الأحد 24-11-2024

قرية “الباذنجان” الفلسطينية تحافظ على نظام ري روماني لأكثر من 3 آلاف عام

×

رسالة الخطأ

موقع الضفة الفلسطينية

قرية “الباذنجان” الفلسطينية تحافظ على نظام ري روماني لأكثر من 3 آلاف عام
في مشهد يتكرر يوميا منذ أكثر من 3 آلاف عام، يستخدم مزارعو قرية “بتير” الفلسطينية جنوبي الضفة الغربية المحتلة قنوات مائية رومانية، في واحد من أقدم نظم الري في التاريخ.
هدى عوينة، إحدى مزارعات القرية التي تقع غرب مدينة بيت لحم، وتشتهر بزراعة الباذنجان، تقول “منذ أن وجدت على هذه الدنيا وبتير تستخدم ذات نظام الري عبر القنوات، فالبلدة تنفرد بنظام ري توارثته عبر الأجيال، ومتوافق عليه بين عائلاتها الثماني، لري مزروعاتها في قطع شبه متساوية من الأراضي”.
وتوضح “إذ يعتمد السكان على العين (النبع) الرئيسي، الذي رممه أحد مثقفيها، ويدعى حسن مصطفى، عام 1950، وهو عبارة عن قطعة حفر رومانية تزود البركة بالمياه التي تُوَزّع بواقع 24 ساعة لكل عائلة، حيث تجمع المياه في البركة (نحو 400 متر مكعب) ليلا وتوزع على المزارعين نهارا”.
“ومع تزايد أفراد العائلات وتعدد الورثة فإن كبير العائلة يتولى تقسيم حصة المياه المتجمعة ليلا على فروع عائلته، وفق مقياس دقيق بعد حساب كمية المياه المتجمعة، حيث تتدفق من البركة الرومانية إلى البساتين التي تزرع غالبا بالخضراوات عبر قنوات ري ترابية وصخرية شيّدها الرومان والكنعانيون، وأجريت عليها بعض التحسينات والترميمات لحفظ المياه”، وفق هدى.
ومعلقة على دقة نظام الري الفريد الذي تتميز به القرية تقول هدى “لم أسمع يومًا عن خلل ما وقع في قسمة المياه”.
وبحسب عوينة التي تعمل كباقي مزارعي “بتير” في زراعة الباذنجان، الذي يقيم له الأهالي مهرجانا سنويا، فإن “زراعة الخضروات تتم عبر آلية خاصة تسمى الأحواض، مقسمة بطريقة هندسية، يفصلها عن بعضها البعض مجاري خاصة للمياه”.
ولا تبعد قرية بتير التي يقطنها 6 آلاف نسمة، سوى بضعة كيلومترات جنوبا عن قلب مدينة القدس المحتلة، وتتبع حاليا محافظة بيت لحم، بينما يمر من طرفها الشمالي خط سكة حديد الحجاز الذي أنشأه العثمانيون، ويستخدمه الاحتلال الإسرائيلي حاليا لنقل البضائع والركاب من مدينة القدس إلى تل أبيب، بموجب اتفاقية وقعت في العام 1949 بين الأردن وإسرائيل.
وتنص الاتفاقية بالسماح لأهالي “بتير” باستخدام نحو 4 آلاف دونم (الدونم ألف متر مربع) من أراضيها الزراعية (والتي تقع داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948) بكامل الحرية، مقابل السماح لقطار إسرائيل بالسير من أراضي البلدة بأمان.
ويخشى أهالي “بتير” أن يحرمهم جدار “الفصل العنصري” في حال مروره بأراضيهم الزراعية من تدمير إرثهم التاريخي في نظام الري المميز الخاص بهم.
ويقول عليان الشامي، عضو مجلس قروي بتير، لمراسل الأناضول إن “إسرائيل تتذرع بحماية أمنية للقطار من أجل سرقة الأراضي”، مشيرًا إلى أن “القطار لم يتعرض لأي خطر منذ العام 1949″.
ويحذر الشامي من مخاطر إقامة الجدار على أراضي القرية، ولفت إلى أن البلدة ربحت دعوى قضائية في محكمة العدل العليا الإسرائيلية (أعلى هيئة قضائية بإسرائيل) لمنع إقامة جزء من الجدار على أراضي البلدة، لافتا إلى أن الجيش الإسرائيلي استأنف في محكمة الاستئناف، ومن المفترض أن تنظر المحكمة في الدعوى نهاية شهر يناير/ كانون ثان الجاري.
وحصلت قرية “بتير” على جائزة “ميلينا ميركوري” الدولية عام 2011 والمقدمة من منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو) كأفضل مشروع للحفاظ على الأماكن التاريخية والطبيعية.
وفي القرية آثار رومانية عديدة كأبراج المراقبة والحصون والقصور.

انشر المقال على: