الخميس 25-04-2024

افكار عن الكونفيدرالية يمكن لها أن تكون مقبولة اذا ما حلت مشكلة المستوطنين واللاجئين

×

رسالة الخطأ

يوسي بيلين

افكار عن الكونفيدرالية يمكن لها أن تكون مقبولة اذا ما حلت مشكلة المستوطنين واللاجئين

 

 "مقال نشر في جريدة " اسرائيل اليوم

نشرته جريدة  "راي اليوم  "الاليكترونية للتعرف على ما عرض  في معهد بحوث الامن القومي في تل ابيب

بقلم: يوسي بيلين

لو شارك أحد ما من فريق ترامب في إيجاد حل للنزاع الإسرائيلي – الفلسطيني، في اليوم الدراسي المغلق الذي جرى مؤخرا في معهد بحوث الامن القومي في تل أبيب، لفوجيء في أن يتبين بان فكرة الكونفيدرالية الإسرائيلية – الفلسطينية متفق عليها بين مجموعة هامة من الاشخاص ذوي الفكر المختلف، كجزء من الرؤيا لحل النزاع.

          وتعلق الخلاف الذي انكشف في الغرفة، اساسا، في مسألة هل مثل هذه الكونفيدرالية يفترض أن تكون جزءا من الافق السياسي على المدى البعيد، أم انها فكرة كفيلة بان تسهل، منذ الان، على تحقيق حل الدولتين. هل يمكن لهذا الحل أن يساعد في التغلب على مشاكل قاسية على نحو خاص، كاخلاء المستوطنين ممن سيجدون أنفسهم شرقي الحدود التي يتفق عليها بين اسرائيل والفلسطينيين، مشكلة اللاجئين الفلسطينيين واصرار اسرائيل على تواجد الجيش الاسرائيلي على نهر الاردن.

          في النقاش الذي أداره العميد احتياط اودي ديكل، القائم باعمال رئيس المعهد، شارك مفاوضون من العقدين الاخيرين، مسؤولون كبار سابقون في الجيش الاسرائيلي، اكاديميون ومعاهد بحث، باحثان سويسريان مختصان في مواضيع الفيدرالية والكونفيدرالية وكذا شخصيات اكاديمية رفيعة المستوى من الجانب الفلسطيني.

          عرض الخبيران السويسريان على المشاركين قصة تحول بلدهما من كونفيدرالية – إطار مشترك لدول مختلفة – الى فيدرالية، حيث الحكم المركزي ضعيف، ولا يتلقى سوى ربع دفعات ضرائب المواطنين، بينما الكانتونات الـ 26 تحظى بمعظم الميزانية وبصلاحيات واسعة جدا. لقد ولد النظام السويسري الحالي بعد الحرب التي انتهت في 1848. وتضم  الحكومة سبعة وزراء، يتبادلون فيما بينهم منصب رئيس الدولة في كل سنة، بينما اعضاء البرلمان يهتمون بشؤونهم الخاصة، يأتون الى المداولات في البرلمان على مدى ايام قليلة في السنة، وبالمقابل – لا يحصلون على أجر أيضا.

          لقد منع هذا الحل المتميز استمرار الصراع الديني الذي عصف حتى ذلك الحين بالدول التي تشكلت منها سويسرا. وموضوع آخر كفيل بان يكون ذا صلة من ناحيتنا – فان ربع سكان سويسرا ليسوا مواطنيها، وهم مواطنو دولهم الاصلية، جيلا بعد جيل. والرسالة الاساسية للخبيرين كانت انه اذا تقرر اقامة اطار مشترك لاسرائيل ولفلسطين، كدولتين مستقلين وسياديتين، فسيكون بوسع الطرفين ان يقررا سلسلة من المواضيع التي تعالج على نحو مشترك، في ظل اختيار العناصر المناسبة لهما من داخل الفيدراليات القائمة (مثل التسوية المميزة لبروكسل عاصمة بلجيكيا) ومن داخل الكونفيدرالية الوحيدة في العالم – الاتحاد الاوروبي. الامر الهام في تسوية الكونفيدرالية هو مرونتها. فقد منع الاتحاد الاوروبي في البداية العبور الحر لمواطني الدول الاعضاء من بلد الى بلد، وبعد ذلك سمح بعبور العمال – المهاجرين. وفي وقت لاحق فتحت الامكانية ايضا امام الطلاب وغيرهم. اما الميل اليوم فهو معاكس.

السبل الى التعايش

وطرح مؤيدو الاقتراح لاستخدام الاطار الكونفيدرالي للتسهيل على التوصل الى حل الدولتين عندنا، الافكار التالية:

1. التعاون بين الدولتين لن يتضمن مؤسسات حكم مشتركة، كالحكومة أو البرلمان، والقرارات عن حجم هذا التعاون تكون تدريجية، في ظل الحفاظ على امكانية الغاء التعاون في مجال معين ببلاغ من طرف واحد.

