رواية الخطّ الأخضر باكورة رولا غانم جميل السلحوت عن دار الجندي للنّشر والتّوزيع في القدس صدرت حديثا باكورة الأعمال الأدبيّة للكاتبة الفلسطينيّة رولا غانم. تقع الرّواية التي حمل غلافها الأوّل لوحة للفنّان التّشكيليّ الفلسطينيّ جمال بدوان في 160 صفحة من الحجم المتوسّط. الكاتبة: رولا غانم شابّة فلسطينيّة من مدينة طولكرم، تعمل محاضرة في جامعة خضوري، وتعد لرسالة الأستاذيّة – الدّكتوراة- في الأدب العربيّ. وها هي تدخل عالم الرّواية بقدرة واضحة. مضمون الرّواية: تتحدّث الرّواية عن فتى فلسطينيّ اسمه عبدالله من باقة الغربيّة في المثلّث الفلسطيني، أرغمته الظّروف بعد نكبة العام 1948 على ترك أسرته ومسقط رأسه؛ ليستقرّ في طولكرم الواقعة فيما بات يعرف بالضّفة الغربيّة، وهناك التحق بالجيش العربيّ الأردنيّ، وتعرّض لمآسي كثيرة، وتزوّج من فتاة كرميّة تربطهها علاقة صداقة باحدى قريباته. بعد هزيمة حزيران 1967 ترك الجيش الأردنيّ وبقي مقيما في طولكرم، ليلتقي بأسرته على غير ما كان يتمنّى ويتمنّون. وتتطرّق الرّواية إلى علاقة اللاجئين الفلسطينيّين بديارهم وبما تبقى من ذويهم في الدّيار التي شرّدوا منها، لذا وجدنا عبدالله يتسلّل أكثر من مرّة للقاء والديه وأسرته. وجاء في الرّواية وصف دقيق لمدينة البتراء الأردنيّة الأثريّة، التي زارها بطل الرّواية مع عروسه في شهر العسل. اللغة: اتّكأت الكاتبة في روايتها هذه على اللهجة المحكيّة التي ينطق بها شخوص الرّواية الشّعبيّون، وجاء في الرّواية العديد من الأمثال والأقوال الشعبيّة، كما جاءت بعض الأغاني الشّعبيّة، وقد جاء الموروث الشّعبيّ في مكانه الصّحيح لخدمة النّصّ الرّوائيّ. أمّا اللغة الفصحى في الرّواية فقد كانت سليمة مطعّمة بالفنون البلاغيّة. الأسلوب: اعتمد السّرد الرّوائيّ على لغة انسيابيّة فيه من الحكي الكثير، ساعد في ذلك اللهجة المحكيّة، ويبدو ذلك جليّا في الحوار،وهذا ما ساعد على تحريك عنصر التّشويق في الرّواية. شخصيّات الرّواية: في الرّواية عدّة شخصيّات، لكنّ اللافت فيها شخصيّتان هما عبدالله ومرام: عبدالله: وهو بطل الرّواية الرّئيسيّ الذي اختطف من قريته"باقة الغربيّة" فتى في الرّابعة عشرة من عمره، التحق بالجيش العربيّ الأردنيّ، تزوّج في طولكرم التي أصبحت بعيدة عن قريته، يصعب الوصول إليها رغم قربها المكانيّ، وذلك لأنّ قريته بقيت داخل الخطّ الأخضر في الجزء الذي قامت فيه اسرائيل كدولة، وما تبع ذلك من حالة الحرب التي شتّتت الشّعب الفلسطينيّ. وعبدالله –كما ورد في الرّواية- شخصيّة عصاميّة، اعتمد على نفسه في الزّواج وبناء أسرة وبيت. وهو شخصيّة لافتة تحلّت بالوعي الكافي لمعايشة الظروف التي فرضت عليه. ويشكّل نموذجا ناجحا لحالة الشّتات التي عاشها اللاجؤون الفلسطينيّون الذين أرغمتهم ظروف الحرب على ترك ديارهم. ويلاحظ أنّ عبدالله بقي لاجئا في طولكرم بعد أن "توحّدت" الأراضي الفلسطينيّة تحت الاحتلال في حرب حزيران 1967، ولم يكن له خيار في ذلك، فالقانون الاسرائيليّ فرض عليه وعلى غيره أن يكونوا من الأراضي المحتلة، ولا يحق لهم أن يعودوا إلى ديارهم وإلى أحضان ذويهم. مرام: هي شقيقة عبد الله، بقيت في حضن والديها في باقة الغربيّة، أكملت تعليمها الثّانويّ، والتحقت بالجامعة العبريّة في القدس، حوصرت في بيت والديها بعد أن علم والدها بعلاقة عذريّة مع زميل لها من قرية أخرى، حتّى أنّه رفض تزويجها منه رغم أنّه طلب يدها، وأراد الوالد تزويجها من ابن أخيه، لكنّها رفضته، وبعد حرب عام 1967 تمّت الموافقة على تزويجها من ذلك الشّاب الذي أحبّته. وتمثّل شخصيّة مرام الجيل الجديد المتعلّم الذي تمرّد على القيم والعادات الموروثة، وذلك برفضها الزّواج من ابن عمّها. واصرارها على الزّواج من الشّاب الذي تريده. العاطفة: تنضح الرّواية بالعاطفة الصّادقة، ويبدو أنّ شخصيّة بطل الرّواية الرئيسيّ شخصيّة حقيقيّة، تحدّثت عنها الرّواية على حقيقتها مع بعض الخيال الواقعيّ الذي يخدم الحبكة الرّوائيّة. نهاية الرّواية: واضح جدّا أنّ الكاتبة كانت معنيّة بانهاء روايتها بشكل سريع، وهذا ما يفعله كثير من الرّوائيّين، فجاءت النّهاية بشكل اخباريّ سريع عن زواج مرام، دون الدّخول في تفصيلات ذلك الزّواج الاستثنائيّ، والذي تمّ بعد معاناة طويلة وتعنّت الوالد بموقفه. يبقى أن نقول أنّنا أمام رواية تستحقّ القراءة، ونحن في انتظار جديد الكاتبة. 1-11-2015