معلومات تُنشر لأول مرة حول كواليس قرار خصم الرواتب
كشفت صحيفة "الاستقلال" في عددها الصادر اليوم الخميس نقلاً عن أحد المسئولين رفيعي المستوى في السلطة الفلسطينية ، عن كواليس اجتماع مغلق، جمع الرئيس محمود عباس بحلقة ضيقة للغاية من أعضاء اللجنة المركزية لحركة فتح قبيل اتخاذه إجراء خصم 30% من رواتب موظفي السلطة في غزة، والتي يبدو أن أسبابها بعيدةً للغاية عن الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها السلطة، إنما لتحقيق أهداف سياسية بحتة.
وأوضحت الصحيفة، أن الحديث يدور هنا عن أن هذا الاجتماع الذي عقد في مقر المقاطعة في 11 مارس الماضي بسرية تامة، كان يبحث قضية "استعادة ولاء موظفي السلطة في غزة للرئيس"، بعد أن رشحت معلومات ميدانية من غزة لمستشاري الرئيس أن أولئك الموظفين لن يمنحوا أصواتهم الانتخابية إلى حركة فتح عند إجراء أي انتخابات رئاسية أو تشريعية مقبلة، إنما ستذهب في صالح حركة حماس.
ويقول المصدر الرفيع الذي اطلع على نتائج هذا الاجتماع لـ"الاستقلال": "إن المستشارين رأوا أن استمرار تقاضي موظفي السلطة في غزة رواتبهم كاملةً دون عمل، سيجعلهم يصوتون لصالح حماس من أجل استمرار هذه الحالة التي تمنحهم الفرصة لإدارة أعمالهم الأخرى التي افتتحوها خلال فترة الانقسام المستمر منذ عام 2007".
وأوضح المصدر أن الرئيس عباس أصبح على قناعة تامة أن موظفي السلطة في غزة، سيؤثرون بشكل سلبي على نتائج أي انتخابات مقبلة في حال استمر وضعهم المالي على النحو الذي سبق عملية الخصم على رواتبهم، الأمر الذي دفعه للبحث عن حلول لهذه المسألة.
وبيّن أن أعضاء اللجنة المركزية لحركة فتح الذين كانوا موجودين في هذا الاجتماع، أشاروا على الرئيس للقيام بهذا الخصم، من أجل إجبارهم على انتخاب حركة فتح على أمل العودة إلى مواقعهم الوظيفية في غزة في حالة فازت حركة فتح، وهذا يعني بالنسبة إليهم العودة لتقاضي كامل رواتبهم دون خصومات.
وأضاف المصدر: "إن مسألة خصم رواتب الموظفين لن تتوقف عند نسبة 30%، بل ستصل إلى نسبة 50% عندما ترشح مؤشرات قوية على قرب إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية جديدة في الأراضي الفلسطينية وهذا يهدف إلى زيادة عيار الضغط على موظفي السلطة على أمل العودة إلى وظائفهم في غزة لتقاضي رواتبهم كاملةً والذي يعني الاندفاع نحو التصويت لصالح حركة فتح".
ولفت النظر إلى أن إعلان عباس عن اتخاذ إجراءات غير مسبوقة في غزة، يهدف بشكل رئيس إلى دفع حماس نحو إجراء هذه الانتخابات في ظل تواتر معلومات تشير إلى انخفاض شعبية حماس في غزة بسبب الأزمات الحياتية المتراكمة، الأمر الذي يفسر تزامن هذا الإعلان، مع الخصومات على رواتب موظفي السلطة بغزة.
وكانت حكومة التوافق أعلنت عن خصم 30% من رواتب جميع الموظفين المدنيين والعسكريين في غزة التابعين للسلطة في 4 إبريل الحالي، وقالت إن الأسباب تتعلق بالحصار المالي الخانق الذي يفرض على دولة فلسطين، إضافة إلى انعكاسات آثار الانقسام الأسود وحصار وإجراءات الاحتلال الرهيبة.
ويبلغ عدد موظفي السلطة في قطاع غزة 62 ألفًا (26 ألف مدني، 36 ألف عسكري)، يتقاضون قرابة 54 مليون دولار شهريًا، بحسب بيانات صادرة عن وزارة المالية الفلسطينية.