من تحت أنف السلطة: غرفةٌ تجاريّةٌ فلسطينيّةٌ مُشتركةٌ مع المُستوطنين
الناصرة-“رأي اليوم”-
من زهير أندراوس:
نشرت صحيفة (مكور ريشون) العبريّة تحقيقًا مُطوَّلاً ومُوسّعًا عن العلاقات الاقتصاديّة بين رجال الأعمال الفلسطينيين في الضفّة الغربيّة المُحتلّة و”نظرائهم” من المُستوطنين الإسرائيليين، كاشفةً النقاب في الوقت نفسه عن أنّ الطرفين أسسا غرفةً تجاريّةً مُشتركةً لتطوير المشاريع الاقتصاديّة والتجاريّة التي تهدِف إلى تحسين العلاقات بين الطرفين على جميع الأصعدة، واللافِت أنّ رجال الأعمال الفلسطينيين أدلوا بأقوالهم بشكلٍ علنيٍّ مع الأسماء والصور، كما ظهرت في التقرير الصور التي تجمع الفلسطينيين بغلاة المُستوطنين العُنصريين في مدينة الخليل المُحتلّة، وشدّدّت مُعدّة التقرير على أنّه في الوقت الذي يُقاطِع فيه الفلسطينيون التوجّه الإسرائيليّ المُعنْوَن بـ”السلام الاقتصاديّ” بورشة البحرين فإنّ هناك مكانا آخر يجري فيه التعاون الاقتصاديّ بين الجانبين، على حدّ تعبيرها.
وأشار تقرير الصحيفة العبريّة، التي يرأس تحريرها الصحافيّ حجاي سيغال، وهو من قادة التنظيم الإرهابيّ اليهوديّ، الذي حاول في سنوات الثمانين من القرن الماضي اغتيال رؤساء بلدياتٍ فلسطينيين في الضفّة الغربيّة، وسُجِن لعدّة سنواتٍ، أشار التقرير إلى أنّ العمل يجري، من خلال الغرفة التجاريّة المُشتركة في الضفّة الغربيّة، التي يديرها آفي تسيمرمان (42 عامًا) من مستوطنة أريئيل، وهو مُستجلب من الولايات المُتحدّة الأمريكيّة، ورجل الأعمال أشرف الجعبري من مدينة الخليل اللذان يجريان صفقاتٍ تجاريّةٍ مُشتركةٍ برعايةٍ أمريكيّةٍ.
وتابعت الصحيفة العبريّة، التي نشرت صورةً مُشتركة لتسيمرمان والجعبريّ، تابعت قائلةً إنّ الجعبري هو رجل الأعمال الفلسطينيّ الوحيد الذي أعلن موافقته على الدعوة الأمريكيّة لحضور “ورشة البحرين”، زاعمًا في الوقت عينه أنّ هناك رجال أعمال فلسطينيين آخرين سوف يأتون للقمة، ولن يكون وحيدًا فيها، طبقًا لأقواله للصحيفة العبريّة.
بالإضافة إلى ذلك، جاء في التقرير أنّ الجعبري اتهّم السلطة الفلسطينيّة بالفساد، وتوعدّ برفع قضايا عليها في المحاكم الفلسطينيّة والاتحاد الأوروبيّ، لأنّ لديه ملّفات جاهزة على المسؤولين الفلسطينيين، على حدّ قوله، مُضيفًا في معرِض ردّه على سؤال الصحيفة العبريّة، اليمينيّة-المُتطرِّفة، أنّ “قمة البحرين” ليست جزءًا من خطّة السلام الأمريكيّة، كما تزعم واشنطن نفسها، وتابع: هكذا أبلغني ملك البحرين، وأنا أثق به، نحن أمام حدث اقتصاديّ فقط، وفي حال كان له دلالات سياسية فلن أشارك فيه، كما أكّد في حديثه.
من ناحيته أعلن تسيمرمان أنّ دعوةً أمريكيّةً وُجِهّت للغرفة التجاريّة الفلسطينيّة-الإسرائيليّة المُشتركة، التي تمّ تأسيسها في العام 2017، لكنّه، استدرك قائلاً إنّه يُفضِّل أنْ يُشارِك رجال أعمال وتجار فلسطينيون في قمة البحرين، بحسب تعبيره.