2. الاطار الكونفيدرالي يتضمن التعاون في المجال الامني، فيما يكون الطرف الفلسطيني مسؤولا عن أمن مواطنيه، دون أن تكون لاسرائيل حرية عمل في الدخول الى الارض الفلسطينية، للعثور على المطلوبين واجراء نشاطات عسكرية، بينما الطرف الاسرائيلي – بالتنسيق وبالتعاون مع الطرف الفلسطيني يكون مسؤولا عن الامن الخارجي، ويكون له حضور في نقاط استراتيجية.

3. المستوطنون الذين يرغبون بالبقاء في بلداتهم حتى بعد انسحاب اسرائيل الى الحدود الجديدة التي تتقرر في الضفة الغربية يمكنهم ان يفعلوا ذلك، كمواطني اسرائيل وكسكان الدولة الفلسطينية. الامر سيمنع المواجهة مع المستوطنين وسيسمح لهم بالاختيار بين الانتقال الى اسرائيل في حدودها الجديدة في ظل تلقي تعويضات مناسبة وامكانية اقامة بيوتهم من جديد، وبين البقاء في بيوتهم تحت السيادة الفلسطينية.

4. عدد مشابه من الفلسطينيين، مواطني الدولة الفلسطينية الجديدة، ممن يرغبون في ذلك، يمكنهم أن ينتقلوا الى اسرائيل، ويكونوا فيها كسكانها، بينما يحافظون على مواطنتهم الاخرى، والقرار بشأن منح الاقامة الدائمة يكون في يد اسرائيل، مثلما ستكون الدولة الفلسطينية هي التي تقرر منح الاقامة الدائمة للاسرائيليين الذين يتواجدون في نطاقها.

5. وفضلا عن هذه المواضيع المركزية فان السلطات التي تتشكل لغرض معالجة المواضيع المشتركة (كالمياه والمجاري، مشاكل البيئة ومسائل التخطيط والاقامة للبنى التحتية، مكافحة الامراض الزراعية وغيرها) ان تتركز في البلدة القديمة من القدس، وتؤدي بذلك الى نظام خاص في هذا المكان الحساس.

6. قرار مسبق حول الاطار الكونفيدرالي الذي يبقي جزءا من المستوطنين في بلداتهم، يمكن أن يمنع الحاجة الى خلق حدود طويلة جدا بين الدولتين، والحاجة الى نزع مناطق من داخل اسرائيل اليوم ومنحها للطرف الفلسطيني لقاء الارض التي نطالب بضمها الى اسرائيل من داخل الضفة الغربية. اما المستوطنات التي تضم الى اسرائيل فستكون تلك المجاورة للخط الاخضر والى الباقي يتيح الاطار الكونفيدرالي الوصول اليها بمستوى عالٍ.

هناك حاجة الى اثنين من أجل السلام

بين المعارضين للاقتراح لتحقيق اقامة الكونفيدرالية في المرحة الاولى (الكفيل بان يكون ايضا تسوية جزئية، وفقا لخريطة الطريق من العام 2003، أي دولة فلسطيني في حدود مؤقتة في الضفة الغربية) كان هناك من اعتقد بان الرأي العام الاسرائيلي، وربما ايضا الفلسطيني معنيين بالانفصال وليس بالشراكة والتنسيق وان اقتراح الحل الكونفيدرالي سيبعد الناس فقط عن فكرة الدولتين.

كان هناك ايضا من اعتقد بان خيار ابقاء المستوطنين خارج حدود البلاد اشكالي جدا، ولكن مع كل الصعوبة التي ينطوي عليها اخلاء عشرات الاف الاسرائيليين من بيوتهم، فان هذا أمر مسؤول أكثر وقابل للتنفيذ. كان هناك من قالوا ان مثل هذه الكونفيدرالية يجب أن تضم الاردن وانه سيكون من الخطأ الاكتفاء باطار اسرائيلي – فلسطيني فقط. اما الفلسطيني الذي شارك في المداولات فلم يساند معارضي الكونفيدرالية على الاقل.

كاتب هذه السطور غير مقتنع بان الكونفيدرالية هي حل سحري. تأييدي للفكرة لا ينبع من نوازع لا يمكن ضبطها لايجاد إطار مشترك بل من الرغبة في السماح لتحقيق حل الدولتين، وعدم تركه كامكانية بعيدة وغير عملية. اذا لم يكن للكونفيدرالية أن تمنع اخلاء الكثير من المستوطنين، ولم تتمكن من السماح لحل مشكلة اللاجئين وحل تحدي الدفاع عن الضفة الغربية – فسأتركها. ولكن اذا تبين بان هذه الامور ممكنة وانه يوجد طرف فلسطيني لذلك فسأوصي بالعمل عليه جدا. هذا الفحص يمكن لفريق ترامب أن يقوم به مع الطرفين.

 

انشر المقال على: