الجمعة 29-03-2024

إسرائيل تتخبط بسورية وتراهن على السعودية

موقع الضفة الفلسطينية

إسرائيل تتخبط بسورية وتراهن على السعودية
تاريخ النشر: 16/11/2017
عرب ٤٨

تحرير : محمد وتد
بدت إسرائيل بحالة من الإرباك والتخبط في أعقاب الموقف الروسي الداعم لبقاء القوات الإيرانية بسورية، وهو الموقف الذي عبر عنه، وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، قائلا إن بلاده لم تتعهد بضمان انسحاب القوات الموالية لإيران من سورية، معتبرا أن وجود إيران في سوريا "شرعي".

محلل الشؤون الأمنية في صحيفة "معاريف"، يوسي ميلمان، وصف إعلان وزير الخارجية الروسي بالقنبلة التي سقطت على القيادة السياسية والعسكرية لإسرائيل التي تراهن على ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، لتعزيز الحلف مع من تعتبره "الدول السنية المعتدلة" لمواجهة النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط.

حاول ميلمان من خلال مقاله قراءة أفكار لافروف وتحليل الإستراتيجية الروسية بسورية والشرق الأوسط والتي يستشف منها بأن إسرائيل ليست أولا وليست ذات أولوية بالنسبة لموسكو.

وإن لم يشير لافروف لذلك بصراحة وبشكل مباشر، لكن يعتقد محلل الشؤون الأمنية، أن بين السطور يمكن الفهم والتيقن من كلمات وزير الخارجية الروسي أنه بالنسبة للكرملين، فأن الوجود الإيراني في سورية كما حلفائها من المليشيات الشيعية الدولية وحزب الله، ليس مشروعا فحسب بل حيويا.

حسب تقديرات المحلل الأمني، فإن الوجود الروسي بسورية يتلخص بالأساس في الجو، إذ ترى بإيران والحلفاء القوة الأساسية المقاتلة على الأرض، وما بين الدعم الجوي والقتال على الأرض، يجوم مليمان بأنه بفضل القوات المقاتلة على الأرض تم تحصين نظام بشار الأسد ومنع سقوطه، كما أن الوجود الإيراني حال دون دمار ترسانة النظام وساهم كثيرا باستعادة السيطرة على الكثير من المناطق التي كانت تحت سيطرة قوات المعارضة المسلحة وتنظيم "داعش".

وفي ظل الموقف الروسي وخيبة الأمل بتل أبيب من الكرملين، فإن عزاء إسرائيل ورهانها الوحيد بظل هذه التطورات بالشرق الأوسط وعلى الساحة السورية على وجه الخصوص، هو توثيق الحلف مع الرياض وتعزيز العلاقات مع السعودية التي ترى بمحاولات إيران الهيمنة وتعزيز نفوذها بسورية والعراق واليمن خطرا عليها، وهذا، بحسب ميلمان، يعكس تقاطع المصالح بين تل أبيب والرياض، إذ تدفع هذا الهواجس السعودية لتحسين علاقاتها مع إسرائيل.

هذا بالطبع يقول محلل الشؤون الأمنية: "يؤثر أيضا على لبنان الذي يعيش في خضم أزمة سياسية عميقة بعد أن أجبرت السعودية رئيس الوزراء سعد الحريري الذي كانت أسرته قد حققت ثروة في السعودية، أن يستقيل. إذ تسعى الرياض إلى خلق حالة من الفوضى في لبنان من أجل ضرب إيران وحزب الله وتقليل الأضرار الناجمة عن التوسع الإيراني".

إجراءات الرياض حيال لبنان وموقف موسكو من التواجد الإيراني بسورية زاد المشهد تعقيدا، حيث أوضح ميلمان أن روسيا وعلى المستوى التكتيكي معنية بالتنسيق العسكري لمنع المعارك الجوية والاشتباكات العسكرية مع الجيش الإسرائيلي، وعليه فإنها على استعداد للتعاون مع إسرائيل، وستواصل القيام بذلك، بل وحتى تغض الطرف عن العمليات التي تنفذها إسرائيل بسورية، وهو موقف يدعم هجمات القوات المسلحة وسلاح الجو الإسرائيلي بقصف المخازن وقوافل الأسلحة لحزب الله. ولكن على المستوى الإستراتيجي، يقول ميلمان، فإن المصلحة الروسية هي تدعيم نظام الأسد مع إيران وتفضيل ذلك على المصالح الإسرائيلية".

علاوة على ذلك، فقد رفضت روسيا الموقف الإسرائيلي الذي عبر عنه رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو بالقول: "حتى لو قبلنا، بدون اعتراف علني، بوجود الإيرانيين في سورية، فسيتم إبعادهم على الأقل من حدودنا".

واليوم يشير ميلمان إلى حضور قليل جدا لأفراد وعناصر من "قوة القدس" والحرس الثوري وحزب الله من 5 إلى 10 كيلومترات من خط وقف إطلاق النار، ومستقبلا لربما سيتم إبعاد القوات حتى مسافة 20 كيلومترا، لكن أعداد القوات يزداد ويتضاعف.

وتابع المحلل الأمني: "لكن المشكلة هي أنه وفقا للاتفاق بين الأردن وروسيا والولايات المتحدة (الذي تغيبت عنه إسرائيل) لتحديد الوجود السوري الإيراني بتخوم خط وقف إطلاق النار، فإن صاحب القول الفصل والحاسم بالقرارات هي روسيا التي تشرف على تنفيذ الاتفاق، وبعبارة أخرى، تملي موسكو أيضا شروط الاتفاق وهي مسؤولة عن تنفيذه".

عمليا وفي ظل هذه المستجدات، فإن إسرائيل وحسب ميلمان تبدو أكثر عزلة من أي وقت مضى في الشرق الأوسط، لقد أتضح يؤكد المحلل الأمني أن روسيا ليست حليفا، على الرغم من جهود نتنياهو من التقارب من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لاسترضائه، وأيضا للولايات المتحدة بقيادة دونالد ترامب، التي لا تستطيع إسرائيل الاعتماد عليها، خاصة وأن ترامب يواصل سياسة سلفه، باراك أوباما، بالتخلي عن الشرق الأوسط والاعتراف بسورية كمحطة للنفوذ الروسي.

ووسط هذه المتغيرات، يرجح ميلمان أن السعودية كانت تريد من إسرائيل أن تشن حربا ضد حزب الله في لبنان، كما أرادت إسرائيل ضرب "التنظيم الشيعي" بشكل مكثف خلال حرب لبنان الثانية عام 2006.

ومع ذلك، يقول المحلل الأمني: "يمكن التقدير والجزم أن إسرائيل بهذه الحالة لن تراهن بدماء أبنائها للمصالح الأجنبية، كما عملت في حرب لبنان الأولى بغرض المساعدة في إقامة نظام ماروني مؤيد لإسرائيل، والذي انهار مع اغتيال مرشح الرئاسة السورية بشير الجميل. كما أن التعاون السري مع السعودية محدود أيضا. فالرياض غير ناضجة بعد لإقامة علاقات علنية مع إسرائيل، طالما لا يوجد أي تقدم على الساحة الفلسطينية".

انشر المقال على: