قوات الاحتلال تصادر حمارا بتهمة استخدامه بمقاومة الاحتلال
* المحامي علي أبوهلال
مصادرة الحمير أو الحيوانات بشكل عام واحتجازها من قبل قوات الاحتلال، ليست سياسة جديدة، فهي تعود إلى الأيام الأولى للاحتلال في شهر حزيران عام 1967، فقد طالت ممارسات الاحتلال كما هو شائع على لسان الشعب الفلسطيني "البشر والحجر والشجر وكذلك الحيوانات"، وليس في هذه المقولة أي مبالغة او ادعاء مثالي أو خيالي، بل يمثل الواقع والحقيقة.
فقد نشرت مواقع إعلامية إسرائيلية، أن الشرطة الإسرائيلية صادرت حمارا بدعوى استخدامه في أعمال "مقاومة"، وذكر الموقع الإلكتروني Real News IL، مساء السبت 4/7/2021، أن جنود من "حرس الحدود" صادروا حمارا في بلدة العيساوية، شمالي مدينة القدس المحتلة، لاستخدامه في أعمال مناهضة أو مقاومة للاحتلال.
وتداول نشطاء ومتابعون على وسائل التواصل الاجتماعي صورة "الحمار" وهو مقيد من قبل مجندة إسرائيلية في بلدة العيساوية، حيث لاقت الصورة سخرية واسعة في أوساط مستخدمي هذه المواقع الاجتماعية.
ومن بين ما تم تداوله في هذه الوسائط أن إسرائيل بمصادرتها لهذا الحمار لم تكن المرة الأولى في تاريخها، حيث سبق أن صادرت ولاحقت الحيوانات والجماد في آن. فيما أكدت مواقع إعلامية عربية ومواقع التواصل الاجتماعي أن قوات الاحتلال اعتقلت هذا الحمار في قرية جبل المكبر في القدس، وأضافت مواقع التواصل الاجتماعي أن ملاحقة إسرائيل للحيوانات بوجه عام، وللحمار بوجه خاص، هو دليل على حجم تفاهته. وذلك بالتوازي مع تداول هؤلاء المتابعون والناشطون صور جديد للحمار نفسه، الذي اقتادته الشرطة الإسرائيلية إلى مجمع الشرطة ببلدة العيساوية.
وقال بعض المغردون على مواقع التواصل الاجتماعي أن "ملاحقة الاحتلال للحيوانات واعتقالها دليل على حجم تفاهته"، مشيرين إلى أنها ليست المرة الأولى التي يلاحق فيها الجنود الحيوانات والجماد، مضيفين بأنه في وقت سابق من الشهر الماضي، داهمت قوة عسكرية منزل أحد المواطنين في بلدة سلوان لمصادرة مكنسة.
وقبل نحو سنتين أفادت وكالة “معا” الفلسطينية بأن قوات الأمن الإسرائيلية صادرت بتاريخ 10/3/2019، حمارين قرب منطقة الأغوار الذي تسيطر عليها، وأوضحت الوكالة أن العملية شاركت فيها قوات عسكرية ووحدات من الشرطة وجمعية مكافحة البيئة الإسرائيلية، وقال مسؤول ملف الاستيطان في محافظة طوباس شمال شرق الضفة الفلسطينية، معتز بشارات، لـ”معا”، إن “قوات الاحتلال” صادرت الحمارين في منطقة عين الحلوة بالقرب من مفرق المالح، وهما يعودان للمواطن عادل عليان زامل دراغمة، وأشار المسؤول الفلسطيني إلى أن الطرف الإسرائيلي يتهم الحمارين بأنهما دخلا الى منطقة خاصة بالمستوطنين.
وتعود بي الذاكرة إلى الأيام الأولى للاحتلال في شهر حزيران عام 1967 عندما كنت طفلا، فقد احتجزت قوات الاحتلال أثناء ساعات منع التجول مساء أحد الأيام في بلدتي أبوديس شرقي مدينة القدس المحتلة، أحد شبان البلدة الذي كان عائدا من أرضه المزروعة بالحبوب وهو يقود حمارين يحملان حصاد الحبوب، إلى البيدر الذي أقامه والده بالقرب من منزلنا، حيث تم احتجاز الشاب ومعه الحمارين وحمولة الحصاد لساعات طويلة، ولم تفرج قوات الاحتلال عن الشاب والحمارين وحصاد الحبوب، إلا بعد تدخل أحد وجهاء البلدة المعروف بشجاعته وجرأته، حيث توجه لقائد قوات الاحتلال في المعسكر الذي أقيم في بلدة أبوديس، طالبا الافراج عن الشاب والحمارين وحصاد الحبوب، وقد تم أخلاء سبيل الشاب والحمارين وحصاد الحبوب بعد ساعات طويلة من المفاوضات الشاقة بين الوجيه وقائد المعسكر.
وما أشبه اليوم بالأمس من حيث ممارسات الاحتلال وانتهاكاته المتواصلة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، التي تشمل كل ما ذكرت سابقا، "البشر والحجر والشجر والحيوانات أيضاً"، فقد نشر جيش الاحتلال الاسرائيلي في شهر آب/ أغسطس عام 2016 اعلانات في الصحف الفلسطينية عن “40 حمارا للبيع” يقول الفلسطينيون إن الجيش صادرها من البدو في إطار مساعيه لدفعهم إلى مغادرة غور الأردن، المنطقة الغنية بالأراضي الزراعية والمياه. وفي الاعلانات الموقعة مما يسمى بالإدارة المدنية التابعة لوزارة الدفاع الاسرائيلية والمسؤولة عن تنسيق انشطة الجيش في الاراضي الفلسطينية المحتلة، اكدت الادارة انه سيتم بيع هذه الحيوانات في مزاد علني في حال لم يطالب بها اصحابها. وقال عارف دراغمة، رئيس مجلس قروي وادي المالح الذي يضم 26 تجمعا بدويا في غور الأردن، لوكالة فرانس برس “عندما يقومون بمصادرة الحمير، فانهم يفرضون غرامة على المواطن الفلسطيني تفوق ثمن الحمار”. واوضح دراغمة ان الجيش الاسرائيلي يطلب من الفلسطينيين دفع الفي شيكل (أكثر من 470 يورو) لاسترداد الحمار الواحد.
هذه جملة من الانتهاكات الإسرائيلية التي قد تثير السخرية والغضب في آن واحد، ولكنها تعبر عن عدم احترام قوات الاحتلال لحقوق الفلسطينيين، ومقدراتهم وممتلكاتهم، ووسائل وأدوات عملهم، بما في ذلك الحيوانات والحمير التي يملكها أبناء الشعب الفلسطيني، بما يخالف قواعد القانون الإنساني الدولي ويضرب يعرض الحائط كل المواثيق والأعراف والقرارات الدولية التي تكفل حقوق الشعب الفلسطيني وممتلكاتهم.
*محام ومحاضر جامعي في القانون الدولي.