اغتيال العقيد الإيراني: تقارير إسرائيلية حول مسؤوليته عن التخطيط لعمليات ضد إسرائيليين
تاريخ النشر: 22/05/2022 - 22:42
عرب ٤٨
تحرير: محمود مجادلة
ذكرت تقارير إسرائيلية، اليوم الأحد، أن الضابط في "الحرس الثوري" الإيراني، العقيد صياد خدائي، الذي تعرض لعملية اغتيال قرب منزله شرق العاصمة طهران، "كان مسؤولا عن التخطيط لهجمات ضد أهداف إسرائيلية وعمليات خطف إسرائيليين في الخارج أحبط الموساد بعضها". ويشكل حجم التسريبات الإسرائيلية حول مخططات خدائي لاستهداف إسرائيليين، اعترافا غير رسمي بمسؤولية إسرائيل عن عملية الاغتيال، وسط الامتناع عن التبني الرسمي للعملية في محاولة لتجنب رد فعل إيراني محتمل.
وتعد عملية اغتيال خدائي هي الهجوم الأبرز الذي يستهدف شخصية إيرانية على أراضي الجمهورية الإسلامية منذ تشرين الثاني/ نوفمبر 2020، حين قتل العالم النووي محسن فخري زادة، بإطلاق نار استهدف موكبه قرب العاصمة، في عملية اتّهمت طهران إسرائيل بتنفيذها.
وأفادت التقارير الإسرائيلية بأن خدائي كان مسؤولا عن "التخطيط لعمليات إرهابية ضد إسرائيليين في أفريقيا وتركيا وقبرص". وذكر موقع صحيفة "هآرتس" أن خدائي "كان وراء سلسلة من المحاولات لتنفيذ هجمات إرهابية ضد رجال أعمال ودبلوماسيين إسرائيليين في الأشهر الأخيرة في جميع أنحاء العالم".
من جانبه، ادعى موقع "واينت" أن المسؤول العسكري الإيراني الذي قُتل في طهران عند مدخل منزله، "كان مسؤولا عن التخطيط لعمليات إرهابية ضد أهداف إسرائيلية ويهودية حول العالم، أحبط الموساد بعضها".
وبحسب "هآرتس" فإن خدائي "كان شخصية رئيسية في التخطيط لهجمات إرهابية ضد أهداف إسرائيلية في الخارج"، مشيرة إلى أنه "كان وراء سلسلة من المحاولات لاستهداف رجال أعمال ودبلوماسيين إسرائيليين في الأشهر الأخيرة حول العالم".
وربطت الصحيفة بين خدائي وبين الخلية التي تم الكشف عنها الشهر الماضي في تركيا، وزُعم أنها خططت لاستهداف "مسؤول كبير في القنصلية الإسرائيلية في إسطنبول"؛ كما ذكرت أن "خدائي وقف وراء محاولات استهداف رجل الأعمال (الإسرائيلي) تيدي ساغي في قبرص، ورجال أعمال إسرائيليين في أفريقيا وأميركا الجنوبية وتركيا".
وأشار المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، إلى أن "معظم الاغتيالات المنسوبة إلى إسرائيل في إيران نفذت ضد خبراء متورطين في تطوير برنامج إيران النووي"، معتبرا أن اغتيال "العقل المدبر لعمليات إرهابية ضد أهداف إسرائيلية هو خطوة إلى الأمام في أسلوب العمل المنسوب لإسرائيل ضد إيران".
وأضاف هرئيل أنه "إذا تبين فعلا أن إسرائيل تقف وراء عملية الاغتيال، فإن ذلك يشكل تعبيرا آخر عن التغيير في الإستراتيجية الإسرائيلة لمواجهة إيران، والتي أعلن عنها رئيس الحكومة، نفتالي بينيت، خلال الأشهر الأخيرة. مشيرا إلى أن "التغيير الأساسي، بحسب بينيت، هو التركيز على استهداف ‘رأس الأخطبوط‘ في إيران بدلاً من المجموعات التي تعمل كمنظمات تابعة لها في المنطقة. وذلك لحمل النظام الإيراني على إعادة النظر في هجماته".
واعتبر مسؤول إيراني، في تصريحات تداولتها وسائل الإعلام الإيرانية، أن اغتيال خدائي يشكل "تجاوزا متهورا للخطوط الحمر وسيشكل تغييرا جوهريا بمعادلة الصراع"، مهددا الجهة المسؤولة عن عملية الاغتيال بـ"دفع أثمان باهظة".
ووصف الحرس الثوري الإيراني الاغتيال الذي تعرض له خدائي بـ"العملية الإرهابية"، وحمّل الحرس المسؤولية عنها لعناصر مرتبطين بالولايات المتحدة وحلفائها. وأوضح أن "العقيد صياد خدائي، أحد المدافعين عن المراقد المقدسة (مدافع حرم)، تعرض إلى جريمة اغتيال إرهابية" نفّذها شخصان كانا على دراجة نارية في شارع "مجاهدي الإسلام" في شرق طهران، وذلك في بيان على موقعه الإلكتروني الرسمي "سباه نيوز".
وتستخدم الجهات الرسمية في الجمهورية الإسلامية عبارة "مدافع حرم" للإشارة إلى أفراد الحرس الذين أدوا مهاما في سورية والعراق، حيث العديد من المراقد المقدسة لدى الشيعة. وهؤلاء المستشارين ينتمون إجمالا إلى "فيلق القدس" الموكل بتنفيذ العمليات الخارجية في "الحرس الثوري".
وتؤكد طهران تواجد عناصر من قواتها المسلحة بصفة استشارية في كل من العراق لمواجهة العناصر "التكفيرية" خصوصا تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، وفي سورية لمساندة قوات النظام السوري في مواجهة المجموعات المسلحة في النزاع الدائر في بلاده منذ قمع الثورة التي اندلعت عام 2011.
وأفاد التلفزيون الرسمي الإيراني، مساء الأحد، أن خدائي "معروف في سورية"، من دون تفاصيل إضافية. وأدان الحرس عملية الاغتيال "الارهابية"، مشيرا إلى أن من يقف خلفها هم عناصر مرتبطون بـ"الاستكبار العالمي"، وهي العبارة التي تستخدمها سلطات الجمهورية الإسلامية للإشارة إلى الولايات المتحدة وحلفائها، وفي مقدمهم اسرائيل.
ووفق وكالة الأنباء الرسمية "إرنا"، وقعت عملية الاغتيال قرابة الساعة 16:00 بالتوقيت المحلي لدى عودة خدائي إلى منزله. ونشرت الوكالة صورا تظهر شخصا مضرّجا بالدماء وقد انحنى رأسه إلى الأسفل، وهو جالس إلى مقعد السائق في سيارة بيضاء اللون. وبدا زجاج النافذة البعيدة عن السائق محطما.
وأشارت إلى أنه أصيب بخمس طلقات. من جهتها، أفادت وكالة "تسنيم" أن خدائي كان "على مقربة من منزله" لدى تعرضه للاغتيال، مشيرة إلى أن "زوجته كانت أول من عثر على جثته".
من جهتها، أفادت وكالة "فارس" أن المدعي العام في طهران تفقد مكان الهجوم، وأمر بـ "الإسراع في تحديد وتوقيف منفذّي هذا العمل الإجرامي".
"شبكة مرتبطة بالاستخبارات الإسرائيلية" في إيران
وفي وقت سابق خلال اليوم، وقبل نبأ مقتل خدائي، أعلن الحرس الثوري في بيان توقيف "شبكة من الفاسقين" المرتبطين بالاستخبارات الإسرائيلية. وأوضح البيان أن أفراد الشبكة الذين لم يحدد عددهم، سعوا إلى "سرقة وتدمير ممتلكات شخصية وعامة، والخطف والحصول على اعترافات كاذبة".
ويعد مقتل خدائي أبرز عملية تنفّذ على الأراضي الإيرانية منذ اغتيال العالم النووي فخري زاده في 27 تشرين الثاني/ نوفمبر 2020. وقُدم فخري زاده بعد وفاته على أنه نائب وزير الدفاع ورئيس إدارة منظمة الأبحاث والإبداع في الوزارة، وشارك خصوصًا في "الدفاع الذري" للبلاد.
ويأتي مقتل خدائي في وقت تُبذل جهود دبلوماسية لكسر الجمود الحاصل في مباحثات إحياء الاتفاق بشأن برنامج إيران النووي الذي انسحبت منه الولايات المتحدة أحاديا عام 2018 في عهد رئيسها السابق، دونالد ترامب.
وسعيا لإعادة تفعيل الاتفاق النووي، بدأت إيران والقوى الكبرى في نيسان/ أبريل 2021 مباحثات شاركت فيها الولايات المتحدة بشكل غير مباشر. وعلّقت المباحثات رسميا في آذار/ مارس، مع تأكيد المعنيين أن التفاهم بات شبه منجز، لكن مع تبقّي نقاط تباين بين واشنطن وطهران، أبرزها طلب الأخيرة شطب اسم الحرس الثوري من القائمة الأميركية للمنظمات "الإرهابية" الأجنبية.