عشرات الالاف في مهرجان الجهاد- الهندي: اي اتفاق مع اسرائيل لن يلزمنا
غزة - حذر الدكتور محمد الهندي، عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، من توقيع السلطة الفلسطينية على أي اتفاق مرحلي أو نهائي مع اسرائيل، مؤكدا أن أي خطوة من هذا القبيل لن تكون ملزمة للشعب الفلسطيني ولمقاومته.
وانتقد د.الهندي " المفاوض الفلسطيني الذي يذهب إلى الجلوس مع قادة الاحتلال بدون مرجعية وطنية، وفي ظل تصاعد الاستيطان واستمرار تهويد القدس ومسجدها الأقصى بصورة فاقت كل التصورات، ومع تبجح (إسرائيل) في الحديث عن القدس الموحدة عاصمة أبدية لها" كما وصف .
جاء ذلك خلال مهجان جماهيري لحركة الجهاد الإسلامي، والذي أطلقت عليه اسم (يوم زحف الجهاد)، إحياء للذكرى الثامنة عشرة لاستشهاد الدكتور فتحي الشقاقي، الأمين العام المؤسس لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، والذكرى الثانية والثلاثين للانطلاقة الجهادية الكبرى.
وانطلقت الحشود المؤيدة لحركة الجهاد من مختلف محافظات قطاع غزة، لتأدية صلاة الجمعة في المسجد العمري الكبير، حيث خطب في المصلين الشيخ خالد البطش، القيادي في حركة الجهاد الإسلامي، والذي شدد على ضرورة الإبقاء على جذوة المقاومة مشتعلة، لمواجهة غطرسة وجبروت الاحتلال، الذي يعيث فسادا وإفسادا في الأرض، ويواصل اعتداءاته الهمجية في الضفة الغربية وقطاع غزة، والتي كان آخرها العدوان الذي خلف أربعة شهداء من كتائب الشهيد عز الدين القسام شرق محافظة خان يونس جنوب القطاع، فجر اليوم الجمعة، متقدما بالتعزية من الشعب الفلسطيني ومن أهاليهم باستشهادهم وارتقاءهم في ساحة الوغى مقبلين غير مدبرين.
وبارك القيادي البطش في خطبته، أيادي المقاومين الذين تمكنوا من تفجير عبوة ناسفة في دورية اسرائيلية شرق خان يونس، أسفرت عن إصابة خمسة جنود بجراح مختلفة.
كما أسهب الشيخ البطش في الحديث عن تاريخ حركة الجهاد الإسلامي الحافل بالتضحيات الجسام، والذي خطّه الشهيد المؤسس فتحي الشقاقي بدمه، في رحلة الدم الذي هزم السيف، وسار على نهجه شهداء معركة الشجاعية (محمد الجمل-زهدي قريقع-سامي الشيخ خليل-أحمد حلس)، الذين أسسوا لمرحلة جديدة في تاريخ الصراع مع الاحتلال.
وعقب انتهاء صلاة الجمعة، بدأت حشود أنصار الجهاد الإسلامي، يتقدمها قادة الحركة، ولفيف من قادة الفصائل الوطنية والإسلامية، تتدفق من كافة مساجد القطاع، وتجمهرت في ميدان فلسطين وسط مدينة غزة ترفع رايات حركة الجهاد، وتردد شعارات تبايع المقاومة وتدعوها للاستمرار على النهج الذي رسمه الدكتور الشقاقي، قبل أن تنطلق رصاصة الزحف الجهادي الذي قطع شارع الوحدة متجها إلى منصة الخطابة قرب ملعب اليرموك،
وفي كلمته أمام الجماهير المحتشدة، سرد الدكتور محمد الهندي جزءا من التاريخ الجهاد لحركته وللعشب الفلسطيني، بدءا من وعد بلفور الإنجليزي المشئوم الذي تصادف يوم 2/11، مرورا بانتفاضة الحجارة والأقصى والاعتداءات الاسرائيلية المتكررة التي ذهب ضحيتها آلاف الشهداء والجرحى والأسرى، إلى يومنا هذا.
وقال: نعيش اليوم ذكرى الانطلاقة الجهادية وذكرى استشهاد الشقاقي، كنا شهودا على تلك المرحلة، وأنتم اليوم تزحفون هنا لتشهدوا على هذا الواقع".
وأردف د.الهندي بالقول: عندما انطلقت الحركة لم يكن الشقاقي وإخوانه يملكون شيئا سوى إيمانهم العميق بربهم بعقيدة حب الوطن وعدالة قضيتهم، إلى جانب بعض الحجارة، فأسسوا الفكرة على قراءة واضحة لتاريخ الأمة، وعلى نص قرآني ونص نبوي شريف".
وشدد عضو المكتب السياسي للجهاد الإسلامي على أن حركته نهضت لتقاوم عدوها، وما دون ذلك هوامش.
وزاد بالقول: الاحتلال اعتقد أنه بقوته وإرهابه يمكن أن يهزم إرادة شعب نهض ليقاوم من أجل دينه وعقيدته وتاريخه ومقدساته، فباء المحتل بالفشل ومني بالهزيمة، ولم تستطع هذه القوة أن تقف أمام إرادة هؤلاء الأبطال، فاستوى الزرع على سوقه ليغيظ الكفار ويعز المقاومة والجهاد".
وتحدث د.الهندي عن اشتعال الانتفاضة الأولى بعد معركة الشجاعية في 6/10/1987، وما تخللها من اعتقالات وملاحقات لم يسلم منها أغلب قادة العمل الجهادي الذي دخلوا السجون والزنازين، لتكون النتيجة عملية بيت ليد الأسطورة في 22/1/1995، التي نفذها الاستشهاديان أنور سكر وصلاح شكر وأدت لقتل وجرح مئات الجنود الاسرائيليين وما تبع هذه العملية من اغتيال الدكتور فتحي الشقاقي، ليأتي الرد بعملية ديزنقوف الشهيرة التي قتل وأصيب فيها عشرات الجنود، مشيرا إلى أن دماء شهداء شعبنا على مر التاريخ هي التي تصنع الانتفاضة وتقود نحو النصر المؤزر.
وقال: عندما عجز الاحتلال عن كسر إرادة شعبنا ومقاومته في الانتفاضة الأولى، حاول خداعنا بأوسلو، التي استمرت عشرين عاما، وأصبحت غطاء لسرقة الأرض وتهويد القدس وإقامة المستوطنات، والعالم يوهمنا بالمفاوضات لإراحة الكيان ومساعدته في غسل يديه من جرائمه بحق شعبنا".
وأوضح د.الهندي أن المفاوضات مع الاحتلال نتج عنها زيادة في نسبة الاستيطان ب70 % مقارنة بالعام الماضي، وتراجعا للقضية الفلسطينية في المحافل الدولية لتصبح قضية هامشية بعد أن كانت على سلم الأولويات، فيما يدفع الفلسطينيون الضريبة ثمنا مسبقا لمجرد بداية المفاوضات، في إشارة إلى الاستيطان وتهويد القدس والاعتداءات الصهيونية في الضفة المحتلة.
واستطرد قائلا: حتى قضية الأسرى حولتها إسرائيل إلى قضية للابتزاز، تفرج عن جزء منهم على دفعات صغيرة، وتستثني أسرى الأراضي المحتلة عام 1948، والقدس، لإبقاء المفاوض الفلسطيني داخل قفص المفاوضات، ومن ثم تعلن عن بناء 5 آلاف وحدة استيطانية في القدس والضفة كمقابل للإفراج عنهم". متوجها بالتحية إلى الأسرى الـ26 الذين تم الإفراج عنهم يوم الثلاثاء الماضي.
وتساءل د.الهندي: لماذا هذا الصمت المطبق من المفاوض الفلسطيني؟ لماذا لا يعلن موقفا من تقسيم الأقصى مكانيا وزمانيا واجتياحه من قبل قادة الاحتلال ومتطرفيه؟ نتنياهو يقول إن الإفراج عن 26 أسيرا هو أصعب قرار في حياته، فكيف سيفرج عن الأقصى وعن القضية الفلسطينية؟".
كما حذر د.الهندي من استمرار المفاوضات دون الحديث عن القدس وعودة اللاجئين الذين يموتون غرقا في البحر بعد هروبهم من جحيم الحروب في بعض الدول، ولا يقدرون على الرجوع إلى وطنهم فلسطين، وفي ظل تبجح أمريكا في وضع أمن الكيان أساسا لهذه المفاوضات.
ورفض الهندي أي اتفاق نهائي يتخلى عن الثوابت الفلسطينية، واصفا أي اتفاق من هذا النوع بأنه "بلفور فلسطيني، يعطي خلال من لا يملك من لا يستحق، مؤكدا أن أي اتفاق توقع عليه السلطة الفلسطينية لا يضع حدا للصراع ولا يفضي لإنهاء الاحتلال، لن يكون ملزما لشعبنا ولن تعترف به المقاومة.
وأوضح أن الحل الوحيد يكمن في المصالحة وتطبيق الشراكة والاتفاقيات الفلسطينية الداخلية، ووضع إستراتيجية وطنية تحفظ ما بقي للفلسطينيين من قضية وكرامة، ولتبقى فلسطين حية في قلوب شعبها ومقاومتها وفي قلوب ملايين العرب الذين تهفو نفوسهم لزيارة الأقصى والقدس.
وتوجه د. الهندي بالتحية للشهداء الذين ارتقوا مؤخرا في الضفة الغربية، وعلى رأسهم القيادي في سرايا القدس محمد عاصي، وللشهداء الذين خاضوا معركة فجر اليوم مع الاحتلال الإسرائيلي شرق خان يونس ومنعوه من التقدم نحو غزة، وللأسرى الأبطال خلف قضبان الاحتلال.
وتحيى حركة الجهاد الإسلامي بشكل سنوي ذكرى اغتيال الدكتور فتحي الشقاقي، الذي استشهد بتاريخ 26/10/1995، برصاص عملاء الموساد الاسرائيلي بجزيرة مالطا الإيطالية أثناء عودته من مؤتمر في ليبيا.
كما تحيي الحركة التي تأسست مطلع ثمانينات القرن الماضي، بذكرى معركة الشجاعية (6 تشرين 1987)، حيث خاض أربعة من الجهاد الإسلامي اشتباكات مسلحة مع قوات الاحتلال بحي الشجاعية، وأوقعوا القتلى والجرحى في صفوف جنود الاحتلال قبل أن يرتقوا شهداء.