لن نلعب معهم
خسارة لاعب الجودو المصري إسلام الشهابي للمنافسة أمام نظيره الصهيوني في دورة الألعاب الأولمبية لم تكن على الإطلاق هي جوهر الأشكال في هذه القضية التي استثارت اهتمام قطاع واسع من الجمهور العربي.
الشاب المصري العربي الرياضي المميز لم يكن على جبهة قتال حينما خسر في مواجهة عدوه، فالخسارة الحقيقية للمعركة هي قبولنا كعرب بأنّ "الإسرائيلي" هو منافس رياضي، وهو ما يبنى أساسًا على قبول أوسع بكون الكيان الصهيوني دولة طبيعية.
منذ بداية دورات الألعاب الأولمبية كما سائر مناسبات المنافسات الرياضية الأخرى قدمت الرياضة كنشاط داعم للسلام والمحبة والتقارب بين الشعوب، وبالتالي إنّ هذه المنافسات وإن كان بعضها يحمل طابعًا عنيفًا إلّا أنها أساسًا تقوم على مبدأ الاخاء والمساواة بين البشر والاعتراف المتبادل بالحقوق.
ارتباطًا بذلك إنّ توجيه لكمة لمنافسك في حلبة رياضة الملاكمة هو تنافس شريف بين لاعبين و ليس عمل حربي عدائي أو شجار، وإسلام الشهابي لم يكن في شجار مع اللاعب الصهيوني، والاشكالية ليس في خسارته للمباراة، ولكن بالأساس في خوضها، وهو أمر لا يتحمل مسؤوليته الأساسية هذا اللاعب الذي رفض مصافحة اللاعب الصهيوني.
فكرة أنّ تصفية حسابك مع عدو يمارس ضدك الابادة وكل أشكال الحرب، عبر لكمة في رياضة الملاكمة أو هدف في مرماه في رياضة كرة القدم هو أمر غير ذي صلة بالجوهر، فالجوهر أنك لا تلعب ولا تخوض منافسات رياضية هدفها التقريب بين البشر مع أعداء يحاولون إبادتك، وتسعى لاقناع كل اتحاد رياضي في هذا العالم بمقاطعة القتلة وعدم السماح لهم بدخول ساحات المنافسة الرياضية، فالمكان الطبيعي لهؤلاء القتلة الصهاينة هو المحاكم وليس هذه الساحات.
هذا المنطق المعروف هو ما قاد للمقاطعة الرياضية الشاملة لنظام التمييز العنصري في جنوب افريقيا، وهو ما نجح لسنوات في تجميع درجة كبيرة من المقاطعة للفرق والرياضيين الصهاينة، والتصدع الذي أصاب هذه المقاطعة لم يكن بفعل مهارة صهيونية، بل بفعل تقصير عربي دافعه الأساسي الرغبة السياسية المشوهة بالتقارب مع الكيان الصهيوني.
وفي الوقت الذي يعمل بعض الفلسطينيين ضمن سياق التعايش مع هذا المحتل الصهيوني على تنظيم منافسات رياضية تهدف للتطبيع مع الصهاينة، يصبح من الصعب الحكم على فعل إسلام الشهابي أو أي من الرياضيين دون الإدانة الصريحة والمحاسبة لمن يقومون بهذا التطبيع من الفلسطينيين، لأنه وبدون ذلك، فإن فعل إسلام وغيره قد يصبح أمراً معتاداً، كما ستتفاقم العقبات امام الناشطين في حملات المقاطعة على فرض المقاطعة الرياضية او غيرها ضد الكيان الصهيوني.
هذا يترتب عليه جملة من المسؤوليات تبدأ بضرورة استعادة ثقافة نبذ الكيان الصهيوني والايمان بضرورة هزيمته، والعمل على فرض كل أشكال المقاطعة على هذا الكيان كجزء من المعركة ضده، هذا بوصف المقاطعة أداة أساسية في الصراع مع العدو الصهيوني، واعادة توصيف الصهيوني كقاتل ومعتدي لا كلاعب رياضي أو لاعب سياسي تجوز منافسته كما قد تجوز محالفته.