وتابعت الصحيفة العبريّة قائلةً إنّ الجعبري، وهو رجل أعمال فلسطينيّ في الـ45 من عمره، أسس الشهر الماضي حزبًا سياسيًا جديدًا يتحضّر ويتجهّز لخوض الانتخابات الفلسطينيّة القادِمة، في حال جرت فعلاً، ولا يُخفي رغبته بمجاورة إسرائيل، واسمه موجود في جميع المُبادرات التي تجري بين الفلسطينيين والمستوطنين، ولا يخشى من إعلان مشاركته فيها، رغم أنّه تلقّى مؤخرًا تهديداتٍ هو وعددٍ من رفاقه من قبل تنظيم فتح.
وكشفت الصحيفة في تقريرها النقاب عن أنّه قبل ثلاثة أشهر نظمّت الغرفة التجاريّة الفلسطينيّة الإسرائيليّة مؤتمرًا احتفاليًا لمدّة يومين في فندق الملك داوود بالقدس المُحتلّة، وكان حضوره لافتًا من رجال أعمال فلسطينيين ومندوبين أمريكيين ورؤساء التجمعات الاستيطانيّة الإسرائيليّة بالضفّة الغربيّة المُحتلّة، حتى أن السفير الأمريكي في كيان الاحتلال، ديفيد فريدمان وصف الجعبري بأنه “صديقي”، وكان ممّن حضر اللقاء السيناتور جيمس لانكفورد من ولاية أوكلاهوما.
بالإضافة إلى ذلك، قال صالح أبو مايلة، أحد رجال الأعمال الفلسطينيين المُشاركين في المؤتمر، قال للصحيفة إنّه كان يملك مصنعًا لإنتاج الأحذيّة العسكريّة لجنود الجيش الإسرائيليّ، وهو لا يرى داعيّا لإخراج اليهود من مدينة الخليل، وفقًا لحديثه. وأقّر أبو مايلة بأنّ ظهوره العلنيّ في المؤتمر يتطلّب شجاعة: “أنا أعمل وأعيش معيشتي وكلّ شيءٍ على ما يرام، لكننّي أرى شعبي، والفقراء الذين ليس لديهم ما يأكلونه، مؤكِّدًا لن نقبل دولة، وليست هناك حاجة لإبعاد اليهود من الخليل، وفق أقواله، مُضيفًا: “أعطني الشرف، ودعني أتناول الطعان، وأعيش كإنسانٍ، وهذا يكفي”.
وأوضحت الصحيفة أيضًا أنّ خلدون الحسيني من شعفاط بالقدس وعضو الغرفة التجاريّة تناول طعام الإفطار مع السيناتور جونستون في بيت الجعبري بالخليل، وكان من المشاركين رئيس مجلس ما يُسّمى بمجلس المُستوطنات في كلٍّ من غزّة والضفّة الغربيّة (يشاع) ورئيس السلطة المحليّة في مستوطنة شومرون يوسي داغان، الذي لا يُخفي آرائه اليمينيّة والمُتطرّفة جدًا.
ونقلت الصحيفة عن الحسيني قوله إنّ لديه مصنعًا في رام الله، وزبائنه منتشرون في معظم مدن الضفّة الغربيّة في جنين ونابلس ورام الله، وهناك أكثر من 250 رجل أعمال فلسطينيّ لديهم عضوية في الغرفة التجاريّة الفلسطينيّة الإسرائيليّة المُشتركة، إلى جانب نفس العدد من الإسرائيليين، على حدّ قوله.
وحول مصدر الأموال قال تسيمرمان إنّه ليس بالضرورة أنْ تصِل من واشنطن، هناك أيضًا أموال محليّة، والتعاون بين الإسرائيليين والفلسطينيين مثير جدًا للاهتمام بأمريكا، ونحن متفائلون جدًا بشأن تلقي المساعدة. كما نُقدِّم بعض المساعدة في تطوير الأعمال، خاصّةً للفلسطينيين، مُشدّدًا على أنّ الجانب الفلسطينيّ يعمل في إطار الغرفة التجاريّة بشكلٍ رائعٍ، منذ المؤتمر التأسيسي قبل ثلاثة أعوامٍ، ومُعبِّرًا عن أمله في أنْ تتمكّن واشنطن عبر الغرفة التجاريّة من الالتفاف حول السلطة الفلسطينيّة الرافِضة للسلام الاقتصاديّ، كما قال.