محمود شقير يكتب لذوي الاحتياجات الخاصّة وعنهم
جميل السلحوت:
عن "الأهليّة للنّشر والتوزيع " في عمّان صدرت رواية "في انتظار الثّلج" للأديب محمود شقير، والرّواية الموجّهة للفتيان، صمّم غلافها زهير أبو شايب، وتقع في 150 صفحة من الحجم المتوسّط. وهي عن ذوي الاحتياجات الخاصّة.
ومحمود شقير أديبب كبير متميّز، وغنيّ عن التّعريف، كتب القصّة القصيرة، الأقصوصة، الرّواية، المسرحيّة، أدب الرّحلات، المراثي، المسلسلات التلفزيونيّة، قصص للأطفال، وقصص وروايات للفتيان.
وفي روايته الجديدة "في انتظار الثّلج" للفتيان، طرق بابا يكاد يكون بكرا في الأدب الفلسطينيّ – على الأقلّ- وهو الكتابة عن ذوي الاحتياجات الخاصّة، وبهذا فقد أتانا بجديد يحتاجه الكبار والصّغار، وهذا ليس غريبا على مبدع كبير كمحمود شقير، الذي سبق له وأن انتقد في إحدى دراساته عن أدب الأطفال، عدم الكتابة لهذه الفئة الاجتماعيّة. وهو يعرّف ذوي الاحتياجات الخاصّة على لسان محمود بطل الرّواية:
"سألت جدّي:ماذا تعني احتياجات خاصّة؟ هل هي مثيرة للسّخرية؟
قال: لا، لا أبدا.
وقال: حين لا يكتمل نموّ الدّماغ، أو حين يصاب ولد في يده أو في ساقه، أو في عينه يقولون أنّه من ذوي الاحتياجات الخاصّة." ص 140.
وفي هذه الرّواية نلاحظ أنّ السّارد محمود وهو من ذوي الاحتياجات الخاصّة، وجاء السّرد --الذي لا ينقصه عنصر التّشويق-، جاء في غالبيّته على شكل حوار بين محمود وجدّه الكاتب، وقليلا ما جاء بين محمود وأحد والديه أو جدّته، أو معلّمته وحتى مع أقرانه، بحيث أنّ القارئ يجد نفسه أمام حواريّة روائيّة، ولا أعرف إن كان الكاتب تعمّد عدم كتابة رواية على الغلاف الأوّل، أم هو اجتهاد من النّاشر، لكنّها وردت على الصفحة الثّانية بخطّ صغير، ضمن تسجيل اسم دار النّشر والمؤلف ومصمّم الغلاف...إلخ. مّما أوحى لي كقارئ أنّنا أمام "حواريّة" بامتياز.
وقد ترك الأديب شقير بطل الرّواية الذي هو محمود الذي حظي بالإهداء " إلى محمود وإلى كلّ ذوي الاحتياجات الخاصّة أينما كانوا، تركه يروي حكايته بنفسه وهو ابن الثّالثة والعشرين من عمره، وكيف كان يتعلّم الأشياء بالتّجربة ومن خلال توجيهات الآخرين، وما كان يصعب عليه تعلّمه، كان يتعلّمه بتكرار التّجربة وبتوجيه وتشجيع من يكبرونه، مثل حلاقة ذقنه وربطه ربّاط حذائه.
الهدف:
واضح أن أديبنا أراد أن يوصل للقارئ مهما كان عمره، أنّ ذوي الاحتياجات الخاصّة أناس عاديّون مثل بقيّة البشر، يتعلمّون في مؤسّسات خاصّة بهم، يشرف عليها مختصّون مؤهلّون لذلك، وأنّهم طيّبون ومطيعون، وقادرون على تعلّم أمور كثيرة، وهم أيضا في مراحلهم العمريّة المختلفة يعيشون حياتهم ببراءة، فمحمود الذي يعاني من عدم اكتمال نموّ دماغه بما يتناسب وعمره، يحبّ اللعب مع الأطفال، وقد يتشاجر معهم، ويحب اللعب بالثّلج، وفي طفولته كان يحبّ اشعال النّيران، ويحبّ الحيوانات كالكلاب والغنم والخيل، وينتبه لممارسات الاحتلال القمعيّة، وعندما كبر بدأ ينتبه للجنس الآخر، يفكّر ببناء بيت وبالزّواج، واقتناء قطيع من الغنم...إلخ.
الأسلوب: ارتكز الكاتب على الحوار بشكل كبير، وكأنّي به يريد ترسيخ فكرة التّعليم عن طريق الاقناع، وهذا لا يتمّ إلا بالحوار، وليس بالتّلقين والأوامر. كما لجأ إلى أسلوب الاسترجاع “Flash back” فقد بدأ روايته بأنّ محمود يريد الزّواج، ثمّ أخذ يعود إلى الوراء لتعريف القارئ كيف عاش محمود حياته السّابقة منذ طفولته الأولى.
وماذا بعد: هذه الرّواية تشكّل إضافة نوعيّة للمكتبة الفلسطينيّة بشكل خاص والعربيّة بشكل عام، وحبّذا لو يتمّ توزيعها بشكل واسع لتتمّ الفائدة المرجوّة منها.
12-5-2016