفاز لحظة حدوث عملية ريشون ليتسيون، وسألته هل هي قريبة على مكان عملك؟ فأجابني أنها بعيدة، ولم يكن يخطر ببالي أن ولدي هو من اختار مكان تنفيذها".

انشر المقال على: