أوساط سياسة وحقوقية تعرب عن غضبها قرار "رفع الحصانة البرلمانية"
أعربت العديد من الأوساط السياسية والحقوقية الفلسطينية عن غضبها من قرار الرئيس ثار محمود عباس، رفع الحصانة البرلمانية عن خمسة من نواب من كتلة "فتح" البرلمانية في المجلس التشريعي، مؤخرًا، وأثارت ردود أفعال غاضبة لديها.
ففي الوقت الذي وصفت فيه منظمات حقوقية القرار بأنه "خطير" ويمهّد لما اعتبرته بداية انهيار النظام السياسي الفلسطيني برمته، شدّد برلمانيون فلسطينيون على "انعدام أي صلاحية للرئيس عباس على المجلس التشريعي".
ورغم تأكيد المستشار القانوني لرئيس السلطة، حسن العوري، رفع الحصانة البرلمانية عن النواب الخمسة، وهم: محمد دحلان، ناصر جمعة، نجاة أبو بكر، شامي الشامي وجمال الطيراوي، إلا أن الأخير أكد عدم تلقي النواب أي قرار رسمي من المجلس التشريعي أو من عباس يفيد بنزع الحصانة البرلمانية عنهم.
ونقلت وسائل إعلامية عن حسن العوري المستشار القانوني لعباس، تأكيده على أن "الرئيس استجاب لطلب النائب العام رفع الحصانة البرلمانية عن عدد من النواب في المجلس التشريعي، لاستكمال التحقيق معهم بخصوص شكوى تقدم بها مواطنون وقضايا أخرى"، وفقا للعوري.
من جانبه، قال النائب عن حركة "فتح"، جمال الطيراوي، إن البرلمانيين الخمسة لم يُبلغوا بقرار رسمي سواء من الكتل البرلمانية أو من رئيس كتلة "فتح" أو الجهات القضائية برفع الحصانة، مضيفا "ما يدور من حديث حول هذا الأمر سمعنا به عبر الإعلام فقط".
وأفاد الطيراوي، بأن قرار نزع الحصانة عن أي نائب بالتشريعي يتعارض وينتهك أحكام نص الدستور الفلسطيني ويتجاوز النظام الداخلي للمجلس الذي يوكل صلاحية ذلك للتشريعي نفسه، وليس للسلطة التنفيذية.
وأشار إلى أنه في حال صدور القرار بشكل رسمي فسيتم اللجوء إلى الأطر السياسية والقضائية لإلغائه، والتعامل معه وفق الآليات والقانون الفلسطيني.
وأضاف "لا يوجد أي مبرر أو مسوغ قانوني لرفع الحصانة البرلمانية عن أي نائب بالتشريعي، والاتهامات تقف خلفها المؤسسة الأمنية بالضفة الغربية؛ فالاختلافات وتباين وجهات النظر أمر طبيعي، لكن تجاوز القانون وتغول السلطة الأمنية على المؤسسة التشريعية غير مقبول".
واعتبر الطيراوي، أن رفع الحصانة "اعتداء وامتهان لكرامة وكبرياء المواطن الفلسطيني، الذي انتخب النواب، واعتداء على حقوقهم"، بحسب وصفه.
من جهته، أشار النائب في البرلمان الفلسطيني، بسام الصالحي، إلى أن قرار المحكمة الدستورية برمته (منح صلاحية رفع الحصانة لرئيس السلطة) يخالف القانون الأساسي.
وأوضح الصالحي، أن "حساسية وهشاشة" واقع النظام السياسي الفلسطيني، وحالة الانقسام القائمة تزيد من الحاجة الماسة للحفاظ على القانون الأساسي.
ودعا إلى التمسك بالقانون الأساسي والمبادئ الدستورية؛ خاصة فيما يتعلق بولاية المجلس التشريعي وحصانة النواب، والحفاظ على مكانة السلطة القضائية والتشريعية وبقائها منفصلة عن التنفيذية.
بدوره، وصف أحمد بحر، النائب الأول لرئيس المجلس التشريعي، قرار رفع الحصانة بـ "الاستبدادي"، معتبرًا في بيان له أن القرارات والسلوكيات الاستبدادية والدكتاتورية لا تبني وطنًا حرًا أو تدشن سلطة وطنية تصون الحريات وتحمي الحقوق.
