بوادر اتفاق أميركي روسي لحل الازمة السورية يشمل الحفاظ على مؤسسات الدولة ودحر الإرهاب واجراء انتخابات نزيهة
واشنطن - القدس دوت كوم - من سعيد عريقات - علمت القدس من مصادر مطلعة في واشنطن اليوم الجمعة، ان "نقاشاً أميركياً روسياً حثيثاً يجري وراء الكواليس لوضع تفاصيل (صيغة مقترحة) لحل الأزمة السورية سلمياً خلال مؤتمر (جنيف 2) المتوقع أن ينعقد أواسط شهر تشرين الثاني المقبل".
ويؤكد المصدر الذي تحدث لـ القدس : "ان الطرفين الأميركي والروسي قطعا شوطاً مهماً لبلورة هذه الصيغة، وأن أطرها بدأت تبرز، وهناك شعور عام بأن هذه الخطة لدى اكتمالها ستمثل الحل الممكن الوحيد الذي سيحافظ على سوريا كدولة واحدة بعد هذا الدمار الهائل والجروح العميقة بعد واحد وثلاثين شهراً من الحرب الدموية".
ويعتمد الحل الذي تقدمت به موسكو على "الضغط على الرئيس السوري (المحاصر) وإقناعه بضرورة التوصل إلى سلام ومصالحة مع العناصر المتمردة المعتدلة، بما في ذلك الاتفاق مع هذه القوى (المعتدلة)، وعرض صفقة عليهم تتضمن انتخابات حرة ونزيهة وفق المعايير الدولية من جهة، وقمع القوى المتطرفة معاً من جهة أخرى".
وقال المصدر ان الخطوط العريضة لهذا الاتفاق الذي يتم بلورته "تم بحثها السبت الماضي (28 أيلول 2013) على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في لقاء بين الأميركيين والروس على مستوى نواب وزراء الخارجية، ومساعدين تقنيين وبحضور ممثلين عن دولة ثالثة، إلى جانب ممثلين عن الأمين العام للأمم المتحدة، وأن لقاءات متابعة للمختصين تستمر دون انقطاع منذ ذلك الحين".
واوضح المصدر "إن الرئيس السوري (بشار) الأسد لم يظهر حماساً للتحالف مع القوى التي تحاربه ميدانياً في الوقت الراهن للقضاء على العناصر المتطرفة والإرهابية (جبهة النصرة والقاعدة في بلاد الشام والعراق) ومن ثم خوض معركة انتخابات طاحنة مع هذه القوى المعتدلة التي ستكون مدعومة بقوة، مالياً وإعلامياً من الخارج، ولكنه في نهاية الأمر سيضطر لقبول عرض روسيا التي ألقت إليه طوق النجاة المرة تلو الأخرى".
وتشمل الصيغة المقترحة "الحفاظ على البنية التقليدية الاقتصادية التجارية التي أدارت اقتصاد البلاد عبر العقود الماضية (عائلات التجارة السنية الدمشقية)، وضمان أمن وسلامة الأقليات السورية خاصة المسيحيين والعلويين والدروز، وهي القضية المحورية لإعادة إنعاش الاقتصاد، وتوفير الاحتياجات البنائية الهائلة الضخمة التي ستحتاجها البلاد لترميم مؤسسات الدولة والخدمات شبه المنهارة، وعلى رأسها القوات المسلحة وقوات الأمن".
ويعتقد خبراء الشأن السوري في واشنطن من أمثال إد حسين من مجلس العلاقات الخارجية "انه في حال اجراء انتخابات وطنية شاملة - برلمانية ورئاسية - من المرجح إن تخسر عائلة الأسد انتخابات تتحلى بالشفافية والنزاهة بما يتماشى مع المعايير الدولية".
ويقول المصدر "إن واشنطن تفضل أن تتضمن أي صفقة موافقة الأسد وعائلته المباشرة على النفي الطوعي والمريح، وتسليم الإمكانات المالية والمادية التي تمكنوا من السيطرة عليها عبر أكثر من أربعين عاماً، ربما من خلال آلية مجلس وصاية دولي يشارك فيه أعضاء من مؤيدي الأسد (روسيا وإيران) ومؤيدي المعارضة (الولايات المتحدة، ودول مجلس التعاون الخليجي، والاتحاد الأوروبي) إلى جانب خبراء من الأمم المتحدة".
وفي هذا الإطار، علمت القدس من مصدر رسمي في الأمم المتحدة " أن المنظمة الدولية تقوم بإعداد خطة مفصلة ومكلفة لارسال أكبر بعثة في تاريخ المنظمة الدولية منذ قيامها الى سوريا؛ أكبر بمرات من أنغولا أو الكونغو، على ان تشارك في هذه البعثة كافة وكالات الأمم المتحدة على الإطلاق" في حال التوصل لاتفاق نقل السلطة حسب اتفاق جنيف -1 (30 حزيران 2012).
ويبدو إن الخطوط العريضة الروسية للحل "لا تنسجم تماماً مع الرغبات الإيرانية كون أن إيران تخشى من أن تؤدي أي انتخابات نزيهة في سوريا لفوز أغلبية سنية ترضي الدول المجاورة، وتنهي التحالف الوطيد بين سوريا وإيران وحزب الله"، حسب أندرو تابلر من معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى الذي يعتقد بصعوبة الاتفاق على ذلك "كون الحرب الأهلية السورية أثبتت هشاشة الوحدة السورية المصطنعة التي صنعتها سوريا عبر اكثر من ستة عقود، ووضع هذه القطع مع بعضها البعض مجدداً سيكون فوضوي ومؤلم أن لم يكن مستحيلاً".
ويعتقد العديد من خبراء واشنطن أن روسيا "شأنها شأن الدول الإسلامية الأخرى" تخشى من قيام نظام إسلامي متطرف في سوريا "يصبح مرتعاً للإرهابيين الذي سيجدون من هناك طريقاً إلى المقاطعات الروسية الإسلامية التي يقوم فيها تمرد متطرف الآن يزيد من تفاقم أزمة العنف في تلك المناطق، وبالتالي فإن موسكو لديها المحفزات المهمة للتوصل إلى حل سريع، وإن اضطرت أن تساوم في بعض القضايا لمصلحة المعارضة التي لا تستسيغها، فستفعل ذلك " من أجل الحل السريع.
ويعتقد هؤلاء أن المشهد السوري تبلور وأصبح أكثر وضوحاً على مستوى الصراع الدولي الإقليمي الدائر منذ احتدام العنف قبل سنتين، وأن الظروف أصبحت ملائمة الان للتوصل إلى حل سياسي.