الأربعاء 06-11-2024

احتيال أوروبي على فلسطين خطة لإغراقها بالمفاوضات وتمديد الاحتلال

×

رسالة الخطأ

موقع الضفة الفلسطينية

احتيال أوروبي على فلسطين خطة لإغراقها بالمفاوضات وتمديد الاحتلال

بلورت القوى الأوروبية الثلاث الأكبر، فرنسا وبريطانيا وألمانيا، مسودة مشروع قرار لتقديمه إلى مجلس الأمن الدولي، يحدد مبادئ حل الصراع العربي ــ الإسرائيلي، ويحدد فترة عامين لإتمام المفاوضات حول التسوية النهائية بين "إسرائيل" والسلطة الفلسطينية.
وربما أنه ليس صدفة اختيار مدة العامين، وهي المدة الباقية تقريباً لإدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما التي تدهورت كثيراً العلاقات بينها وبين الحكومة "الإسرائيلية" برئاسة بنيامين نتنياهو.
وذكرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، أمس، أن الإدارة الأميركية تنوي الانتقال قريباً من مستوى التنديد اللفظي بالاستيطان "الإسرائيلي" إلى مستوى اتخاذ عقوبات تصل حد الامتناع عن استخدام حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن.
وأشارت "هآرتس" إلى أن الدول الأوروبية الثلاث تبلور سوياً مشروع قرار في مجلس الأمن يقرّر مبادئ التسوية، وجدولاً زمنياً من عامين، لإتمام مفاوضات الحل النهائي بين الجانبين. وأشار ديبلوماسيون إسرائيليون مطلعون على تفاصيل المسودة إلى أن الدول الأوروبية أطلعت الولايات المتحدة على هذه الخطوة.
وأوضح الديبلوماسيون الإسرائيليون أن فرنسا، وهي عضو دائم في مجلس الأمن، هي مَن يقف خلف هذه المبادرة، وقد نجحت في الأسبوعين الأخيرين في إقناع بريطانيا، وهي أيضاً عضو دائم، وألمانيا بالانضمام لها. وأعدّت المبادرة الأوروبية هذه لأن تشكل خطة مقابلة للخطوة الفلسطينية التي تقدّم بها الأردن إلى مجلس الأمن، وتطالب بانسحاب إسرائيلي من الضفة الغربية خلال عامين، وقبول فلسطين فوراً كعضو كامل في الأمم المتحدة. ومعروف أن الفلسطينيين ينوون عرض خطتهم على مجلس الأمن قبيل إجازة أعياد الميلاد نهاية كانون الأول الحالي.
وتعتبر الخطة الأوروبية أكثر اعتدالاً في نظر الإسرائيليين والأميركيين من الخطة الفلسطينية، لأنها لا تتضمن الاعتراف فوراً بدولة فلسطين، كما أن مهلة العامين هي لإنهاء المفاوضات وليس لإنهاء الانسحاب الإسرائيلي.
وثمة خلافات بين الدول الثلاث بشأن بعض البنود، ولكن هناك إجماع على أن تستند حدود الدولة الفلسطينية إلى حدود العام 1967 وتبادل أراضٍ. وتطالب ألمانيا أن تتضمّن المسودة إشارة إلى أن إسرائيل هي «الدولة القومية للشعب اليهودي» ولكن هناك خلافات حول هذه النقطة.
وبحسب "هآرتس" فقد أجرت فرنسا وبريطانيا، في الأسبوع الأخير، مناقشات موسعة مع الفلسطينيين والأردنيين وممثلي دول عربية أخرى في مقرّ الأمم المتحدة، بهدف التوصل إلى صيغة متفق عليها، لكن الفلسطينيين يتمسّكون حتى الآن بمسودتهم الخاصة.
وفيما يرى البعض أن إصرار الفلسطينيين على خطتهم يأتي لإحراج الأميركيين، فإن فلسطينيين يعتقدون أن الصيغ التي عرضها الأوروبيون لا تلبي حتى الآن مطالبهم. كما يشعر الفلسطينيون بأن ألمانيا تحاول تلطيف الصيغة الفرنسية لمصلحة إسرائيل.
عموماً أطلع وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس نظيره الأميركي جون كيري على تفاصيل المبادرة الأوروبية، لكن الأميركيين ليسوا مشاركين بشكل فاعل فيها. ويشير ديبلوماسيون إسرائيليون إلى أن الموقف الأميركي من المبادرة الأوروبية ليس واضحاً، وإدارة أوباما لم تتخذ بعد قراراً بهذا الشأن. لكن التقديرات تشير إلى أن واشنطن تبذل كل جهد لتجنّب استخدام «الفيتو» في الشأن الفلسطيني على خلفية جهودها لتعزيز الائتلاف الدولي لمحاربة تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» - «داعش».
وترى مصادر إسرائيلية أن وجود الاقتراح الأوروبي يجعل متعذراً على أميركا استخدام حق النقض ضده. وذكرت «هآرتس» أن في البيت الأبيض أشخاصاً، على رأسهم كيري، يدرسون أيضاً بلورة مشروع قرار أميركي يقدم إلى مجلس الأمن، لكن يوجد في البيت الأبيض معارضة شديدة لذلك.
وفي كل حال يبدو أن الإدارة الأميركية تعمل على تشديد مواقفها من الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية والقدس المحتلتين. وتعلم إسرائيل أن نقاشاً بهذا الشأن تمّ في البيت الأبيض منذ أسابيع، وبهدف التخلي عن السياسة الراهنة المتمثلة بإصدار إدانات والانتقال إلى سياسة تنفيذ أفعال ضد المستوطنات.
ورفض مسؤولون أميركيون التعقيب على هذا النبأ، رغم أن مجرد إجراء نقاش حول هذا الموضوع يعتبر حدثاً استثنائياً يظهر الدَّرك الذي وصلته العلاقة بين إدارة أوباما وحكومة نتنياهو. وكانت الدول الأوروبية هي الوحيدة التي نفذت في السنوات الأخيرة عقوبات ضد المستوطنات.

وأشار مصدر إسرائيلي مطلع إلى أن النقاشات في البيت الأبيض بهذا الشأن بدأت إثر اللقاء الأخير بين أوباما ونتنياهو في البيت الأبيض مطلع تشرين الأول الماضي، والصدام العلني بينهما بشأن المستوطنات بعدها. فقد أدانت الإدارة الأميركية إقدام إسرائيل، قبل يوم واحد، من لقاء أوباما - نتنياهو على إسكان سبعة بيوت في سلوان. وبعد ساعات قليلة من انتهاء اللقاء كشفت «حركة السلام الآن» عن مصادقة إسرائيل نهائياً على بناء 2600 وحدة استيطانية قرب جبل المكبر في القدس الشرقية.
وبعد دقائق من اللقاء نشر متحدث باسم البيت الأبيض بيان إدانة شديد اللهجة، اتهم فيه إسرائيل بـ»تسميم الأجواء» والتشكيك في التزامها بالسلام. وردّ نتنياهو معتبراً أن انتقادات الإدارة الأميركية للاستيطان «تتناقض مع القيم الأميركية»، الأمر الذي أثار غضباً واسعاً في البيت الأبيض. وبعد ذلك تقرر عدم الاكتفاء بالإدانة اللفظية ومحاولة الانتقال إلى أفعال عقابية.
وهكذا أثيرت في نقاش البيت الأبيض سلسلة اقتراحات للعمل بمستويات شدة مختلفة، تتناسب مع هدف التوضيح لإسرائيل معارضة الولايات المتحدة للاستيطان وعواقب ذلك. وبين الاقتراحات امتناع أميركا عن استخدام «الفيتو» في مجلس الأمن ضد قرارات تدين الاستيطان، وتشديد التعليمات للمسؤولين الأميركيين بشأن حظر التعاون أو تمويل نشاطات استيطانية. ومع ذلك فإن الإدارة الأميركية لم تتخذ بعد أي قرار نهائي بهذا الشأن.

انشر المقال على: