الانتفاضة المسلحة تطور نوعي للصراع الفلسطيني الصهيوني
غسان ابو نجم
رغم كل ما قام به الاحتلال الصهيوني من إجراءات لحصار الضفة الغربية عبر جدار الفصل العنصري الذي عزلها عن الداخل الفلسطيني والقدس وحصار المدن وقطع التواصل بينها عبر نشر الحواجز العسكرية وعزل كل مدينة عن القرى المحيطة بها استطاعت الأجهزة العسكرية للفصائل الفلسطينية اختراق هذا الحصار والضرب وبشكل موجع قطعان الاحتلال داخل الضفة الغربية والداخل الفلسطيني والقدس.
إن هذا التطور النوعي في المواجهة التي تخوضها طليعة شعبنا ضد الاحتلال والاتجاه نحو المواجهة المسلحة فرضتها جملة من المتغيرات اهمها :
إدراك شعبنا لعبثية المفاوضات والحلول السياسية التي خاضها اليمين الفلسطيني والتي أدت إلى المزيد من التنازلات المجانية وتغول الاحتلال وتوسع الاستيطان والمزيد من القمع والقتل والاقتحامات.
ثانيا فقدان الثقة بالسلطة الفلسطينية التي انتقلت من الخندق الفلسطيني إلى سلطة ريعية ووكيل وشريك امني للاحتلال وسلطة قمع لكل ما هو وطني.
لقد أدرك شعبنا أن هذا الاحتلال لا يسمع إلا طرقات بساطير جنوده وإنه مصمم على البقاء ويتمدد يوميا على حساب ارضنا وحقوقنا التاريخية.
ثالثا ظهور جيل من الشباب الفلسطيني امتشق البندقية جزء منهم خدم في قوات الأمن الفلسطينية تمرد على قيادته السياسية التي خذلته في العديد من المواقف وشكل مجموعات وكتائب مسلحة لمواجهة الاحتلال ( كتيبة جنين بلاطه عرين الأسود وغيرها) اخذت على عاتقها ضرب الاحتلال في كل مكان في الوطن الفلسطيني بل وظهر أيضا حالات فردية قامت بعمليات نوعية ضد المحتل.
إن هذا التطور النوعي في المواجهة جاء بتقديري رد طبيعي لحالة الخذلان التي فرضها واقع الفصائل الفلسطينية التي وجدت نفسها تلهث خلف جماهير شعبنا التي تجاوزتها في العديد من المواقف في القدس وجنين والداخل الفلسطيني.
إن الانتقال من حالة المواجهة الجماهيرية ضد الاحتلال من شكل الإضراب والتظاهر إلى حالة الانتفاضة المسلحة يضع الثورة الفلسطينية في موقع متقدم في مواجهة الاحتلال وتحويله إلى مشروع خاسر ويدفع فصائل العمل الوطني خطوة للأمام في مواجهة الاحتلال ويدفعها لتطوير برامجها وادواتها النضالية التي تضمن دحر الاحتلال وتحقيق الانتصار.
لا سيما أن هذه الانتفاضة المسلحة تمتلك حاضنة شعبية واسعة تؤمن لها الحماية وسهولة الحركة والمواجهة مع المحتل مما يعطيها زخما شعبيا ودعما عسكريا وسياسيا من كل قوى التحرر العربي وخاصة محور المقاومة كما حدث في قطاع غزة مما يعزز إمكانياتها وتطورها.
إن العملية التي جرت في القدس وذهب ضحيتها 10 قتلى وضعت الاحتلال في حالة صدمة امنية حقيقية واثبتت بما لا يدع مجالا للشك أن الانتفاضة المسلحة تتجه نحو التصعيد الكمي والنوعي وما جرى من رد فعل شعبي ابتهاجا بها يؤكد ان ثورة شعبنا وضعت قدمها بالاتجاه الصحيح نحو تحرير فلسطين.