خلال افتتاح المؤتمر الدولي حول أوقاف القدس:
الأمير الحسن يدعو إلى رؤية ناظمة لإنقاذ القدس وإعمارها
دعا الأمير الحسن بن طلال، رئيس منتدى الفكر العربي وراعيه، إلى رؤية ناظمة ونظرة استشرافية لإنقاذ القدس والمحافظة عليها.
وشدد على أهمية دعم المدينة القديمة وتمكين مواطنها العربي وفق رؤية ناظمة للأولويات أمام الاعتداءات "الإسرائيلية" اليومية، لافتاً إلى "الدور الهاشمي والشرعية الممتدة تاريخياً" و"وجوب احترامها ووضعها في المكانة السليمة".
وأكد، خلال افتتاحه أعمال المؤتمر العلمي الدولي "الأوقاف الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف" الذي نظمه المنتدى بالتعاون مع الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي في الكويت والمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة ( إيسيسكو) في عمان اليوم الاثنين، أهمية الدعوة إلى صيغ عقلانية في الوطن العربي وإلى كل ما هو عقلاني في الأمة، للخروج بنتائج إيجابية لهذا الموضوع المهم والمعقد في نفس الوقت.
وحذر من خطورة "انتهاكات الاحتلال ضد المدينة المقدسة ومخالفاته القانونية والدولية المتوالية منذ ضمها وتوحيدها بلدياً"، مؤكداً ضرورة "التقاطر الجمعي حول الصالح العام للأمة بعيداً عن المصالح الضيقة وغياب التنسيق واستنكاف أصحاب الأموال، بهدف تمكين وتفعيل المواطنة العربية في القدس المحتلة".
وفيما قال الأمير الحسن إن المخالفات القانونية في القدس مآلات لا بد من إيجاد حل لها، تساءل في الوقت نفسه "أين التمكين والتفعيل للمواطنة العربية في القدس".
ورأى أن "المواطن في المدينة المقدسة، نتيجة ممارسات العرب والمسلمين، بات محروماً من كثير من الخدمات وأشكال الرعاية التي تفرضها الهوية المشتركة إذا أريد منه الحفاظ على الصمود والبناء".
وتوقف عند ما اعتبره "غياب المشتركات الخلاقة المولدة للمبادرات ضمن أرضية واضحة لإعمار القدس"، متسائلاً عن "الزكاة المشروطة والإعمار في السبل والتكايا والزوايا وتحديث المكتبات بهدف تجسير الفجوة الرقمية ورصد الأضرار اللاحقة بالمقدسيين وبالحضارة العربية الإسلامية والإنتاج المقروء بفعل الظروف الطبيعية وعنصر الاحتلال".
ونوه إلى ضرورة "إيلاء الاهتمام بمدينة القدس الروحانية والجمالية وإحكام التناسق والتكامل بين المفاعيل التاريخية والحداثية والمعاصرة"، منبهاً إلى "خطورة استمرار الإهمال في هذه الجوانب".
وقال إن "مكانة هذه المدينة المقدسة الجليلة تتجلى باحتضانها للديانات اليهودية والمسيحية والإسلامية المتعايشة زهاء 13 قرناً، بما يمثل تراكم ذخيرة غنية من الحقوق والتقاليد المتعارف عليها بهدف الوصول إلى شتى الأماكن المقدسة، داخل القدس وخارجها، بحرية وبدون عوائق". وقال أين هي الأولويات وما هو مدخل العمل اليها؟ داعيا المشاركين الى ضرورة أن يتمخض مؤتمرهم هذا عن لقاءات متخصصة مع خيرة العقول في العالم؛ لتطوير مشروع القدس في الضمير والذي بدأ العمل به منذ حوالي عقدين من الزمن وبما يستحق من عناية مهنية متميزة.
من جهته، قال أمين عام المنتدى الدكتور الصادق الفقيه إن المؤتمر سيعالج القضايا التي تتعرض لها القدس قضية تلو الأخرى، فالقدس لنا جميعاً، مؤكدا ضرورة أن يكون للقدس عناية خاصة واهتمام فائق، فهي حالة خاصة ينبغي أن نتعامل معها بحالتها.
بدوره، قال أمين القدس الشريف الحاج زكي الغول "إن القدس استبيحت بلا رادع وبلا مدافع، ورد الفعل كأنه غير وارد".
وأضاف علينا السعي لنيل حقوق الفلسطينيين بقوة الحق والقانون الذي أعطى للفلسطينيين دولة على بقية أرضهم بعد سلخ جزء منها أعطاه لليهود في مشروع التقسيم الصادر عن هيئة الأمم المتحدة العام 1947.
من جانبه، قال الدكتور فاضل بيات، في كلمة باسم المشاركين، نلتقي اليوم لنتناول جانباً حساساً من أهم الجوانب الحساسة في تاريخ المدينة المقدسة وهو "الأوقاف"، مشيراً إلى أن هناك أموراً كثيرة بحاجة إلى كشف الغطاء عنها وقد آن الأوان أن نعمل جاهدين من أجله.
من جهته، قال المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة "ايسيكو" الدكتور عبدالعزيز التويجري إن الأمة الإسلامية تواجه اليوم تحديات عاتية أصبحت تهدد هويتها الثقافية، فيما يواجه التراث الإسلامي مخاطر طبيعية ومناخية وكوارث، فضلاً عن المخاطر المتمثلة في أعمال النهب والسلب والتخريب.
وأضاف، في كلمة ألقاها نيابة عنه الدكتور صلاح جرار أن "إيسيسكو" أكدت أن المعالم الأثرية والأوقاف الإسلامية والمسيحية في مدينة القدس الشريف، هي مقدسات للأمة كلها لا يقبل المساس بها، بأي حال من الأحوال، لافتا إلى أن المنظمة تواصل جهودها في هذا المجال بتوثيق السياسات والانتهاكات "الإسرائيلية"، واعداد التقارير الفنية عنها والتي تؤكد مخالفتها للاتفاقيات الدولية ذات الصلة.
وعقدت اليوم ثلاث جلسات متخصصة تناولت التراث الثقافي، والأوقاف الإسلامية والمسيحية والأملاك العربية في القدس المحتلة، وذلك من خلال الحديث عن الإعمار الهاشمي والدور الرسمي في الحفاظ على الأماكن المقدسة بالقدس، والحقوق القانونية للأوقاف والتحديات التي تشهدها دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس المحتلة.
وتوقفت الأوراق عند حال الأوقاف المسيحية في القدس المحتلة اليوم، والتحديات المحدقة بها نتيجة انتهاكات الاحتلال ضدها ومساعي الاستيلاء عليها، فيما تناولت بالبحث مشاريع توثيق الأوقاف والأملاك العربية في القدس المحتلة.
وعلى هامش المؤتمر، افتتح الأمير الحسن معرض "القدس 2015" الذي نظمه مركز الأبحاث للتاريخ والفنون والثقافة الإسلامية "إرسيكا" في إسطنبول التركية.
يذكر أن المؤتمر، الذي تتواصل أعماله على مدى يومين، يهدف إلى متابعة دراسة الأوضاع القانونية والإنسانية والدينية والديمغرافية والاقتصادية المتعلقة بالأوقاف والأملاك العربية والإسلامية والمسيحية في المدينة المقدسة.
كما يهدف إلى تأكيد وجوب المحافظة على الوجود العربيّ وحقوقه في المدينة، ودراسة وسائل تمكين المواطنين العرب الفلسطينيين من الثبات على أرضهم إزاء ما يتعرضون له من عمليات التهجير المُبرمَجة، وما تتعرض له مقدساتهم وممتلكاتهم من اعتداءات خطيرة وتهويد من جانب سلطات الاحتلال، وعلى مختلف الصُّعُد، والإسهام كذلك في تمتين الوحدة والتقارب الإسلامي المسيحي من أجل القدس، ويُشارك به خبراء ومتخصصون في مجالات متخصصة من العالمين العربي والإسلامي.