تعددت نقاط الاختلاف بين القطبين الفلسطينيين "حماس" و"فتح" منذ الانقسام عام 2007 وانحصرت النقاط المتفق عليها في قضية واحدة وهي ضرورة تحقيق المصالحة والوحدة الوطنية.
ولم تتمكن قيادات حماس وفتح من تحقيق تقارب حاسم في نقاط الاختلاف رغم اتفاقيات المصالحة التي تم التوقيع عليها، وجلسات الحوار المكوكية التي عقدت في مكة المكرمة والقاهرة ودمشق والدوحة واليمن، وفي كل مرة يتم التوقيع فيها على اتفاق تظهر إحدى نقاط الاختلاف وتنهي كل شيء.
مراسل وكالة "الأناضول" للأنباء رصد تلك القضايا التي اختلفت عليها حركتي "حماس" و"فتح" ونقطة الاتفاق الوحيدة.
*نقاط الاختلاف
1- البرنامج السياسي: حركة "حماس" لا تؤمن بأي حل سلمي مع إسرائيل لإقامة الدولة الفلسطينية وتؤكد على ضرورة المقاومة المسلحة للاحتلال حتى تحرير كامل فلسطين التاريخية وترفض الاعتراف بإسرائيل، بينما ترى "فتح" إن الحل السياسي السلمي والمقاومة الشعبية (المظاهرات السلمية)، بالإضافة إلى المفاوضات مع الحكومة الإسرائيلية هي السبيل الوحيد لإقامة الدولة على حدود عام 1967 (الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة).
وخلال جلسات الحوار في القاهرة حاول الطرفان تقليص حجم الهوة بين البرنامجين ولكن تمسك كل طرف بمبدئه أفشل ذلك وأدى في كثير من الأحيان إلى تعميق الخلاف وإعادة عجلة المصالحة إلى المربع الأول، إلا أنه تم التوصل في الاتفاق الأخير الذي وقع في القاهرة منتصف العام 2011 إلى تشكيل حكومة توافق وطني فلسطيني بدون برنامج سياسي يرأسها رئيس السلطة محمود عباس وتكون مهمتها الإعداد للانتخابات التي ستترك للفلسطينيين مهمة اختيار البرنامج السياسي، ولكن هذا الاتفاق أيضاً بقي مجمداً دون تنفيذ.
2- الانتخابات: بقيت موضع خلاف منذ بداية جلسات المصالحة وتسببت في تجميد تنفيذ اتفاق القاهرة الأخير حيث تريد "حماس" تنفيذ كافة بنود الاتفاق (تشكيل حكومة توافق وطني برئاسة محمود عباس، وتحقيق المصالحة المجتمعية، وإنهاء ظاهرة الاعتقال السياسي، وتوفير أجواء الحريات بالضفة الغربية وقطاع غزة) كرزمة واحدة وبشكل متزامن لكن "فتح" تقول إنه يجب إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية قبل تنفيذ بقية بنود المصالحة، وهو ما ترفضه حماس تماماً.
3- التنسيق الأمني: التنسيق بين السلطة الفلسطينية والسلطات الإسرائيلية المتعلق بمنع تنفيذ أي هجمات مسلحة ضد إسرائيل وتبادل المعلومات الأمنية حول ذلك وملاحقة المقاومين ترفضه حماس وتطالب بإنهائه بشكل فوري وتوفير الدعم والغطاء للمقاومة بمناطق السلطة الفلسطينية، بينما ترى فتح التي تقود السلطة أن هذا التنسيق جزء من اتفاقية أسلو التي وقعت عام 1993 وتولت على أساسها السلطة إدارة شئون الضفة وغزة، ولا يمكن إيقافه لأن ذلك سيخالف بنود الاتفاق مع إسرائيل.
4- الاعتقالات السياسية: وهي الاعتقالات التي تمارسها الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة بالضفة الغربية بحق عناصر ومؤيدي "حماس"، وتمارسها حكومة "حماس" بقطاع غزة بحق عناصر ومؤيدي "فتح"، وتقول حماس إنه لا يوجد لديها أي معتقل سياسي وتطالب بشكل مستمر بضرورة توقف الاعتقالات بالضفة الغربية، وفي الوقت ذاته تقول فتح "إن جميع المعتقلين بالضفة هم جنائيين ولم يعتقلوا بناء على انتمائهم السياسي"، ونقطة الخلاف هذه تسببت في إفشال تنفيذ الكثير من الاتفاقيات التي تم التوصل إليها.
5- إشاعة الحريات: تطالب حركة "حماس" دائماً بتزامن إشاعة أجواء الحريات في الضفة مع تنفيذ بنود اتفاقات المصالحة من خلال السماح لها بممارسة نشاطها السياسي وإعادة افتتاح مؤسساتها الاجتماعية المغلقة منذ أحداث الانقسام عام 2007 والتوقف عن ملاحقة عناصرها وقياداتها والسماح لهم بالتعبير عن آرائهم ومواقفهم بحرية، فيما تطالب "فتح" بتنفيذ الأمر ذاته في القطاع.
وبقيت هذه القضية موضوع خلاف عند تنفيذ جميع اتفاقيات المصالحة فكل من الحركتين تقول إن أجواء الحريات والسماح بالعمل الحزبي لم يتوفر في المنطقة التي تحكمها الحركة الأخرى.
6- الشراكة السياسية: إن قضية الشراكة السياسية كانت موضع خلاف بين حماس وفتح طوال فترة الانقسام فالأخيرة تؤكد أن زعيمها محمود عباس هو صاحب السلطة ويملك القرار الفلسطيني بصفته رئيس منظمة التحرير، ورئيس السلطة الفلسطينية، ورئيس دولة فلسطين، وفي الوقت ذاته ترفض حماس ذلك وتطالب بتشكيل هيئة قيادية تضم جميع الفصائل الفلسطينية، ورغم تشكيل لجنة لإعادة تأهيل وإصلاح منظمة التحرير تضم جميع الفصائل بعد الاتفاق عام 2011 إلا أن هذه اللجنة لم تجتمع سوى مرات محدودة ولم يتم تنفيذ أي من قراراتها.
* نقاط الاتفاق
تنحصر نقاط الاتفاق بين حركتي "حماس" و"فتح" في أن تحقيق المصالحة وإنهاء الانقسام ضرورة يجب تحقيقها في أسرع وقت ممكن لأن الانقسام يشتت الجسد الفلسطيني يضيع حقوق الفلسطينيين.
ويرى مراقبون ومحللون مختصون بشئون الفصائل الفلسطينية أنه لا يوجد أي نقطة أخرى متفق عليها بين "حماس" و"فتح" باستثناء مطلب تحقيق المصالحة في أقرب وقت ممكن، مؤكدين أنه في حال تجاوز نقاط الاختلاف السابقة الذكر فإن من السهل تحقيق الوحدة الوطنية وإنهاء الفرقة السياسية.
وبدأ الانقسام في النظام السياسي الفلسطيني بعد اشتباكات بين مسلحين من حركة "حماس" وعناصر الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية التي يترأسها زعيم "فتح" محمود عباس أدت إلى سيطرة حماس على قطاع غزة وإعلان عباس إقالة حكومة الوحدة الوطنية التي ترأسها في ذلك الوقت إسماعيل هنية القيادي في حماس.