يبدو أن فرضية اغتيال الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، بدأت تأخذ منحى جدياً على الساحة العربية، بعدما أعلنت جامعة الدول العربية أمس عن احتمال عقد اجتماع طارئ لبحث القضية التي أثارتها قناة «الجزيرة» القطرية بعد عرضها وثائقياً يفيد بأن الزعيم الراحل توفي مسموماً بمادة البولونيوم المشعة. يأتي ذلك، بعد إعلان دار الإفتاء الفلسطيني عن جواز استخراج رفات عرفات، لاستكمال التحقيق ومعرفة حقيقة وفاته.
ودعا وزير الخارجية التونسي رفيق عبد السلام، أمس، إلى عقد اجتماع طارئ للجامعة العربية وإجراء تحقيق دولي بعد المعلومات التي كشفتها قناة «الجزيرة» وأعادت فيها إحياء فرضية اغتيال عرفات. وأضاف في حديث لإذاعة «موزاييك اف ام» «ندعو كذلك إلى تشكيل لجنة دولية للتحقيق، مذكراً بقرار مجلس الأمن الدولي حول إنشاء محكمة خاصة للتحقيق في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري في العام 2005.
وفي القاهرة، أعلن نائب الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد بن حلي أنه تم إبلاغ الدول الأعضاء في الجامعة بالطلب التونسي، وأن المشاورات جارية لتحديد تاريخ عقد الاجتماع الطارئ.
وأضاف في مؤتمر صحافي، ان المذكرة التي قدمتها مندوبة تونس عممت على الدول الأعضاء، «وننتظر رد الفعل لتناول هذا الموضوع مــن كافة جوانبه، وكيفية تحرك الدول العربية بالتنسيق والتشاور مع الإخوة الفلسطينيين».
بدوره، أجاز المفتي العام للقدس والأراضي الفلسطينية الشيخ محمد حسين استخراج رفات عرفات بغرض التحقيق في أسباب وفاته، مشيراً إلى أنه «إذا كان هناك سبب لاستخراج جثة أي شخص أو شهيد بغرض الفحص والتحقيق في أسباب الوفاة، فلا مانع من ذلك».
كذلك، أعلن الاختصاصي في أمراض الأعصاب والطبيب التونسي الرئيسي لعرفات، الدكتور فيصل الهنتاتي عن استعداده للتعاون في تحقيق علمي دولي لتحديد أسباب وفاة الزعيم الراحل.
وقال الهنتاني الذي رافق عرفات من رام الله إلى المستشفى العسكري في بيرسي جنوبي باريس «أنا جاهز للإدلاء بشهادتي في إطار لجنة دولية تتضمن خبراء في الطب ورجال قانون»، بينما رفض تأكيد أو نفي معلومات حول فرضية تعرض عرفات للاغتيال، كما رفض التعليق على النتائج التي توصل إليها خبراء معهد «رادييشين فيزيكس» السويسري في لوزان.
وأيد الطبيب نبش رفات عرفات شرط أن يتم إخضاعه «لتحليل علمي سريع وفي إطار قضائي»، مذكراً بأن التقرير الطبي الذي نشره المستشفى الفرنسي إثر وفاة عرفات أورد أن أسباب الوفاة «مجهولة».
من جهتها، أكدت إسرائيل رفضها الاتهامات التي وجهت إليها باغتيال عرفات، وقال متحدث باسم وزارة الخارجية ان سبب الوفاة موجود في ملفه الطبي الذي تحتفظ به أرملته سهى، مضيفاً ان «عرفات لم يتوفَّ في جزيرة نائية وإنما في مستشفى معروف في فرنسا حيث أشرف على علاجه طاقم طبي فرنسي كبير وهم (الاطباء) يعلمون علم اليقين سبب وفاته».
في المقابل، أكد النائب الثاني لرئيس المجلس التشريعي، حسن خريشة، وهو عضو في لجنة التحقيق الفلسطينية، أن قيادات في السلطة الفلسطينية وصفها بـ«الرفيعة المستوى» متورطة في قتل عرفات، وإيصال مادة البولونيوم المشعة إلى مقر المقاطعة في رام الله أثناء حصاره من قبل الاحتلال الإسرائيلي.
وأشار خريشة في تصريحات خاصة لصحيفة «الشرق» السعودية إلى أن أطرافاً فلسطينية وعربية ودولية أعاقت عمل جميع اللجان التي شُكلت للتحقيق في أسباب مقتل عرفات طوال الفترة السابقة، موضحاً أن هذه الجهات منعت طبيبه الخاص من المثول أمام لجان التحقيق، كما منعوا الفريقين الطبيين المصري والتونــــسي من الإدلاء بشهادتهما، وذلك كله لحماية شخصيات كانت مقربــة بشكل كبير من الزعيم الراحل ومتورطة في قتله.
(«السفير»، أ ف ب)