بيت لحم/ اعتبرت صحيفة "الجارديان" البريطانية الصادرة اليوم الثلاثاء، أن منطقة الشرق الأوسط برمتها تمر الآن بالتحول الجيوسياسي الأهم في تاريخها منذ إعادة رسم خريطتها عقب انتهاء الحرب العالمية الأولى.
واستدلت الصحيفة على طرحها في هذا الصدد من خلال التقرير الذي بثته اليوم الثلاثاء، على موقعها الإلكتروني، بذكر أن أحداث الأسبوع الماضي أكدت رسميا أن الحرب في سوريا اتسع نطاقها لتصبح صراعا إقليميا؛ ففي البداية أكد حسن نصر الله زعيم حزب الله اللبناني أن قواته تحارب بجانب قوات الرئيس السوري بشار الأسد، بينما تحتدم المواجهة في العراق بين المحتجين السنة وحكومة رئيس الوزراء نوري المالكي ذات الأغلبية الشيعية، لتزج بالعراق في مرحلة دموية جديدة، وأخيرا جاءت الضربتان الجويتان الإسرائيليتان على سوريا.
وقالت الجارديان "إن العالم يجني الآن ثمار تردده لاتخاذ رد فعل قوي ضد نظام الأسد، وهو ما خلق فضاء مكن الأسد من مواصلة وحشيته ضد شعبه، في حين واصلت روسيا وإيران إمداده بالأسلحة.. بينما فرضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عقوبات أضرت بالجيش السوري الحر المعارض؛ خاصة فيما يخص حظر الأسلحة المضادة للمروحيات".
وعزت الصحيفة السبب وراء فرض هذه العقوبات إلى خوف الغرب من سقوط هذه الأسلحة في الأيادي الخاطئة أو غير المرغوبة، ولكن كان هذا في وقت لم تخرج فيه الثورة السورية عن حدود البلاد، ولم يكن للجهاديين أى دور فيها، ولكن فى ضوء استمرار وحشية النظام وصمت المجتمع الدولي، تبلور الموقف على أرض الواقع حتى تغير في صالح المجموعات الجهادية.
وأضافت الجارديان "موجات العنف الآن لم تعد مقصورة فقط على سوريا؛ حيث أصبح لبنان امتدادا للمسرح السوري للحرب، وهو ما تجلى في صعود احتمالات أن تؤدي تصريحات حسن نصر الله بوقوفه بجانب نظام الأسد إلى ارتفاع معدلات الاستقطاب الطائفي هناك إلى مستويات غير مسبوقة".
وأردفت تقول "إنه في حال استمرت المواجهة الطائفية في العراق فى التصاعد، فإن الموقف سوف يزداد خطورة، خاصة في ضوء حقيقة أن العراق، بفضل موقعه الاستراتيجي المطل على دول الخليج الغنية بالنفط بجانب إيران وتركيا، يعتبر برميل بارود يمكن أن يشعل المنطقة بأسرها".
وأوضحت الجارديان أن الخطر الحقيقي الذي يحمله الصراع الطائفي في المنطقة يكمن في حقيقة أنه سيصبح صراعا مستديما.
وأشارت الجارديان في هذا الصدد إلى أن العديد بات ينادي في العراق بتقسيم البلاد إلى ثلاثة أقسام؛ قسم للسنة وآخر للشيعة وثالت للأكراد الذين يتمتعون بالفعل باستقلال متين.
وترى الصحيفة أن المذابح التي ترتكب في حق السنة داخل الأحياء العلوية في سوريا، تتسبب في إجبار البقية منهم على المغادرة.. وهي خطوة قد تؤدى بالضرورة لإقامة منطقة خاصة بالعلويين حال فقد النظام سيطرته على دمشق.
واعتبرت الصحيفة أن حدود منطقة الشرق الأوسط التي أقرت بموجب اتفاقية سايكس بيكو لم تكن يوما حدودا منطقية أو عملية، ولم تتمتع بأى شرعية في أذهان الشعب العربي، مما أدى إلى ظهور الحركات القومية العربية التي تنادي بالوحدة.
وترى الجارديان أن حل المأزق الراهن يكمن في إحياء الروح التي ميزت منطقة الشرق الأوسط عبر تاريخها والمتمثلة في تعايش أربعة أعراق هي: العرب والأكراد والإيرانيين والأتراك داخل بيئة اقتصادية واجتماعية مفتوحة، وأكدت أن الشرق الأوسط حافظ طيلة عقود على وحدته على الرغم من تنوع عقائده وأطيافه وأفكار شعوبه.