وطالب بحر الفصائل الفلسطينية كافة لتحمل مسؤولياتها والضغط على الرئيس عباس للتوقف عن التدخل في أعمال المجلس التشريعي، واحترام مبدأ الفصل بين السلطات التي نص عليها القانون الأساسي الفلسطيني.
من جانبه، شدّد حسن خريشة النائب الثاني لرئيس المجلس التشريعي الفلسطيني، على "عدم وجود أي صلاحية قانونية أو دستورية لرئيس السلطة محمود عباس، في رفع الحصانة عن نواب البرلمان".
وأوضح خريشة، أن الحصانة مبدأ دستوري ورفعها عن أحد النواب ملك للمجلس التشريعي وفق المادة (رقم 53) في القانون الفلسطيني
واستطرد "صلاحيات الرئيس تتمثل في سن القوانين وإصدار المراسيم الرئاسية، ولا صلاحية له في رفع الحصانة عن أي نائب، والمحكمة الدستورية التي استند لها تحوم حول تشكيلها شكوك كونها شكلت وفق اللون السياسي".
وأكد أنها "شُكلت بطابع معيّن ليتم استخدمها لأغراض سياسية فقط"، مبينًا أن إجراءات رفع الحصانة "تبدأ بطلب من النائب العام للمجلس التشريعي وترفع بموافقة ثلثا النواب على الطلب.
وأضاف "علمنا عن قرار رفع الحصانة عن النواب الخمسة من خلال وسائل الإعلام الأجنبية، ولم يطلعنا الرئيس عباس على التهم الموجهة ضدهم أو مسببات رفع الحصانة".
وشدد خريشة على أن القرار (رفع الحصانة) "لتحقيق غايات سياسية، وهيمنة واضحة من قبل السلطة التنفيذية على التشريعية، وخطوة أولى باتجاه عسكرة المجتمع وإلغاء الحياة الديمقراطية، ومقدمة لحل المجلس التشريعي".
ودعا لاجتماع عاجل للمجلس التشريعي وهيئة الكتل والقوائم البرلمانية، وأن يكون لها موقف إزاء رفع الحصانة عن النواب الخمسة من كتلتي "فتح" و"التغيير والإصلاح" البرلمانية.
في السياق ذاته، اعتبر مجلس "منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية" في بيان أصدره أمس الأربعاء، أن قرار الرئيس محمود عباس، "يأتي في سياق حالة التصدع والتفكك المستمر في النظام السياسي الفلسطيني بكافة مكوناته".
فيما رأى مدير عام مؤسسة "الحق" (حقوقية غير حكومية)، شعوان جبارين، أن الإشكالية القانونية والدستورية واضحة في قرار رفع الحصانة، وأن هذه الصلاحية حصرًا للمجلس التشريعي المعطل.
وأضاف، "تعطيل التشريعي جاء بقرار سياسي وليس على قاعدة ما هو خارج عن الإرادة، وفي ذلك تعطيل لمؤسسة رقابة وتشريع وتغييبه ضرر كبير على الحالة الفلسطينية برمتها".
ووصف قرار المحكمة الدستورية بمنح رئيس السلطة صلاحية رفع الحصانة البرلمانية عن أي عضو في المجلس التشريعي، بأنه "قرار يشوبه عوار كبير في جوهره ومضمونه".
وبيّن أن المحكمة الدستورية هب "موضع تساؤل في التشكيل وفي إطار التفسير، وتحولت لأداة وفي ذلك مساس في منظومة النظام السياسي بالفصل بين السلطات، وهنا تبرز خطورة التدخل في القانون والقضاء"، بحسب تصريحاته.
وقال "قرار رفع الحصانة عن نواب فتح، امتداد لخلافات سياسية داخل الحركة، وهذا منطق خطير ويؤسس لمنظومة جديدة بتوجه جهة تنفيذية لحصر كل السلطات بيدها".
وذكر الحقوقي الفلسطيني أن ذلك يعني "تجاوز لفصل السلطات والشراكة واحترام سياسية القانون، وفيه خطورة غير مسبوقة على الحقوق والحريات".