مثقفون يسقطون في وهدة التطبيع محمد محفوظ جابر إن التطبيع هو كل قول أو فعل يهدف لإزالة حالة العداء مع الاحتلال الصهيوني وإنهاء الصراع معه، وإعطاء الشرعية لوجوده سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة. ضمن هذا التعريف نستطيع أن نضع الكاتب أمين معلوف في خانة المطبعين، فقد مارس التطبيع الثقافي في عملية ظهوره على شاشة فضائية 24i)) الصهيونية في (2) حزيران والتي تعتبر المنبر الصهيوني الاعلامي المروج والمدافع عن سياسة اللكيود الدموية العنصرية في أوروبا. والجدير بالذكر أن هذه هي المرة الثالثة للكاتب لأمين معلوف التي يمارس فيها التطبيع، مما يؤكد أنه يمارسه مع سبق الاصرار: أولاً: كان ضمن وفد لبناني أرسله رئيس جمهورية لبنان الأسبق أمين الجميل إلى فلسطين المحتلة ضمن ما يسمى " محادثات السلام بين لبنان واسرائيل ". ثانياً: في روايته " سلالم الشرق " بطلة الرواية هي صهيونية هاجرت إلى فلسطين بعد قرار التقسيم سنة (1947) وقد نشرت في منتصف التسعينات القرن الماضي ". كما أن التوقيت بحد ذاته جريمة تطبيعية أخرى تؤكد على سبق الاصرار لديه: أولاً: جاء ظهوره على الشاشة الصهيونية في نفس توقيت ذكرى النكسة في حزيران (1967) التي أدت الحرب العدوانية فيها إلى احتلال أراضي عدد من الدول العربية. ثانياً: في الوقت الذي تحقق المقاطعة الأكاديمية الأوروبية النجاح وتتسع بين الاكاديميين الذين يعلنون يومياً مقاطعتهم للكيان الصهيوني وبدلاً من أن يتضامن معهم ويكون على رأسهم نراه يسقط في مستنقع التطبيع متناسباً ما هو مطلوب منه. وهنا تبرز أيضاً قضية ازدواجية الجنسية وخطورتها في عملية التطبيع فهو من جهة يحمل الجنسية الفرنسية وعضو في الاكاديمية الفرنسية وعدم مقاطعته هي ضربة موجهة للاكاديميين الفرنسيين الذين سبق ووقعوا على بيان أكدوا فيه على ارتكاب الكيان الصهيوني الجرائم ضد الشعب الفلسطيني في إطار التطهير العرقي وتعهدوا في بيانهم وقف كل اشكال التعاون مع الهيئات الصهيونية المشاركة في الاحتلال. وأما جنسيته اللبنانية فهي استغلت ايضاً في ظهوره على تلك الشاشة لتوجه ضربة للجنة اللبنانية للمقاطعة الثقافية والاكاديمية لــــــــ " إسرائيل ". إن التطبيع الثقافي هو أخطر أنواع التطبيع لأنه يعني تطويع العقل العربي واستسلامه للاحتلال وقبول تبريراته وتفسيراته للغزو الصهيوني للوطن العربي، أي إعادة صياغة الوعي العربي. ولكن وبكل أسف هناك " معاول هدامة " تخلق شروخاً في الجبهة الثقافية وهي تنتشر في الوطن العربي تشوه صورة المقاومة العربية ضد الاحتلال الصهيوني ومحاولات الاحتلال الامبريالي الصهيوني لدول عربية لإعادة تقسيم الوطن العربي من جديد. وقد رأينا ذلك مؤخراً بزيارة أربع صحفيين مصريين وبينهم رامي عزيز الذي نشرت له صورة مع أفيخاي أدرعي أثناء الزيارة للكيان الصهيوني وقد سبقهم الكاتب الياس خوري قبل سنتين بمقابلة مع إعلام العدو " هآرتس " أما الكاتب الجزائري بوعلام صنصال فقد شارك في معرض باريس للكتاب والذي شاركت فيه " اسرائيل " كضيف شرف بمناسبة مرور ستين عاماً على "استقلالها" أي نكبة فلسطين ثم تتالت ممارساته... حتى ألقى كلمة في اللوبي الصهيوني في فرنسا شكرهم فيه لدعوتهم له وأبدى اعجابه بنضالهم، والقائمة أوسع..... لماذا يسقط هؤلاء الادباء والكتاب والصحفييون وهم ليسوا صغاراً ولديهم المعرفة بأطماع العدو الصهيوني في الوطن العربي؟ لماذا يحفرون ثقوباً سوداء في جدران قلعة الثقافة العربية المقاومة؟ كيف استطاعت الصهيونية أن تجذبهم اليها؟ اسئلة كثيرة تخطر في البال تحتاج إلى دراسات وصولاً إلى معرفة المنهج الصهيوني والاغراءات التي تقدم لهم وهل حقاً أنهم يلهثون وراء جوائز دولية وأنه لا يتم الوصول اليها إلا عبر الاعلام الصهيوني وهل هذه الجوائز أهم من الوطن؟ صحيح أن الوطن ممزق الآن، ولكن أليس هو ممزق بفعل المنهج الصهيوني: إن الحل الوحيد في مواجهة المنهج الصهيوني هو ثقافة المقاومة والمزيد من المقاومة التي كلما ازدادت تقلص المطبعون.