وزير الدفاع الجديد يتعهد بـ«بتر يد الإرهاب» بعد مقتل راجحة وشوكت وتركماني
تلقت سوريا أمس، ضربة أمنية موجعة فقدت خلالها 3 على الأقل من كبار قيادييها العسكريين والأمنيين هم وزير الدفاع داوود راجحة ونائبه آصف شوكت ومعاون نائب الرئيس السوري العماد حسن تركماني، خلال هجوم على مكتب الأمن القومي. وشكّل هذا الهجوم الإرهابي نقطة تحول ميدانية وسياسية في الأحداث التي تشهدها سوريا منذ آذار 2011، مع انتقال رقعة المواجهات بشكل اكبر إلى قلب دمشق، والاستهداف المباشر لرموز أساسية في النظام، ما يثير تساؤلات وهواجس أقوى عن المسار الذي تتجه اليه سوريا والمنطقة.
التطورات الأمنية اللافتة التي شهدتها دمشق، على خلفية تجاذب غربي ـ روسي حول قرار دولي عن سوريا، دفعت باتجاه تأجيل التصويت في مجلس الأمن على مشروعي قرار روسي وغربي، بعدما كان مقرراً إجراؤه بالأمس. وذلك في ظل رفض موسكو السماح بقرار ضمن الفصل السابع كما يطلب الغربيون.
ووقع انفجار صباح أمس، في حي الروضة في دمشق، استهدف مكتب الأمن القومي، حيث كان عدد من الوزراء والمسؤولين الأمنيين يعقدون اجتماعا لما سمته بعض المصادر بـ«خلية الأزمة». ولم تتضح تفاصيل الحادث، خاصة في ظل غموض عززته مصادر وشهود عيان في دمشق، أكدوا وصول سيارات الإسعاف إلى مكان الاجتماع قبل سماع أي انفجار.
وتبنى «الجيش السوري الحر» الهجوم، ونفى ما أعلنته مجموعة «لواء الإسلام» حول مسؤوليتها عن العملية. وأكد متحدث باسم «لواء الإسلام» أن العملية تمت على يد المجموعة، لكنه نفى أن تكون انتحارية، مشيرا إلى أن المجموعة تمكنت من زرع عبوات ناسفة داخل المبنى بعد تخطيط لمدة أشهر، فيما قالت صفحة «الجيش الحر» على «تويتر» إن التفجير تم عبر زرع عبوة ناسفة داخل براد للمياه.
وذكرت وكالة «سانا» السورية الرسمية أن «التفجير الإرهابي (الذي وقع) أثناء اجتماع وزراء وعدد من قادة الأجهزة المختصة، أدى إلى استشهاد العماد داوود
عبد الله راجحة نائب القــــائد العام للجـــيش والقوات المسلحة نائب رئيس مجلس الوزراء وزيـــر الدفاع والعماد آصف شوكت نــائب وزير الدفاع ووقـــوع إصابات في صفوف المجتمعين بعضها خطيرة».
وأكدت مصادر إعلامية، أن وزير الداخلية اللواء محمد الشعار قتل أيضا في الهجوم، ومعه العماد تركماني. لكن التلفزيون السوري نفى مقتل الشعار. كما قالت مصادر أمنية إن رئيس الاستخبارات هشام بختيار أصيب وخضع لجراحة.
وجاء في بيان صادر عن القيادة العامة للقوات المسلحة بثه التلفزيون السوري ان التفجير «تصعيد اجرامي جديد تنفذه الأدوات المأجورة المرتهنة لمخططات خارجية».
وأصدر الرئيس السوري بشار الأسد مرسوما يقضي بتعيين العماد فهد جاسـم الفـــريج نائبـــاً للقائد العام للجيش والقــوات المسلحة ووزيراً للدفاع.
ونفى مصدر رسمي سوري لـ«السفير» أن يكون الرئيس السوري بشار الأسد أدلى بأية تصريحات صحافية يتم تداولها راهناً على وسائل التواصل الاجتماعي. وأكد أن الأسد في مكتبه في دمشق ويمارس نشاطه كالمعتاد، وذلك رداً على شائعات إعلامية قالت إنه غادر العاصمة السورية.
ومن المتوقع أن يجري تشييع كل من تركماني وراجحة اليوم، وسط إجراءات أمنية مشددة. ورجحت مصادر أن يكون الانفجار تم بعبوة صغيرة مزروعة في غرفة الاجتماع، وليس عبر انتحاري. وأكد المصدر أن كل من رئيس المكتب القومي هشام بختيار ووزير الداخلية محمد الشعار في وضع مستقر، نافياً أية علاقة لرجل الأمن العقيد حافظ مخلوف بالاجتماع.
وجاء في بيان للقيادة العامة للجيش والقوات المسلحة تلاه وزير الدفاع الجديد العماد الفريج بعد ساعات قليلة من التفجير، «ان القيادة الـــعامة للجيش تؤكد إصرارها على القـــضاء المبرم على عصابات القتل والإجرام وملاحقتــهم أينما فروا وإخراجهم من أوكــارهم العفنة وتطهير الوطن من شرورهم وإذا كان هناك من يظن انه باستهداف بعض القادة يستطيع لي ذراع ســـوريا فإنه واهم لان سوريا شعبا وجيــشا وقيادة هي اليوم اكثر تصميما على التصدي للارهاب بكل أشكاله وعــلى بتر كل يد يفكر صاحبها بالمساس بأمن الوطن سوريا».
وأضاف البيان أن «رجال القوات المسلحة لن يزيدهم هذا العمل الارهابي الجبان الا اصرارا على تطهير الوطن من فلول العصابات الارهابية المسلحة والحفاظ على كرامة سوريا وسيادة قرارها الوطني المستقل».
ردود فعل
وتوالت ردود الفعل الدولية على التفجير الذي أدانته روسيا مشيرة إلى أن «معركة حاسمة» تدور في دمشق، ومحذرة من دعم الغربيين «للحركة الثورية»، ومؤكدة أنه يتوجب على مجلس الامن ألا يـــتدخل في دعم طرف سوري ضد الآخر. كما أكدت روســـيا رفــضها لإصدار أي قرار عن مجلس الأمن يــدين سـوريا أو يضعها ضمن الفــصل السابع.
ومن جهتها، اعتـــبرت كل من فرنسا وبريطانيا أن تفجــير أمس يؤكد ضرورة إصدار قــرار دولي حول ســـوريا ضمن الفصل السابـــع لتســـريع «العمـــلية السياسية»، فيما أدانتا الهجـوم الذي وصفته باريس بـ«الإرهابي».
ورأى البيت الأبيض أن الرئيس السوري بشار الأسد «يفقد السيطرة». وقال المتحدث باسم مجلس الامن القومي الأميركي تومي فيتور «من الواضح ان نظام الأسد يفقد السيطرة على سوريا»، مؤكدا ضرورة حدوث انتقال سياسي لتجنب «حرب طائفية وأهلية طويلة ودموية».
وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني «الفرصة تضيق ونحتاج إلى التحرك بشكل موحد للمساعدة في تحقيق عملية الانتقال التي يستحقها الشعب السوري».
وبحث الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والأميركي باراك اوباما في اتصال هاتفي في النزاع الدائر في سوريا، من دون ان يتمكنا من تذليل الخلافات «المستمرة» بينهما حول هذا الملف، كما نقلت وكالة «ريا نوفوستي» عن الكرملين. وقالت الرئاسة الروسية في بيان أوردته الوكالة انه «في المحصلة أظهرت المحادثة توافقا في النظرة التحليلية للوضع في سوريا وهــدف التوصل الى حل. في الوقت نفسه فإن الخـلافات مسـتمرة حول الطريقة العملية للتوصل الى حـل كهذا».
وأعلن البيت الأبيض أن أوباما وبوتين اتفقا على ضرورة حصول عملية «انتقال سياسي» في سوريا على الرغم من استمرار التباين في مقاربة كل منهما لهذا الملف.
وذكر، في بيان، أن «الرئيسين لفتا إلى ارتفاع وتيرة العنف في سوريا، واتفقا على ضرورة دعم حصول عملية انتقال سياسي في أسرع وقت ممكن تحقق هدفنا المشترك بوقف العنف وتجنب مزيد من تدهور الأوضاع».
وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف «لقد أعلنت حاليا عمليات بركان دمشق ومعـــركة العاصمة والمعركة الحاسمة، وعلى هــذه الخلفية يكون اتخاذ قرار من جانب واحد يمنع الحكومة من القيام بأعمال محددة، هو دعــم مباشر لحركة ثورية». وتســـاءل «إذا كانت هذه ثورة فما علاقة الأمم المتحــدة؟»، مضيفا قوله «سنرى، فالمحادثات مستـــمرة، ولكنـــنا لن نقبل استخدام الفصل السابع وفرض العقوبات».
أما الجامعة العربية فحذرت من توسع «دائرة العـنف والدمار» ودعت إلى اجتماع طارئ لوزراء الخارجيــة العرب في الدوحة الأحد المقبل لبحث الملف السوري.
ووصف الملك الأردني عبد الله الثاني، في مقابلة مع قناة «سي ان ان» الأميركية تبث اليوم، التفجير الذي اســـتهدف مبنى الأمن القــومي في دمشق «بالضربة القوية للنظام» السوري، معــتبراً أن «هذا يظهر بالتأكيد تصدعات في النظام، ولكن يجب ألا نتسرع في الاستنتاج».
وقال «لقد حاولنا جميعاً كمجتمع دولي التواصل مع النظام السوري لكي يتخذ خطوة الانتقال السياسي (للسلطة)، ولكننا لم نلمس أي تقدم في هذا الاتجاه على أرض الواقع. ولسوء الحظ هذا هو الحال الراهن، والمحصلة التي نشهدها منذ فترة هي استمرار تصاعد حدة العنف هناك».
مجلس الأمن
وقرر مجلس الأمن الدولي تأجيل التصويت على قرار أعدته دول غربية ويدعو الى فرض عقوبات على سوريا وذلك بناء على طلب تقــدم به مبعوث الجامعة العربية والأمم المتحدة كوفي انان، حسب مبعوثين.
وقال ديبلوماسيون انه يتوقع التصويت على مسودة القرار اليوم فيما تجري الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن المزيد من المفاوضات حول الازمة السورية.
وقال السفير البريطاني في الامم المتحدة مارك ليال غرانت الذي ترأست بلاده صياغة قرار العقوبات بعد محادثات بين قوى كبرى «سنصوت على مسودة القرار صباح» اليوم الخميس.
وبــعث أنان برسالة الى القوى الكـــبرى في مجلس الامن يطلب منها تأجـــيل التصويت الذي كـــان مقررا أمس، قال فيها انه يشعر «انه لا يزال ممــكنا التوصل الى تســوية مع روسيا حول القرار».
وندد الوسيط الدولي كوفي أنان بإراقة الدماء في سوريا وقال انها تسلط الضوء على ضرورة إسراع القوى العالمية بتحرك حاسم لوقف العنف والتمهيد لانتقال سياسي.
وقال أنان في بيان أصدره المتحدث باسمه احمد فوزي في جنيف «يدين المبعوث الخاص المشترك إراقة الدماء والعنف بكل أشكاله ويعتقد أن العنف الذي حدث اليوم يبرز ضرورة تحرك مجلس الأمن بشكل حاسم».
إلى ذلك، قال البيت الأبيـــض إنه يراقب عن كثب مخزون الأسلحة الكيمـــيائية في سوريا و«هـــي لا تزال تحت سيطرة الحكــومة»، فيما كانت مصـــادر من «الجيش الحـــر» قد أشـــارت إلى أن الجــيش وزع على عناصره في دمشق ألف قناع مضــاد للغاز.
وقال نشطاء إن مدفعية الجيش السوري قصفت حي المزة في دمشق وضاحية المعضمية في تصعيد للهجمات على المناطق التي يعمل فيها مقاتلو المعارضة.
وشهدت أحياء عديدة من دمشق اشتباكات حادّة، من بينها حي القدم والقابون والميدان وكفرسوسة وغيرها. («السفير»، أ ف ب، رويترز، أ ب)