الاثنين 13-05-2024

إخوان مصر وأشباههم

×

رسالة الخطأ

ساطع نور الدين

واهم كل من يعتقد ان اختبار الإسلاميين في السلطة سيكون سهلا او غير مكلف. ما انتجته الثورات العربية حتى الان لا يدعو الى الفخر او الى الاطمئنان، ولا الى التسليم بتلك النظرية التي يرددها مثقفو الغرب ويعتبرون فيها ان الاحزاب والحكومات الاسلامية التي تقفز الى مؤسسات الحكم في العالم العربي تشبه الاحزاب المسيحية الديموقراطية التي حكمت او شاركت في حكم العديد من البلدان الأوروبية منذ الحرب العالمية الثانية وحتى اليوم.
الشبه مفتعل بين التجربتين كما بين الديانتين وحضورهما في وعي المسلمين والمسيحيين وحياتهم اليومية، وبين نفوذ الكهنة والمشايخ الذي لا يحتمل اي شكل من اشكال المقارنة.. على الرغم من ان مصدر التجربتين السياسيتين وانطلاقهما كان واحدا، وكذلك هدفهما الذي يدور حول مقارعة الحركات الشيوعية والاشتراكية، في محيط الاتحاد السوفياتي .
وبناء على الفارق الجوهري الشاسع بين التجربتين كانت الاحزاب المسيحية حاسمة في حماية الديموقراطية الاوروبية وتطويرها، وهو ما يخضع الان للاختبار مع الاحزاب الاسلامية التي خرجت للتو من السجون والعمل السري الى قمم السلطة، وهي تحمل حوافز الانتقام اكثر مما ترفع لواء انتاج دول ومؤسسات معاصرة، حتى بالمعنى الاسلامي وبالاستناد الى ما يبيحه النص الاول في أمور الحكم والمجتمع والفرد..
الان يصفق الجمهور العربي كلما اعلن اسلامي انه مع الدولة المدنية، وتهلل الغالبية العربية لأي اسلامي يجاهر بان الشرع لن يكون مصدرا وحيدا للتشريع. لكن الشكوك بالإسلاميين ونواياهم الفعلية كانت وستبقى عميقة، لانه ليس هناك نص اسلامي ملزم او متفق عليه يطمئن العامة والاقليات الى ان الإسلاميين لن يبنوا دولة الاسلام والخلافة، كما تستدعي برامجهم الحزبية المعلنة والصريحة.
هذه الشكوك تحولت امس الى جرس إنذار عندما قرر الرئيس الإخواني المصري محمد مرسي إلغاء قرار حل مجلس الشعب، ودعوته الى استئناف مهمته في التشريع والمراقبة والمحاسبة.. وهو ما لا يمكن ان يدرج فقط في سياق التحدي مع المجلس العسكري ولا في سياق الاستجابة لمطلب شعبي حقيقي يعارض الاعلان الدستوري المكمل. ثمة التزام طبيعي بصلاحيات رئاسة الجمهورية، التي يفترض انها نهاية الاستيلاء الإخواني على السلطة، وليس بداية تكوين سلطة إخوانية صافية، تحتكم الى عمليات انتخابية واستفتاءات نظمت على عجل ولا تخرج عن كونها جزءا من مرحلة انتقالية لا تزال في بداياتها.
قرار مرسي لا يشبه بأي حال من الأحوال قرارات زعماء الاحزاب المسيحية الديموقراطية الذين اشرفوا على اعادة بناء اوروبا الغربية (ثم توحيدها) في اعقاب الحرب العالمية الثانية. ثمة اسلام سياسي يحرق المراحل.. ويهدد بإحراق تجربته الفتية، التي لا تزال مصر بحاجة اليها على الاقل في المرحلة الراهنة.

انشر المقال على: