الجمعة 29-11-2024

القطاع الصحي في القدس يصارع التحديات للصمود

×

رسالة الخطأ

موقع الضفة الفلسطينية

القطاع الصحي في القدس يصارع التحديات للصمود

 

يواجه الجهاز الصحي في القدس المحتلة تحديات ومعوقات ابتكرتها ووظفتها سلطات الاحتلال للضغط على الفلسطينيين ليهجروا المدينة، ضمن أساليب مختلفة تحرم المقدسيين من الخدمات الطبية والصحية والاجتماعية والتعليمية، وتحول العلاج والدواء إلى سيف مصلت على رقاب الفلسطينيين الذين تحولوا إلى رهينة لسياسات الاحتلال في مختلف مناحي الحياة. 

فقد تعمدت إسرائيل -رغم تشريعها لقانون يقضي بضم القدس الشرقية إلى نفوذها وسيادتها- الامتناع عن تقديم الخدمات الطبية والعلاجية للمقدسيين، مما ينذر بانهيار تام للجهاز الصحي في المدينة، وذلك رغم أن السكان يدفعون لمؤسسة التأمين الوطني الإسرائيلية رسوم التأمينات الصحية بانتظام، لإثبات وجودهم في المدينة ولمنع سحب الإقامة منهم وطردهم من القدس.

وساهمت سياسات الاحتلال -بعد أن أغلقت إسرائيل عام 1985 المستشفى الحكومي الأردني بالقدس- في خلق فوضى في الجهاز الصحي، وذلك  حين غيبت سلطة القانون لمنع توفير الخدمات الطبية، وشجعت على خصخصة الجهاز الصحي والعيادات الطبية لتتهرب -وهي الدولة المحتلة- من المسؤولية التي يلزمها بها القانون الدولي تجاه صحة وسلامة السكان الرازحين تحت الاحتلال.

 

واظهر تقرير اعدته "اوتشا" ان المستشفيات الفلسطينية في القدس الشرقية تتمتع بسمعة ممتازة من ناحية مستوى الرعاية الصحية التي توفرها إلى الفلسطينيين من كافة أنحاء الضفة الغربية وقطاع غزة. حيث ان هناك ست مستشفيات تخصصية في القدس الشرقية: مستشفى أوغستا فكتوريا- المطلع، مستشفى المقاصد، مستشفى العيون- سانت جون، مستشفى مار يوسف، مستشفى الهلال الأحمر ومستشفى الأميرة بسمة. وتقدم هذه المستشفيات رعاية صحية واستشارات طبية متخصصة بما فيها طب الأطفال، وجراحة القلب، وجراحة الأعصاب، وغسل الكلى، وعلم الأورام، بالإضافة إلى جراحة المنظار، والعلاج بالأشعة، وجراحة العين، وعلاج الحروق الصعبة وزراعة الأعضاء وإجراءات تشخيصية.

 

واستمرار عزل المدينة المقدسة عن محيطها الفلسطيني أدى إلى منع وحرمان المواطنين الفلسطينيين من الضفة الغربية وغزة من الوصول للخدمات الصحية في القدس والذي يعتبر انتهاكا لجميع المواثيق والأعراف الدولية. علاوة على منع حركة المرضى ومركبات الإسعاف والأطباء والممرضين والعاملين في المرافق الصحية من الوصول الى هذه المرافق الا بعد الحصول على تصاريح خاصة يكون فيها الرفض الجواب النهائي في معظم الحالات. كما ان بناء جدار الفصل العنصري في القدس زاد من وطأة الفصل ليس فقط بين مدينة القدس والضفة الغربية بل عزل احياء وبلدات القدس عن بعضها البعض وحرم سكان هذه المناطق من الوصول الى المرافق الإجتماعية والصحية داخل المدينة واستخدام سياسة التهميش او تقديم الحد الأدنى من الخدمات للمقدسيين على صعيد البنية التحتية وصحة البيئة وخدمات الطب الوقائي والصحة النفسية وغيرها بالإضافة الى عدم امكانية السلطة الوطنية الفلسطينية بالعمل المباشر في القدس وضعف امكانياتها المادية تعتبر تحديات اخرى امام الخدمات الصحية في المدينة، ناهيك عن ضعف التنسيق بين مختلف مقدمي الخدمات الصحية وعدم وجود مرجعية صحية في المدينة حيث ان هناك نقصا حادا في التمويل للخدمات الصحية في المدينة المقدسة وعزوف معظم المانحين الدوليين عن تقديم الدعم لأسباب مختلفة .

 

وتعاني المؤسسات الصحية الفلسطينية في القدس من مشاكل عديدة، تعود غالبيتها إلى السياسات الإسرائيلية التي تحاول باستمرار السيطرة على القطاع الصحي في القدس عن طريق إلغاء الكيان المؤسساتي الصحي الفلسطيني واستبداله بخدمات بديلة. وقد جاء تنفيذ نظام التأمين الصحي الإسرائيلي الذي أصبح إلزامياً على المقدسيين منذ عام 1995 ليعزز هذه السياسات. وترتب على ذلك اضطرار المقدسيين إلى التوجه إلى المراكزالصحية الإسرائيلية التي يشملها التأمين الصحي الإسرائيلي عوضاً عن المراكز الصحية الفلسطينية، فباتت هذه المراكز تصارع لتنافس المؤسسات الإسرائيلية في مستوى خدماتها مفتقرةً الدعم المادي الذي يؤهلها لتقديم الخدمات الصحية المتطورة. بالإضافة إلى ذلك يعاني قطاع الصحة من مشاكل أخرى عديدة، من أهمها: محدودية خدمات الصحة النفسية والتأهيل وعلاج المدمنين، وغياب التنسيق ما بين مقدمي الخدمات الصحية، ونقص المصادر البشرية المؤهلة في بعض المجالات الصحية التخصصية.

وتحاول  الحكومة الإسرائيلية مرارا وتكرارا، أن توصل من خلال جميع إجراءاتها رسالة سياسية للفلسطينين وللعالم أجمع أن القدس "عاصمة موحدة لإسرائيل". فمنع  أي دواء مصنّع في الضفة الغربية أو المستورد حتى لو كانت مواصفاته ومقاييسه ممتازة، ومطابقة للمواصفات الإسرائيلية من دخول القدس، سياسة تريد من خلالها إسرائيل إلحاق المستشفيات الفلسطينية قصراً بسوق الأدوية الإسرائيلية، كجزء من تكريس سياسة ضم القدس المحتلة إليها. حيث يعاني مورّدو الأجهزة الطبية الفلسطينيين من تشديد وتأخير سلطات الإحتلال من إجراءات الفحص الأمني للأجهزة الطبية المستوردة، وفي بعض الأحيان يبقى الجهاز مدة ثلاثة أو أربعة أشهر قبل التمكن من استلامه من قبل الشركة المستوردة.

ومن العراقيل والمصاعب التي تضعها سلطات الإحتلال أمام القطاع الصحي في مدينة القدس المحتلة، أن على كافة المستشفيات الفلسطينية في القدس الحصول على تراخيص من وزارة الصحة الإسرائيلية، وكثيرا ما يقوم مندوبون عنها بزيارة هذه المستشفيات من أجل مراقبة أقسامها، و تقييم عملها وفق المواصفات والمعايير المتبعة في المستشفيات الإسرائيلية، ومتابعة أي خلل قد يؤدي إلى عدم الحصول على هذه التراخيص.

وتجدر الإشارة إلى أن خدمات الرعاية الصحية تقدم في القدس من أربع جهات مختلفة هي:

1.    وكالة الغوث التي تقدم الخدمات الصحية للاجئين.

2.    القطاع الخاص الذي يعتمد على التأمين الصحي الإسرائيلي.

3.    القطاع الخيري الذي يغطي بشكل أساسي الرعاية الأولية للمواطنين.

4.    القطاع الخيري الذي يغطي الخدمات المتخصصة كالتأهيل وخدمات المستشفيات و بعض المراكز الصحية.

 

انشر المقال على: