عباس يلهث وراء حماس بثلاثة وسطاء.. والأخيرة ترد على شروطه بخطوات
كشفت مصادر فلسطينية موثوقة لـصحيفة«الحياة» اللندنية، أن «مفاوضات» غير مباشرة تجرى بين الرئيس محمود عباس وحركة «فتح» من جهة وحركة «حماس» من جهة ثانية لكي تتراجع عن «التفاهمات» مع القيادي المفصول من حركة «فتح» النائب محمد دحلان.
وقالت المصادر إن عباس و «فتح» أرسلا اقتراحات لـ «حماس» عبر ثلاث جهات، إحداها دولية واثنتان محليتان، يطلبان فيها من «حماس» إلغاء التفاهمات مع دحلان وقطع العلاقة معه، اضافة الى الشروط الثلاثة المعروفة لوقف ما سماه «الإجراءات غير المسبوقة»، وتتضمن أن تحل «حماس» اللجنة الادارية (حكومة الأمر الواقع) التي أعادت تشكيلها ومنحتها الثقة من المجلس التشريعي في قطاع غزة قبل شهور قليلة، والموافقة على تشكيل حكومة وحدة وطنية، وعلى تنظيم انتخابات عامة في فلسطين.
وأشارت المصادر الى أن «الوسطاء الثلاثة» نقلوا الرسالة الى «حماس» قبل أيام، وأبلغوها أن عباس «جاهز» لبحث أي قضية مع الحركة بعد تنفيذ هذه الشروط وليس قبلها.
وأوضحت أن «حماس» رفضت الشروط جميعاً، واشترطت تراجع عباس عن كل «الإجراءات غير المسبوقة» التي اتخذها خلال الشهور الثلاثة الأخيرة، ومن بينها فرض الضرائب على الوقود اللازم لتشغيل محطة الكهرباء الوحيدة في القطاع، وإلغاء طلبه من اسرائيل تقليص نحو 48 ميغاواط من الكهرباء التي تزود بها القطاع، والغاء قرار وقف التحويلات الطبية وتغطية علاج مرضى القطاع مالياً، والغاء قرار الحسم بنسب كبيرة من رواتب موظفي السلطة، وكذلك التراجع عن وقف رواتب أسر الشهداء والأسرى. كما اشترطت الحركة دفع رواتب نحو 40 الفاً من موظفيها الذين عينتهم غداة الانقسام في حزيران (يونيو) عام 2007.
وقالت المصادر إن الحركة في حاجة الى ضمانات مسبقة من أطراف عدة، فلسطينية وعربية ودولية، للموافقة على حل اللجنة الادارية. واضافت أن الحركة رفضت قطع العلاقة مع دحلان الذي يعتبر نفسه «زعيم التيار الاصلاحي» في «فتح»، أو التراجع عن أي تفاهمات معه، بل تعتبر أن هذا «شأناً يخصها»، فضلاً عن أن «المصالحة مع دحلان تصب في نهاية المطاف في المصالحة الفلسطينية عموماً».
واعتبرت المصادر أن لدى «حماس» خططاً وقرارات، من بينها منع سفر عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح»، مسؤولها في القطاع أحمد حلس الذي منعته أجهزتها الأمنية من مغادرة القطاع الى رام الله قبل أيام. وتوقعت أن تتخذ قرارات مشابهة في حق قادة «فتحاويين» آخرين في مقابل منح تسهيلات كبيرة لتيار دحلان للعمل في القطاع والتحرك بحرية.
وأشارت الى أن الحركة ردت بوضوح وصرامة على شروط عباس أمس عندما توجه وفد كبير من لجنتها الادارية الى القاهرة برئاسة عضو المكتب السياسي روحي مشتهى، رفيق السنوار في السجون الاسرائيلية وأحد المقربين منه. ويضم الوفد ايضاً مسؤولي (وزراء) قطاعات (وزارات) الاقتصاد والمال والاسكان والصحة والداخلية والطاقة. وسيبحث هؤلاء المسؤولون، وهم قياديون في الحركة، مع مسؤولين مصريين تطبيق التفاهمات الأخيرة، والتعاون في هذه المجالات، وكسر الحصار المشدد المفروض على القطاع منذ أكثر من عشر سنوات.
واعتبرت المصادر أن استقبال الوفد في القاهرة يعني اعترافاً مصرياً صريحاً باللجنة الادارية، وإشارة ضمنية واضحة الى عباس برفض حلها، بل التعاون معها على أرض الواقع.
ولفتت أيضاً الى «الدعوة» لزيارة القطاع التي وجهها رئيس «حماس» في القطاع يحيى السنوار الى القيادي سمير المشهراوي، الذراع الأيمن لدحلان، وسليمان أو مطلق أحد كبار مساعدي دحلان، والذي خلف العميد رشيد أبو شباك في قيادة جهاز الأمن الوقائي. وكشفت المصادر أن المشهراوي وأبو مطلق سيصلان القطاع الاسبوع المقبل، مرجحة أن لا يعود دحلان في الوقت الراهن، وأن عودته قد تتأخر أسابيع أو شهور قليلة.
وقالت إن أنصار دحلان سيحتفون بالرجلين، وسينظمون احتفالات لهما في مناطق عدة في القطاع، كما سيلتقيان قيادة «حماس»، وفي مقدمها رئيس المكتب السياسي اسماعيل هنية.
وأضافت أن «الانفتاح» على مصر ودحلان شجع هنية نفسه على أن يقوم بجولة خارجية بعد عيد الأضحى المبارك تشمل مصر ودولاً عربية وربما اسلامية.
وستكون هذه الجولة الأولى من نوعها لهنية بعد انتخابه رئيساً للمكتب السياسي قبل نحو شهر ونصف الشهر، وسيسعى خلالها الى تعزيز علاقات الحركة العربية والاقليمية.
وأشارت المصادر الى أن هذا الهدف أحد هدفين تسعى «حماس» الى تحقيقهما من وراء «المصالحة وطي صفحة الماضي» مع دحلان الذي تبغي ان يشكل لها «جسراً» لاقناع الغرب بتوجهاتها السياسية، خصوصاً بعدما أصدرت وثيقتها السياسية الجديدة مطلع أيار (مايو) الماضي.
ووفق المصادر، فإن الحركة لا تتطلع في المرحلة الحالية الى أي تحالف سياسي مع الرجل الذي تربطه علاقات قوية بهيئات ومؤسسات حاكمة في دول عربية عدة ودول أوروبية وأجنبية، علاوة على الولايات المتحدة واسرائيل.
وأوضحت أن دحلان يسعى من خلال الانفتاح على «حماس» الى الحصول على «موطئ قدم له في فلسطين» بعدما حرمه عباس من البقاء في الضفة الغربية التي لجأ اليها بعدما سيطرت «حماس» على القطاع مباشرة عام 2007.
واعتبرت أن ليس بإمكان دحلان العودة الى غزة من دون مصالحة مع «حماس»، وهي أقرب وأسهل من المصالحة مع عباس.
ولفتت الى أن دحلان يسعى للعودة الى فلسطين من خلال العودة الى غزة كي يعمل على تحقيق حلمه في الوصول الى «كرسي الرئاسة». وترجح المصادر أن دحلان لا يسعى الى خلافة عباس مباشرة بل أن يخلف الأخير قيادي «فتحاوي كمرحلة انتقالية» تمهد له الطريق الى «كرسي الرئاسة».